قصة شىء بيننا مشترك

الوحدة و الحزن و الخريف :

الحزن فى القلب نصل رهيف سموم الملل فى الدماء تسرى .. شمس الامال حجبتها سحائب الاكدار

– يا ويلى من هذا المساء المخيف

خطواتى هذيان على الطريق دون معنى

– ليتنى أعرف سببا لالامى

جند الخريف تحاصرنى باشواكها تخزنى و تلسعنى تخترم لحمى و عظامى و مع ذلك فانا لست ابالى

الاشجـار صوحت … عاقتها الاوراق و غادرتها الى الطريق … اوراق اخرى صفراء مازالت تتشبث بصدور الاغصان سوف تقطفها اكف الريح الهوج عن قريب

– انا متعب …. المسير اتعبنى لماذا اسير و لا هدف لى و لا طريق ؟ سوف اجلس على هذا المقعد الحجرى هناك ، اف المقعد الحجرى قد من الثلوج . صلب . بارد سأجلس لابد ان اجلس حالتى لا تسمح بسير طويل أنا لست ابالى

المجلة … وضعتها عن يسارى . الهواء الملعون بدأ يزحزحها …. بأسنانه المثلوجة يعض صفحاتها . اوراقها تئن ، طفل الغلاف يبكى و يتوجع حملتها وسدتها بين يدى – الا من تسلية فيك يا ايتها الصفحات .. كلمينى … شاب موثوق اليدين يقف خائفا … رجل وجهه لا يبين يمسك بمسدس صغير فى يده يصوبه الى رأسه كلمات تحتها ” فى فيتنام الايدى الاثيمة تنزع الحياة الثمينة ” ماذا بالله تعنى الكلمات ؟ انا لا اعيها ماذا فى الصورة من جديد لا شىء ابداً جديد ، طويتها المجلة

– سوف ألقيك بجانبى فكل شى يا عزيزتى سخيف طفل الغلاف ما زال يبكى … علام يبكى و كل الاطفال يبكون ؟ السيارات شياطين تجرى صوت البحر من خلفى يهدر قبضاته المرعبة تدق الصخور حتى انت يا بحر تريد الانفلات اذن فاضرب اضرب بكل قواك و عنفك فالكل ضارب و مضروب أضرب كل الليل و كل النهار اضرب فانا لست ابالى

فتاة على الطريق :

فتاة تبدو من بعيد خطواتها على الطريق متهادية مستانية شعرها الاسود الاثيث يرفعه عن راسها الهواء المجنون راحة يسراها تحط عليه تمنعه من حرب العبث مع الهواء صغيرة

– لماذا تسير وحدها مع الغروب و الخريف ؟ لتمضى وحدها ماذا يعنينى من امرها ؟ و انا مالى … كلا انها تمضى نحوى واعجبا !! كانها تعرفنى نظرات عينيها تلصقها على شخصى

– مساء الخير

– مساء النور

جلست على طرف المقعد اراحت حقيبتها على ركبتيها مسحت بيمناها على شعرها الذى تهدلت خصلاته ماذا تبغى بحق الاله ؟ انا مالى

الملل الفتاك يصارعنى الحزن صخور تتدحرج فى القلب اشعلت سيجارة دخانها الذى كان لذيذا لا طعم له و لا مذاق … صوت مذياع يرن فجاة من مكان لا ادريه ” اسقطت طائراتنا المقاتلة الاعتراضية صباح اليوم طائرة اسرائيلية من طراز سكاى هوك فوق القناة عند…….”

لــم اسمع تفاصيل النبأ بعد ذلك استغرقنى الذهول تماماً كل شىء بدا تافها و باهتا الرياح تكنس من تحت ارجلنا اوراق الاشجار البحر الهائج المجنون ما زال ينطح صخور الشاطىء و يصارعها ماذا لو اندفع كاسحا فى طريقه الاشياء وزحف على المدينة يخلع كل شىء فيها و يلتهمه ليت ذلك يكون ماذا يهمنى انا لست ابالى

– اذا سمحت المجلة من فضلك

– تفضلى

تناولتها من يدى انتهى الحديث عدت الى صمتى خروشة الاوراق تقتحم سمعى دبيب القرف فى نفسى اصغى اليه كل شىء يا رب سخيف ، التفتت الى صاحبتى فى حركة لم اقصدها عيناها تحدقان فى صورة الرجل الذى يصوب مسدسه الى رأس الفتى قبضت على نظراتى المتلصصة عليها ابتسمت

الحديث :

– هل ينوى قتله ؟

– قتله بالفعل

– فظيع فى اى بلد يحدث هذا ؟

– فى فيتنام

– و من هذا الرجل القاتل ؟

– امريكى

ابتسمت :

– ظننته اسرائيليا

– الشر واحد و الهدف واحد

– و لماذا الحرب دائما ؟

– …….

– يقولون اننا اسقطنا طائرة العدو

– نعم

حط طائر الصمت بيننا اجفلته بحديثها الجديد :

– البرد هنا شديد

– نعم

– يبدو ان شتاء هذا العام سيكون قاسيا

– هل تحسين بوخزاته ؟

– نعم

– و لماذا تتعذبين و لا تعودين الى بيتك و اسرتك ؟

حدجتنى بنظرات مصها الالم

– لانى وحيدة

اعتراف اراحنى يا للعذاب الذى به تتعذب !

– انا ايضا مثلك

اشرق وجهها بالابتسام

– موظف هنا حضرتك

– نعم

– من اى بلد؟

– من القاهرة

– هى مدينتى ايضا

ابتسمت لاول مرة منذ هذا الصباح السئيم ابتسم ..

لكن ماذا يعنينى من امرها لتكن هى من تكون انا لست ابالى

– الا تريد ان تتمشى قليلا ؟

– اذا لم يكن لديك مانع

خطواتنا على الطريق طرقات تدق قلبى افكر فيها زميلتى ابحث لها عن كلمات اقولها اللعنة ..اللعنة ماتت الكلمات فى دخيلتى صوتها يأتينى انقذينى من ورطتى انقذينى ..

– تسكن بعيدا من هنا …

– ليس بعيدا تماماً

– هل فى استطاعتنا الوصول اليه سائرين ؟

– نعم ..اذا اردت

ورطة . كارثة لا تفتأ المقادير ترمينى بالارزاء ماذا افعل الان ؟ انا لا اريدها لا اطيقها لو انها قابلتنى فى يوم غير هذا اليوم لرحبت بها اما ان تلقانى فى هذا المساء التعيس فامر لا ارتاح له كثيرا و لا قليلا

– انا هنا منذ العام الفائت

– و انا ايضا

ضحكت :

– اشياء بيننا مشتركة

” مقارنة قذرة كيف تقارن نفسها بى ” ؟

– مات ابى بالسكتة بعد ان تركت بيتنا مع رجل زين لى الطريق

” لماذا تسرد على مسمعى قصة حياتها او تعنينى فى شىء ؟ انا لست ابالى بحياتها و لكن ابى مثلها مات ايضا بالسكتة بعد نقلى الى هنا “

– مات ابى ايضا بالسكتة بعد نقلى بشهرين

– يا خبر حاجة عجيبة

تبسمت قلت لها :

– كما تقولين : اشياء بيننا مشتركة

ضحكت و امسكت بذراعى :

– صحيح و لكن لماذا لم اقابلك طوال هذه المدة ؟

– لقمة العيش انها تأكل الناس على الدوام

تنهدت و أطرقت و دفعت بقدمها حجراً صغيراً هذه الفتاة شدتنى اليها يخيل الى انها تفهمنى اتمنى ان اسير هكذا معها حتى الصباح ذراعها فى ذراعى نثرثر نضحك و لا اذهب الى العمل غداً ساقول لها اشياء عن نفسى و حياتى و ليتنى اقولها بمثل بساطتها

– لقمة العيش هى قيد الابد … من تحرر منها تحرر من كل القيود هى الحرية دونها كل الحريات

هزت راسها موافقة لعلها لا تفهمنى… هكذا يبدو صمتها

– صدقينى لقد كرهت هذا البلد اتمنى ان اعود اسعد الناس جميعاً سوف اكونه لو تخلصت من قيد الوظيفة انا احس هنا بضياع غريب

– انا الاخرى ضائعة

تعاستنا مشتركة العذاب بيننا واحد نظرت الى وذراعها ما زالت متعلقة بذراعى

– و لكنى لا استطيع ان اعود

المذياع يرن صوته من محل عصير قريب

” ادلى متحدث عسكرى ان طائراتنا المقاتلة الاعتراضية اسقطت صباح اليوم طائرة اسرائيلية ….”

– احسن

قلت على اثرها فى حماس حقيقى :

– لابد ان ننتصر

– ان شاء الله

– انتظرى ساشترى لك كوبا من عصير الفراولة

– لا

توقفت

– انا جائعة

– اذن انتظرى قليلا هنا ساشترى لك طعاما من هذا المحل هناك

الطعام :

خطواتى مهرولة… انا جائع مثلها…. ابتسمت …. شىء بيننا مشترك …. يا للاشياء الرائعة الجميلة …. اى حماس عجيب غمرنى الان ….. خرجت من المحل مثقل اليدين .. سيارة فارهة تقف بجوارها … اكاد اصعق قلبى بلغ حنجرتى .. الدماء تحترق فى راسى باب السيارة يفتح اللعينة تركب السيارة تنطلق الان وقفت مكانى اه يا رب هذا الطعام من يشاركنى فيه ؟ المجلة ما زالت فى يدى طفل الغلاف ما زال يبكى مذعورا علام يبكى ؟ لماذا عيناى تدمعان ؟ ايها الطعام المسكين الذى لم تمسسك بيديها : اختفى هنا فى احضان المجلة التى لمستها بيديها ….. صورة الرجل ذى المسدس دمائى تنزف فى دخيلتى ..دمائى …احزانى ….. متى افيق ؟

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات