قصة رسالة إليها(1)

وضع الخبز و قرطاس البيض على السرير اخرج من جيبه الرسالة

راح يقض غلافها بسرعة و بايد ارعشها الخوف من المجهول ….

اللهم اجعله خيرا يارب …الخطاب غريب ترى من ارسله الى ؟ فرد الرسالة …وجدها ورقة صغيرة مفصولة بعناية من كراسة اسرعت عيناه تركض على السطور…

فى لحظات انزلقت عليها نظراته و انتهت منها تنفس بارتياح يا سلام انا فى حلم ام فى علم يا اولاد امعقول هذا !! وضع الرسالة على المكتب اخذ يخلع ملابسه بفكر بعثرته البهجة . احس بخدر لطيف ينتشر كالعطر فى كيانه حاجة غريبة فعلا …لقد كتبت خطابى و لم اكن واثقا ابدا من الرد عليه ارتدى جلبابه بسرعة

عاد الى الرسالة من جديد قراها للمرة الثانية اعاد قراءة السطرين الاخيرين ثلاث مرات مسموعة متانية

” ….و ارجو ان تكتب لى عن حياتك بالتفصيل و عن هواياتك المفضلة و لا تنسى ايضا ان ترسل الى بصورة حديثة لك حتى اراك”..

تشبثت عيناه بهاتين الكلمتين ( صديقتك المخلصة ) . حدق فى الكلمتين بقوة كانه يحفظ رسم الحروف مسح بلسانه على شفتيه فى نشوة نسى الجوع تماماً

راح يفتش فى ادراج المكتب عن المجلة . لم يجدها…. يا للحظ اين وضعتها يا رب ؟ لقد كانت معى منذ يومين

فتش تحت اكوام الكتب و المجلات يعنى عفريت خطفها ..حاجة تجنن صحيح ، جلس على المكتب يائسا امسك بالخطاب مرة ثالثة بدا يقرأه ببط ء شديد و يامل حروفه باعجاب و ثمة دفء لذيذ ، يسرى فى عروقه ابتهاجا .

الخط ليس جميلا لكنه مع ذلك مقروء الاسلوب يعنى حتى لا نظلمها يمكن ان نحكم عليه من ناحية سنها يا اخى العظيم مقبول . مقبول يا انسة و لكن يبدو من كلامها انها مرحة …ما رايك ؟ طبعاً . لابد ان تمرح فسنها هى سن الشباب و المرح دق بكفه على المكتب لاحظ طرفها تحت الوسادة . نهض مسرورا

يا شيخة . انت هنا و انا قلبت عليك الدنيا كلها جذبها اليه اخذ يفر صفحاتها على عجل . نعم قف هنا . قف . و ثنى المجلة …فى صفحة ( بريد التعارف ) تطلع الى صورتها مبهورا كان شعرها ينسدل على كتفيها طويلا حملق فى عينيها . ابتسم ..و اسعتان . انا احب العينين الواسعتين . عظيم امسك بصفحة المجلة يا صغيرة . انت جميلة . جميلة بحق صحيح و الان استاذنك لمدة قصيرة لاتناول طعام غذائى …ثم اعود اليك بعد ذلك شبعانا و مرتاحا . عن اذنك يا صغيرتى …عندك المجلات تسلى بها ….ها هى امامك كومة هائلة تخيرى منها واحدة و تصفحيها حتى اعود اليك و الان استاذنك …خمس دقائق فقط لن ازيد عليها صدقينى

ساذهب . عن اذنك

غاب قليلا فى المطبخ ثم عاد ..لم اتاخر عليك كثيرا اليس كذلك ؟ جلس على الارض . امسك بالمجلة . نظر الى صورتها . تفضلى ..هى لقمة ليست على قد المقام عمرك فى المجلة 17 سنة ..اه ..انت عارفة كم عمرى انا ؟ …قدريه اذا كنت شاطرة ..لا تعرفينه ..طيب . طيب ..انا يا ستى عمرى 47 سنة …ارايت ؟

فارق السن بيننا رهيب ..اليس كذلك ؟ ..و لا يهمك فانت تعرفين ان السن لم يكن فى يوم من الايام عائقا ابدا يفصل بين قلوب البشر ..الحمد لله ..اكلنا يا ست و شبعنا . اسمحى لى مرة اخرى بعمل كوب من الشاى و اعدك ان اجلس اليك بعدها كما شئت . ساعة . ساعتين . ثلاثا …المهم ساجلس اليك حتى تحسين بالارهاق ما رايك …هل اعمل لك كوبا من الشاى معى ؟ .. لا تخجلى ..فانت صديقتى .. و البيت بيتك و الله ..ألست صديقتى ؟ انت قلت لى ذلك

دخل الى المطبخ يترنم باغنية مشهورة . عاد مرة اخرى . سامحينى . لقد تغيبت قليلا انت عارفة طبعا اننا فى اخر الشهر . هل تعرفين اخر الشهر ؟ !

جلس الى مكتبه . تطلع الى صورتها فى المجلة . ابتسم لصورتها . ساشرحه لك .. فانت لا تدركين فيما يبدو شيئا اسمه اخر الشهر … اخر الشهر يا ست عند الموظف معناه : ان كل شىء قارب على الزوال ، ان لم يكن بالفعل زال . يضحك . صدقينى . الطعام تنخفض نوعيته و ربما كميته ..يعنى كما تقول الرياضة

” هناك علاقة طردية بين النقود و كمية الطعام ” …اما انا فاقول : – مع سبق الاصرار و الترصد و ايضا كيفيته طبعا لقد رايتنى الان و انا اتناول طعام غذائى بيضا و الحلو شايا ..يتنهد بحزن بعيد عنك النقود شحت ..هل تصدقينى ان معى الان ثلاثة جنيهات حتى اخر الشهر . اللحم طبعا مؤجل حتى اول الشهر الجديد . يحتسى رشفه …الله . شاى جميل فعلا ..يقلب شفتيه هذا الملعون لن يكف عن شكايتى ابداً .. و لكن الدش الذى غسلته فيه اليوم كان يستحقه . اقسم بالله سألقنك درساً حتى تعرف من انا و تكف عنى لسانك الطويل ، انا تشكونى يا احط الموظفين . يدق بكفه على المكتب . اسف يا صديقتى العزيزة . اعذرينى لست ادرى لماذا تذكرت هذا اللعين و انت معى لقد ضايقنى اليوم ووشى بى عند المدير و قد طلبنى المدير بعد ذلك الى مكتبه و كان معى الدليل على اخلاصى فى العمل . ابتسم لى المدير ، و قال لى حصل خير ..ارايت ؟ ! ..المدير يبتسم مع انه – و حياتك عندى – لا يبتسم ابداً دخلت طبعا على الزميل المحترم و عيناك ما تشوف الا النور . نزلت فيه نزلة ” سودة ” يتكلم …يقدر يتكلم و الله يا عزيزتى لولا بعض الزملاء الذين حالوا بينى و بينه لربما ضربته او حتى قتلته انسان حقير – بعيد عنك – دنىء النفس متسلق قذر ..ماذا نفعل ؟ الدنيا ملانة بالشرور .

ابعد الله عنك كل الشرور

صدقينى – سأعترف لك – لقد عدت الى البيت يائساً محزوناً . كارهاً لكل الحياة ، و لولا خطابك هذا الذى اعطانيه عم حجازى البقال ، لامضيت كل يومى مهموما غضبانا . الحمد لله . ربنا ستر و لطف ، فانا و الله لا ينقصنى اى هم جديد ..يكفينى ما انا فيه ..يبتلع ريقه كغصة . طولت عليك ما علهش – تحملينى فلابد ان اشكو اليك ..ألست بصديقتى ؟! المهم ساهديك صورتى لتذكريننى على الدوام يفتح درج المكتب

يمسك بمظروف اصفر صغير . اه . ها هى ذى الصورة صورة قديمة التقطت لى و انا فى سن الثامنة عشرة اتقدم بها الى امتحان شهادة البكالوريا – يعنى الثانوية العامة على ايامكم …ما رايك فيها ؟ . شاب فى عمر الورد . اخر حلاوة

الشعر اسود . اجعد صحيح و لكنه مرجل بعناية و الشارب صغير . طويل . رفيع . كان نفسى ايامها ان اكبر بسرعة و اكون رجلا يضحك فى تحسر هذا الشارب هو الشعر الاول الذى بدا ينمو فوق شفتى ايامها . هيه ايام .. الانف . ليس جميلا .. لكنه ليس ايضا قبيحا .. حتى انظرى …المهم الوجه مقبول و اجمل ما فى الصورة …الابتسامة اللطيفة . اياك ان تقولى : لا تصلح لى فصورتك و صورتى لائقتان على بعضهما تماما . كاننا حبيبان ..هذه الصورة ساهديها لك يا ست . تذكارا لصداقة ووفاء سيدومان ان شاء الله على الابد .

شربت الشاى الان . اريد ان اسمع اغنية او قطعة موسيقية . هل تسمعين معى ؟ انت لا تمانعين طبعا اليس كذلك ؟ ينظر الى صورتها فى المجلة يبتسم . ينهض بخفة يفتح الراديو . يعود الى مكتبه ..يا سلام اغنية حب رائعة . تنسجم تماما مع النسيم الرقيق الذى نستنشقه معا …الا توافقيننى . يهز ساقه اليمنى اسمحى لى بعد ذلك ان اكتب اليك برسالتى الثانية ساعرفك بنفسى صادقا ، و لن اكذب عليك و الله بل ساجعلك تريننى كاننى فى الواقع فعلا . امسك بكراسة صغيرة امامه . وضع رجلا فوق رجل تناول القلم

تنتهى الاغنية فجاة . تدق الساعة معلنة الرابعة ينظر الى ساعته ياه ..لقد سرقنا الوقت يا عزيزتى ..ماذا اقول لك ؟ .. و لا يهمك ..انا شخصيا احس بالسعادة ، و انا فى محضرك ..لتهرول كل ساعات الارض كلها و لتنفصل ايضا عقاربها و هى تجرى ..فماذا يهمنى ؟ ! ينصت قليلا ” و قد اعلن اليوم وزير الدفاع الامريكى ، انه لابد للولايات المتحدة ان تتصدى لمحاولات الاتحاد السوفيتى التوسعية و من ناحية اخرى صرح …..” 

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات