قصة ذبح الدجاج(1)

* 1 *

تنهدت من اعماقها ، و تمتمت .

– أحان الموعد يا أحسان ؟ ما علهش ….راحت علينا يا خسارة …

ثم مسحتها بنظرة جانبية شاملة ، و هى تتجه الى المطبخ فرأتها تتألق فى ردائها الازرق الجديد و يداها تمسحان على شعرها الاسود الطويل ، فهزت رأسها متحسرة ، و اخذت تترنم بصوت خافت : ” اروح لمين ، و اقول يا مين ينصفنى منك ” و رفعت غطاء الاناء ، و نظرت ما فيه فراته يهدر و يفور فضمت شفتيها و نفخت بكل قوتها لتزيح البخار المتصاعد عن وجهها ، ثم مدت يمناها ، و اطفأت الموقد ، فساد السكون فجأة ، فقالت متأففة :

– صوتك مزعج يا شيخ ….يا ستار عليك

ثم تذكرت احسان فغسلت يديها ، و خلعت ميدعتها و علقتها على مشجب هناك ، و أسرعت الى غرفتها ، فهالتها أختها بروعتها و رشاقتها فراحت تترنم بأبتسام و أصابع يديها تطرقعان فى الهواء : ” جميل جمال ….مالوش مثال ”

– حذار و الا صدقتك ….

و رمقتها من جانب عينيها الواسعتين

– لا تصدقيننى …..أليس كذلك ؟ على اية حال انظرى الى المراة و ستعرفين حقاً صدق ما أقول ….انظرى ….

و امسكت براسها بين يديها فى رقة ، ووجهته الى المراة و قالت فى مداعبة مرحة :

– المراة تتحدث أحسن منى ، ماذا هى ” يا ست مراية ؟” ..

و ثنت رقبتها ، و ارهفت اذنيها ، و كانها تنصت حقا الى همس خفيض :

– هل سمعت ما تقوله المراة ؟

تضاحكت احسان ، و قد انصرف خجلها الى يديها فى مداعبة لا تعنى شيئا مع المشط

– و ماذا قالت المراة ؟

– تقول انك اجمل من الجمال و احلى من السكر

– لا يا شيخة …..

و حملقت فى المراة ضاحكة ، و كأنها تتحقق من حسنها و قد ألتمعت عيناها فى سرور يهيج و قلبها يخفق بين اضلعها خفق سعادة و ابتهاج

– فى نفس المكان يا احسان ؟

قالتها فوزية و هى تبتعد عنها بظهرها و يداها الكبيرتان الجافتان تصلحان من ملاءة السرير

– طبعا ….مكان السعادة لا يمكن ابدا تغييره

– اه يا شقية

ثم مستطردة :

– اذكرينا مع المحبوب

و التفتت اليها :

– هذا اذا لم تغب عنك الذاكرة طبعا…..

– اتعرفين يا فوزية ؟

و نظرت اليها محدقة و قد فرغت من زينتها :

– ما هى اجمل و اروع المنح الالهية للانسان ؟

– الجمال طبعا ….

– فى رأيى أنا ….الحب

– الحب ؟؟!!

– نعم – اه يا رب – انه لذيذ و رائع تحسينه فى كل كيانك فتشعرين بكل طيور السعادة تغرد لك و ترفرف من حواليك…

– لا يا شيخة ….و الله عال ….كل هذه الاشياء فى الحب

– و اكثر ….و اكثر يا فوزية ….احساس لذيذ ….

لا استطيع ان اصفه لك ابدا فلابد ان تحسيه حتى تعرفيه ….

– طيب يا ست احسان ….لقد تحولنا الى فلاسفة و شعراء على اخر الزمان …..

– سوف ادعو لك الان باحسن الدعوات

– ادعى يا شيخة ” ورانا ايه “

– يا رب امنح اختى فوزية الحب و الراحة .

– من قلبك يا احسان صحيح ؟

– من قلبى و الله يا فوزية ….صدقينى ….

و تمدد بينهما سكون صغير ، اجفله صوت الام هاتفا :

– يا احسان الفراخ ماتت من الجوع فوق …اطلعى اكليهم

دقت الارض بحذائها الصغير ….رفعت صوتها فى غضب تمثيلى :

– يا سلام يا ماما يا سلام …..يعنى اكل الفراخ ( حبك ) الساعة

ثم بصوت مرتفع :

– فوزية طالعة تأكلهم يا ماما

رن صوت أمها من جديد ….

– و أنت على دماغك الريشة الذهب ….أختك طول النهار تعبانة و تخدم فى البيت …..

– يا ماما ….انا خارجه اذاكر مع ليلى ….

ردت فوزية فى استسلام حسما لجدال عقيم ….تعرف فيه ان الدائرة ستدور و تقف عندها حتما

– انا طالعة ( ااكلهم ) يا ماما

– اشكرك يا فوزية ….يا احسن اخت فى الدنيا كلها

ثم استدارت نحو المراة . تلقى نظرة اخيرة على زينتها و يداها تتحسسان عجيزتها

– سأخرج يا فوزية ….

– مع السلامة يا حبيبتى ….

و أمسكت برأسها فى رقة ناعمة حتى لا تفسد عليها زينتها و قبلتها فى شفتيها ….

– متشكرة يا أحسن اخت ” باى ….باى ” …

* 2 *

نظرت حولها متنهدة أحست بضياع مخيف يلفها كدخان كثيف فشعرت من ثم بقلبها يغوص فى أعماق الحزن …

– يا رب …راحة القلب لاشىء أطلب سواها ….يا رب….

اتجهت الى النافذة . فتحتها . اطلت منها . كان الشارع طويلا كما لو كانت تراه لاول مرة ، يبدو غاصا بالناس و الحركة و السيارات تتزاحم فيه ، و تضج بأصواتها السخيفة ، و رأت اختها تكاد تتوه – هناك – وسط الزحام لكنها تابعتها بعينين فاحصتين و هى تتحرك بين الناس خفيفة كالقط تخطر فى مشيتها كما الغزال حتى انحنت الى شارع جانبى غيبها فى داخله فقالت فى نفسها و هى لم تزل ترتفق حافة النافذة :

– جميلة ….لكن ساقيها عجفاوتان

و مطت شفتيها ، و هزت راسها ، و غادرت مكانها من النافذة ، و توجهت الى المراة و كانها تذكرت شيئا قد غاب عنها و رفعت ذيل جلبابها القذر الى ما فوق ركبتيها و راحت تنظر خلفها الى ساقيها الممتلئتين و تتحسسهما فى اعجاب مشدوه و تقارنهما بساقى اختها ثم تبتسمت ، و قالت بصوت هامس :

– جميلتان ….يا فوزية ….رائعتان …لقد صدقت ايها الفتى يا من قابلتنى فى طريقى ، و مدحت سيقانى …انى مازلت احفظ كلماتك و لن انساها ( و الله اجمل ” رجلين ” ) … اجمل ” رجلين ” و اروع ساقين …صدقت …صدقت يا من لم ترك عيناى ، و لن تراك …. و انحنت الى المشط تلتقطه ، و راحت تصفف به شعرها المموج القصير و تغطى به اذنيها الكبيرتين ….ابتعدت عن المراة و اخذت تتحسس بيديها وجهها الشاحب الجاف الذى بدأ فى هذه اللحظة هادئاً مصفراً قالت تناجى نفسها :

– شعرى جميل ، و لو سمح ابى لذهبت الى ( الكوافير ) كما تفعل ابنة عمى ( مديحة ) و لرجعت عندئذ بأجمل تسريحة تذرى تماماً بشعر احسان …..ثم حدقت الى صورتها فى المراة ….و تابعت كلماتها :

– و مع ذلك فانا السبب ….فانا مهملة …..

و سكتت قليلا ريثما تبتلع ريقها ….

– ابدا ….فلو كنت امتلك مزيدا من الوقت لاهتممت بشعرى ، و قمت بتمشيطه فى كل ساعة كما تفعل احسان ….

و هزت راسها و استطردت فى هدوء ….

– ثم انى اتميز عنها فى ذات الوقت بميزة الطول و الحوض الواسع ، اللذين ينقصانها حقا ….

و لم تتوان و امسكت بردائها و ضمته من ناحية الوسط فبرز فى التو نهداها الكبيران ، و بان حوضها الضخم تحت خصر نحيل ، و التفتت الى الخلف تنظر بعينها جميعا الى ردفيها الثقيلين ، و قد استكانا فى دائرة مشقوقة ، أشبه شىء بكرة هائلة تتعلق فو قمة ساقيها الممتلئتين ….

– يخرب عقلك يا فوزية ( ايه الحلاوة دى يا بت )

و ضربت بكفها على ردفيها فى سرور :

– منك لله يا بعيدة …واقفة هنا قدام المراة و الفراخ فوق السطح تصرخ من الجوع …. يعنى لابد من تذكيرك كل ساعة يا فوزية ….يا ستار عليك يا شيخة …..و كانت هى امها دخلت الغرفة عليها فجأة و لمحتها تمعن النظر فى المراة و تتحقق من فتنتها و زفرت زفرة طويلة كما تفعل كل أم فى هذه اللحظات

– ربنا يرزقك بأبن الحلال….

ارتبكت ….اهتزت ….ظنت ان امها قد قبضت عليها و هى تفكر فى نفسها فخجلت و قالت بأستكانة :

– انا طالعة يا ماما ….طالعة

وضعت قدميها فى داخل الشبشب . توجهت الى المطبخ ، ثم غابت قليلا فيه و عادت تفتح باب الشقة ، فى ضجر غاضب ، حاملة بين يديها طعام الدجاج ، وراحت تصعد السلم فى تأن و ضيق ، حتى اذا أتمت صعودها ، وقفت تلهث و تتحسس ظهرها بيسراها ، و قالت تتنهد :

– يا تعبى كل يوم ….يا تعبى ….

و ما ان شاهدتها الدجاجات ، تحمل بين يديها طعامها حتى هرولت إليها صائحة تتقافز من حولها فقفزت ” احسان ” قفزة عالية ، تقصد الطبق الذى فى يدها بينما اسرعت ” فوزية ” فى اعقابها تجرى ، و تقفز نحوها هى الاخرى بينما ظل ” فؤاد و حمدى ” يتصايحان ، و يلفان حواليها فتضاحكت و راحت ترف الاناء و تخفضه فى مداعبة مرحة و الدجاجات تصيح و رؤوسها الصغيرة تلف و ارجلها القصيرة تحملها فى خفة وراء الاناء ، الذى يحاورها صاعداً ، هابطاً حتى تمكنت ” فوزية ” بقفزة رائعة منها ، أن توقعه على الارض فهبطت عليه كلها فى نهم جائع ، تزدرده فى سرعة ، و كأنها فى مسابقة حمى وطيسها . تجولت بعينيها فيما حولها ، فلمحت تحت قدميها عصا صغيرة ، انحنت اليها و التقطتها و راحت تعابث بها ” فؤاد ” الديك الاحمر الكبير ، و تضربه على عرفه الاحمر القانى ، فيجرى الديك منها صائحا لقد كان يحمل اسم اخيها الاكبر ” فؤاد ” و كانت الدجاجات كلها تحمل اسم كل فرد فى العائلة كما اسمتها امها و هى لم تزل كتاكيت بعد .

– آه يا مجرمة

قالتها بصوت مرتفع و مدت رجلها اليمنى و ركلت بها ” احسان ” الدجاجة السمينة ذات الريش البنى الجميل فوقع الديك الابيض ذو العرف الاحمر الكبير من على ظهرها و هو يصيح مبتعداً و كأنه يتوعد بينما جرت الدجاجة امامه ، تنزوى فى ركن بعيد ، تصيح و تقاقى و كأنها تستنكر

و اذ طال وقوفها . راحت تسلى نفسها بالنظر من فوق السطوح ، و تطل على الشارع الطويل المزدحم بالعربات و الناس بيد انها أحست بسأم هائل يسرى فى دمائها فينشر ألماً خفياً فى روحها ، حتى المناظر المألوفة التى اعتادتها و ألفتها كل يوم ، و التى كانت تحبها فيما مضى من الايام ، لم تعد كما هى الان و تمنت من صميمها لو تبدلت بغيرها و رفعت يدها بحركة لا تعنى شيئا سوى الضيق و السأم و شرد ذهنها بعيداً . ” كانت تعود اليها بعد ما تقابله ، و تحكى لها الساعات الطويلة عما دار بينهما من حديث حتى اللمسات الصغيرة بينهما لم تكن لتنساها ابداً فتقصها عليها بكل وقائعها و دقائقها ” .

– آه يا رب ….لماذا أفعمت قلبها بالفرح؟ ، و ملأت كأس حياتها بالحب حتى تشربها وحدها دهاقاً ….بينما أنا أظل أعيش بين أسرتى كخادم حبيس ، تعمل فى الصباح و المساء ، دونما شكوى أو ألم حتى الشهادة التى حصلت عليها بعد تعب جهيد ماذا أجدت على ؟ . نعم ما نفعك أنت يا شهادة الثانوية العامة يا من تقبعين فى صيوان ملابسى ، ورقة مسطورة بكلمات لاخير فيها …..أما انت يا احسان فمع انك لا تزالين تتمتعين بالكثير ، مما حرمت انا منه : تتمتعين بالنزق ، و الطيش مع اننى لا اكبرك – و الله – الا بثلاثة اعوام …..انت فى السابعة عشرة و انا فى العشرين و مع ذلك فأنا أختك الكبيرة – الكبيرة جداً – و تحمر عيناك لتحصلى على ما تريدين ….أما أنا فكيف ابكى و انا كبيرة عيب على البكاء …..لماذا ؟ لاننى كبيرة …..” عيب يا بنتى انت كبيرة ” هذه كلماتك يا أمى ….انا كبيرة فعيب على البكاء ….أأنا كبيرة ؟ سامحتك رحمة الاله يا ست ماما …ثم انك يا احسان قد اعفتك اسرتنا العادلة كثيراً من اعمال البيت التى سخرت انا لها تماماً ، اما عن خروجك فما اكثره …..لارقيب عليك ، و لا حسيب …اما انا فلماذا اخرج؟ ، و ربما يأتى ابى و سيادته يحتاج الى ابداً ….لماذا ؟ لاعمل له قهوته . ثم انت يا احسان تحبين فتى جامعياً ، سيتخرج عن قريب : وسيم و غنى و من عائلة ….آه يا احسان حياتك حظ ، فحظ ، اما قلبى فيزيد ان يخفق و لكن الاحزان قد باتت جزءا من دمائه فهو ابدا ينوء بالهم حتى ” شاكر ” أخ صديقتى ( عفاف ) تودد الى فرددته عن نفسى بغبائى الاحمق فما عاد و ما رانى الا ويلقانى بخشية و احترام

الناس تحترمنى لانى جادة و لكنى سئمت الاحترام اريد ان اكون مثلك يا احسان ….مثلك انت ايتها الطائشة يا من تحملين فى نفسك الفجور ”

– فوزية ….يا فوزية …

وردها النداء الزاعق ، مسرعا الى نفسها ، فقالت بصوت خافت مكروب :

– ابى حضر و يريد قهوته ….انا اعلم ذلك علم اليقين فنداؤك لى يا ست ماما لا يعنى الا شقائى و تعبى كلكم – يا ايها الظالمون – تستريحون لاتعب انا

و مسحت عبراتها بيديها

و قالت امها ، و هى تهبط السلم :

– لماذا تغيبت فوق ؟

– كنت اتفرج من فوق السطوح …..

– طيب تعالى اعملى القهوة لــ …

قاطعتها بمرارة :

– بابا حضر

– نعم

فجمجمت فى نفسها ساخطة ….

– ينقصنى بعد ذلك ان اعلق فى ساقية لاديرها و اروى بها ارض اسرتى الظالمة

و جاء صوت والدها و هى فى المطبخ يناديها …

– يا فوزية ….بنت يا فوزية …

– الرحمة يا ناس ….انا انسانة مثلكم و الله ….

ثم بصوت مرتفع ….

– نعم يا بابا ….

و كانت تبكى ….و اقبلت اليه بخطوات مهرولة فراته جالسا على الاريكة بجلبابه الاخضر و منظاره فوق انفه بينما جلست امها عن يمينه فى استرخاء مريح و قد انسكب هدوء هائل على وجهها الابيض

– احضرى قلما و ورقة لاكتب خطابا لاخيك فؤاد

و علقت امها قائلة :

– اه و النبى ” دا غيابه ” طال و اشتاقت نفسى لرؤياه ….

حدقت فيها مليا ….” هذه انا : خادم …..خادم ” ….

و دخلت غرفتها و رجعت اليه بقلم و ورقة

و قالت امها :

– لا تنسى ان تقلى البطاطس بعد القهوة

قال ابوها و هو يحدجها ببصر حديد من خلف منظاره :

– انت غبية يا بنت ، كيف اكتب و ليس هناك ” ما اسند ” عليه

و قالت امها :

– دعها تلاحظ القهوة لئلا تفور

– طيب ( غورى ) و انا اكتبه فى غرفتكم

و ارتدت الى المطبخ ساخطة و اعماقها تمور بغضب حبيس امسكت بيد الكنكة الخشبية ، و نظراتها الحزينة تطفو على سطح القهوة الذى اخذ يتعالى الان وئيدا فى صمت …. حتى اذا كادت تفور ….رفعتها عن راس الموقد المستعر وصبتها فى كوب صغير و ذهبت بها الى ابيها ثم عادت مرة اخرى الى المطبخ تقشر حبات البطاطس

– يكتب الخطاب فى غرفتنا

و قطب جبينها كانها تذكرت شيئا……

– يا خبر ربما يفتش بين الكتب فيكتشف الصورة اللعينة ، فتقع الطامة ….و لكن ….لا

و اسرعت الى غرفتها و انتزعت الصورة من تحت الكتب المرصوصة و خبأتها تحت مرتبة السرير ، و عادت الى المطبخ مسرعة ….بيد ان فكرة عجيبة ومضت فى رأسها فجأة و جعلتها تسرع الى غرفتها مرة ثانية ، و قالت لنفسها فى صوت مبتهج مسموع :

– أعظم فكرة و الله …..يا سلام ….أما أنا بنت صحيح

ثم ضربت بيدها على جبينها مشجعة و ابتسمت فى سرور ، و نظرت حواليها و اخرجت الصورة بخفة و امسكتها بين كفيها و راحت تلقى عليها نظرة أخيرة فاحصة متمعنة

كانت الصورة ( كارت بوستال ) لأختها و حبيبها و قد وقفا متجاورين فى ابتسام و يداهما متلامستان فى حب و كان هو واقفا وسيما عليه سيماء الرجولة بينما وقفت اختها بجانبه و الفرحة تطل من وجهها المعبر الجميل ….

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

تعليقات