Skip to main content
search

يا صاحِ قُم فَاِسقِني بِالكَأسِ إِعرابا

وَلا تُطِع عاقِباً فينا وَعَقّابا

إِنَّ الهَوى حَسَنٌ حَتّى تُدَنِّسَهُ

فَاِطلُب هَواكَ سَتيراً وَاِرعَ أَحبابا

وَاِحفَظ لِسانَكَ في الواشينَ إِنَّ لَهُم

عَيناً تَرودُ وَتَنفيراً وَإِلهابا

لا تُفشِ سِرَّ فَتاةٍ كُنتَ تَألَفُها

إِنَّ الكَريمَ لَها راعٍ وَإِن تابا

وَاِسعَد بِما قالَ في الحِلمِ اِبنُ ذي يَزَنٍ

يَلهو الكِرامُ وَلا يَنسَونَ أَحسابا

جَدُّ اِمرِئٍ جارَهُ مِن كُلِّ فاضِحَةٍ

فَاِنهَض بِجَدٍّ تَنَل جاهاً وَإِكسابا

قَد شَفَّني حَزَنٌ ضاقَ الفُؤادُ بِهِ

وَسَرَّني زائِرٌ في النَومِ مُنتابا

باتَت عَروساً وَبِتنا مُعرِسينَ بِها

حَتّى رَأَينا بَياضَ الصُبحِ مُنجابا

وَقائِلٍ نامَ عَن أَسماءَ شاكِيَةً

لا نَوَّمَت عَينَهُ إِن كانَ كَذّابا

ما زِلتُ في الغَمِّ مِن وِردٍ يُقَلِّبُها

كَأَنَّني فيهِ لا أَلقى لَهُ بابا

بَل كَيفَ أُسقى عَلى الرَيحانِ مُتَّكِئاً

وَقَد تَعَلَّقتُ مِن أَسماءَ أَسبابا

عادَ الهَوى بِلِقاءِ الغُرِّ مِن جُشَمٍ

يَمشينَ تَحتَ الغَمامِ الغُرِّ أَترابا

عُلِّقتُ مِنهُنَّ شَمسَ الدَجنِ أَو قَمَراً

غَدا لَنا لابِساً دِرعاً وَجِلبابا

لا أَشتَهي بِهَواهُ جَنَّةً أُنُفاً

وَلَو تَدَلَّت لَنا تيناً وَأَعنابا

لِلَّهِ دَرُّ فَتاةٍ مِن بَني جُشَمٍ

ما أَحسَنَ العَينَ وَالخَدَّينِ وَالنابا

تُريكَ في القَولِ جَشّاباً وَإِن ضَحِكَت

أَرَتكَ مِن ثَغرِها المَثلوجِ جَشّابا

بَدا لَنا مَنظَرٌ مِنها اِعتَبَرتُ بِهِ

وَشاهِدُ المِسكَ يَلقي الأَنفَ ما غَابا

قَد زُيِّنَت بِالمُحَيّا صورَةً عَجَباً

وَزانَها كَفَلٌ رابٍ وَما عابا

إِذا رَآها نِساءُ الحَيِّ قُلنَ لَها

سُبحانَ مَن صاغَها يُغرِقنَ إِطنابا

كَأَنَّما خُلِقَت مِن جِلدِ لُؤلُؤَةٍ

نَفساً مِنَ العِطرِ إِن حَرَّكتَها ثابا

يَطيبُ مِسواكُها مِن طيبِ ريقَتِها

وَإِن أَلَمَّ بِجِلدٍ جِلدُها طابا

تِلكَ الَّتي أَرجَلَتني بِالهَوى سَنَةً

وَكُنتُ لِلمُهرَةِ الحَسناءِ رَكابا

لَم أَنسَها طالَعَت مِن تَحتِ كِلَّتِها

فَأَعلَقَت عامِرِيّاً بَعدَ ما شابا

يا أَسمُ جودي بِمَعروفٍ نَعيشُ بِهِ

وَلا تَكوني لَنا حَرباً وَأَوصابا

وَاللَهِ أَنساكِ يا أَسماءُ ما طَرَفَت

عَيني وَما قَرقَرَ القُمرِيُّ إِطرابا

بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الإفتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024