Skip to main content
search

يا حُبَّ عَبدَةَ قَد رَجَعتَ جَديدا

ما كُنتُ أَحسَبُ هالِكاً مَوجودا

لِلَّهِ دَرُّكَ مِن خَليطٍ شاعِفٍ

هَل يَنفَعَنَّكَ أَن أَبيتَ عَميدا

إِن كانَ في طولِ الصَحابَةِ عِبرَةٌ

فَلَقَد صَحِبتُكَ شائِباً وَوَليدا

ما في اِتِّباعِكَ إِن تَبِعتُكَ راحَةٌ

وَلَئِن فَقَدتُ لَأَفقِدَنَّ مَجودا

راجَعتُ مِن كَلَفٍ لِعَبدَةَ دَيدَناً

لا أَستَطيعُ بِهِ القِيامَ وَحيدا

وَذَكَرتُ مِن رَمَضانَ آخِرَ لَيلَةٍ

طَلَعَت كَواكِبُها عَلَيَّ سُعودا

إِذ نَلتَقي حَلَقاً وَنَستَرِقُ الهَوى

سَرقَ العَفاريتِ السَماعَ مَذودا

فَكَأَنَّنا عَسَلٌ بِماءِ سَحابَةٍ

بَعدَ التَفَرُّغِ بِالأَناةَ أُعيدا

وَغَداةَ تَرمُقُها الوُشاةُ سَأَلتُها

عَلَلاً فَلَم تَجِدِ الفَتاةُ مَزيدا

خافَت وَعيدَهُمو فَقُلتُ لَها اِسلَمي

ما خافَ مِن قَمَرٍ سِواكِ وَعيدا

وَإِذا تَعَرَّضَ ذِكرُها كاتَمتُهُ

وَكَفى بِأَدمُعِيَ السِجامِ شُهودا

وَيَلومُني الصَلِفُ الخَلِيُّ وَإِنَّما

بَكَرَت وَساوِسُها عَلَيَّ وُفودا

وَكَأَنَّني رَحِلٌ أَضَلَّ رُقادَهُ

عانٍ تُطيفُ بِهِ الهُمومُ جُنودا

وَلَقَد حَسَدتُ عَلى عُبَيدَةَ عَينَها

عَجَباً خُلِقتُ لِما أُحِبُّ حَسودا

وَثَقيلَةِ الأَردافِ مُخطَفَةِ الحَشا

مِثلِ الغَزالَةِ مُقلَتَينِ وَجيدا

قامَت تُوَدِّعُني فَقُلتُ لَها قِري

قَد كُنتِ نائِيَةً وَكُنتُ بَعيدا

لا تَعجَلي نَصِلِ الحَديثَ بِمِثلِهِ

لا خَيرَ في شَرعِ الفَتى تَصريدا

قالَت وَكَيفَ بِما تُحِبُّ مَعَ العِدى

شَبَّت عُيونُهُمو عَلَيَّ وَقودا

ذوقي عُبَيدَ كَما أَذوقُ مِنَ الهَوى

إِن كُنتِ صادِقَةَ الصَفاءِ وَدودا

إِنَّ المُحِبَّ يَذوبُ مِن مَضَضِ الهَوى

دونَ السَرابِ وَلا يَكونُ حَديدا

بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الإفتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024