إقامةٌ دائمةٌ

الإقامةُ في اللُّغةِ: المكثُ والعيشُ في مكانٍ ما، مصدرٌ من الفعلِ الرُّباعيِّ أقامَ، وفي الاصطلاحِ: الإقامةُ أنواعٌ، منها إقامةُ الصّلاة ِبعد الأذانِ، ومنها الإقامةُ في الوطنِ، أيِ العيشُ فيه.

والإقامةُ أشكالٌ حسبَ الظُّروفِ، فمِنْها إقامةٌ دائمةٌ في مكانِ الاستقرارِ، ومنها إقامةٌ في بلادِ الاغترابِ طلباً للرِّزقِ ولقمةِ العيشِ، ومنها إقامةٌ في المنفى لأسبابٍ سياسيّةٍ.. إلى غيرِ ذلك من الأنواعِ والأشكالِ.

وفي اصطلاحِ علمِ الدُّولِ، استُخدمت كلمةُ إقامةٍ في دوائرِ الهجرةِ والجوازاتِ؛ للدِّلالة على مكانِ الإقامةِ، وهي تأشيرةٌ تُمنحُ للمسافرِ بعد تأشيرةِ الدّخولِ إلى بلدٍ ما، تُمنح للمهاجرِ بعد إيجادِ فرصةِ العملِ، وتنتهي هذه الإقامةُ وتُجدَّدُ حسبَ نظامِ كلِّ بلدٍ.

وفي الدّولِ الغربيّةِ تتطوَّرُ الإقامةُ بعد ثلاثِ أو خمسِ سنواتٍ إلى نيلِ جنسيّةِ البلدِ المضيفِ، ويتمتَّعُ الضَّيفُ، بعد أن يصبحَ مواطناً، بالحقوقِ ذاتِها التي يتمتَّعُ بها المواطنُ الأصليُّ.

أمّا في البلادِ العربيّةِ، ولا سيَّما في دولِ النِّفطِ، فالجنسيّةُ حلمٌ يحلمُ به المواطنُ العربيُّ، بل يُعدُّ أجنبيّاً، ويُعاملُ على هذا الأساسِ، في حين أنَّ المواطنَ الغربيَّ الذي نقولُ عنه في عُرفِنا الاجتماعيِّ: إنّهُ أجنبيٌّ؛ لأنّه لا يتكلَّمُ العربيّةَ، فهو غيرُ أجنبيٍّ، ويتقاضَى رواتبَ تزيدُ على رواتبِ المواطنين الأصليّينَ؛ لأنّه محترمٌ في بلادِه، فيُفرضُ فرضاً على هذه البلادِ، ويُعامَلُ معاملةَ احترامٍ وتقديرٍ تفوقُ معاملةَ المواطنِ أو الوافدِ العربيِّ بمئاتِ المرّاتِ.

فالويلُ الويلُ لمن يسيءُ إلى هذا الإنسانِ الغربيِّ! لأنَّ الأساطيلَ البرّيّةَ والبحريّةَ والجوّيّةَ في أُهبة الاستعدادِ لردِّ الإساءةِ بالقاذفاتِ والصّواريخِ والبوارجِ الحربيّةِ.

أمّا العربيُّ فالويلُ كلُّ الويلِ له إذا هو أساءَ أو أخطأَ في التّصرُّفِ! فقد روَى لي أحدُ الزُّملاءِ، وهو مدرِّسُ اللُّغةِ الإنكليزيّةِ، أنّه كان في صحبةِ مدرِّسٍ آخرَ في المجالِ عينِه، كانا يرافقانِ فتاتينِ أجنبيَّتينِ، وفي الطَّريقِ كان أحدُهما يقبِّلُ فتاةً، وفجأةً حضرَت دوريّةُ الشّرطةِ فأوقفتْهم، وعندما طرقَ الشُّرطيُّ نافذةَ سيّارتِهما، نظرَ إليه المدرِّسُ الآخرُ، وكانت ملامحُ وجهِه تُوحي بأنّه ألمانيٌّ أو إنكليزيٌّ، فقالَ للشُّرطيِّ باللُّغةِ الإنكليزيّةِ: (تفضَّلْ، ما الأمرُ؟)، فردَّ الشُّرطيُّ قائلاً: آسفٌ.. آسفٌ، ظانّاً أنّها أجنبيّانِ، ولو عرفَ أن الشَّابّينِ عربيّانِ، لحُلقَ شعرُهما وأودِعا السّجنَ، ثمّ تمَّ ترحيلُهما على الفورِ.

وأنا أرى الحكمَ منطقيَّاً إذا ما قِيسَ بأعرافِنا وشرائِعنا ومعتقداتِنا: (إذا ابتُليتُم بالمعاصِي فاستتِروا) حسبَ ما جاءَ في الحديثِ الشَّريفِ، باعتبارِ أنّ القُبلةَ عندَنا معصيةٌ للخالقِ ومحرّمةٌ في الشَّارعِ، أمَّا الأجنبيُّ فالقبلةُ عندَه كالمصافحةِ عندَنا، وأكبرُ مثالٍ على ذلك أن الرُّؤساءَ العربَ يُكثرونَ من قبُلاتِ زوجاتِ الرُّؤساءِ الغربيِّينَ تعبيراً عن احترامِهم وذوقِهم الرَّفيعِ، بينَما ينحنُونَ بالمصافحةِ أمامَ أزواجِهم الرُّؤساءِ تعبيراً عن التّواضعِ والخشوعِ والحياءِ!

إنَّ أمورَ الجنسيّةِ والمواطنةِ مشكلةٌ متعدِّدةُ الأشكالِ في الدُّولِ العربيَّةِ، إذ نجدُ مَن يحملُ الجنسيّةَ الأصليّةَ من سكّانِ البلدِ الأوائلِ، ويأتي في المرتبةِ نفسِها أناسٌ من أصولٍ مختلفةٍ استطاعُوا أن يُلحِقوا تاريخَهم بتاريخِ هذه الدّولِ وأن ينالُوا شرفَ جنسيتِها، مع أنّ معظمَ هؤلاءِ ليسوا من العربِ، وبعضُ النّاسِ جاؤوا إلى هذه البلدانِ منذ سنواتٍ عديدةٍ، فحملُوا جوازَ البلدِ الّذي حلُّوا فيه دونَ جنسيتِه، يُضافُ إليهم أعدادٌ هائلةٌ من الآسيويّينَ كالهنودِ والباكستانيّينَ والفلبينيّينَ وغيرِهم، وهؤلاءِ لا يحقُّ لهم أن يحملُوا الجوازَ أو الجنسيةَ، ثم تليهِم فئةُ العربِ من البلدانِ العربيّةِ، ويُعامَلون معاملةَ الأجانبِ.

ومن القصصِ المحزنةِ أنّ أناساً دخلُوا بلداً خليجيّاً بتأشيرةِ زيارةٍ، وهم من أصولٍ إيرانيّةٍ وعربيةٍ وفلبينيةٍ، فأجبرتْهم قوانينُ البلدِ على تجديدِ تأشيراتِهم بعد شهرينِ، أو تحويلِ بعضِها من تأشيرةِ زيارةٍ إلى تأشيرةِ إقامةٍ، فركبُوا طائرةً إيرانيةً متهالكةً من عهدِ الشّاهِ؛ ليطيرُوا بها من سماءِ ذلك البلدِ إلى سماءِ جزيرةٍ إيرانيةٍ (شاهنْشَاه)؛ لأنَّ قانونَ البلدِ لا يسمحُ بتعديلِ تأشيرةِ الزيارةِ إلى إقامةٍ أو تجديدِها إلا بعدَ المغادرةِ إلى بلدٍ آخرَ.

انطلقَت بهمُ الطّائرةُ، وحلّقتْ فوق جزيرةِ (شاهنشاه)، ثمّ عادَت ودخلتْ سماءَ ذلك البلدِ العربيِّ، وقبلَ الوصولِ إلى المطارِ بدقائقَ، حدثَ خللٌ فنيٌّ في محركاتِ الطّائرةِ، فهوَت من السّماءِ لتتحوّلَ إلى حطامٍ تلتهِمُه النّيرانُ على الأرضِ، وكان سـقوطُها فوق منطقةٍ سكنيّةٍ أمراً محتَّماً، لكنَّ الطيّارَ البطلَ آثرَ الموتَ على الرّمالِ، لا فوقَ أرواحِ البشرِ، فقادَ الطائرةَ إلى منطقةٍ رمليّةٍ بعيداً عن الأحياءِ السّكنيّةِ المجاورةِ.

ولم ينجُ من الكارثةِ إلا طفلٌ ورجلٌ، أما بقيّةُ الجثثِ وعددُها أربعٌ وأربعون جثّةً، فقد تفحّمَت، وصار من المستحيلِ معرفةُ شخصيّةِ أو هُويّةِ أصحابِها.

ومن الطّرائفِ الغريبةِ التي تبعتِ الحادثةَ أنّ شرطةَ المطارِ التي كانتْ وجهةُ الطّائرةِ المنكوبةِ إليها اتَّصلتْ هاتفيّاً إلى أحدِ زملائي السُّوريّين وكان من مدينةِ المعرّةِ:

– السلامُ عليكم، الأستاذُ فلانٌ؟ معكم شرطةُ المطارِ!

– وعليكمُ السّلامُ، نعمْ تفضّلُوا.

– هل من الممكنِ أن تشرِّفَنا إلى المطارِ حالاً؟

– خيراً إن شاءَ اللهُ! نطلبُ مساعدَتَك للتعرُّفِ على جثّةِ الشّابِ (غريب المعرّاوي) أحدِ ضحايا الطّائرةِ المنكوبةِ؟

– أنا لا أعرفُه جيّداً بالشّكلِ! ليتَكم تتّصلُون على أحدِ أقربائِه!

(وتجولُ الخواطرُ في ذهنِ الأستاذِ ويترحَّمُ على الشّابِ، ويتذكَّرُ موقفاً محرجاً له مع الشَّرطةِ بسببِ قضيّةٍ عاديّةٍ لكنَّها مشبوهةٌ، دفعتْ بالأستاذِ إلى إنكارِ معرفتِه بالشّابِّ).

لكنّ القدرَ يحملُ مفاجآتٍ عجيبةً، ربّما تتكشَّفُ في الأزمانِ القادمةِ، فيكونُ وقعُها مضحِكاً مبْكياً!

في رحلةٍ قادتِ الأستاذَ إلى بيروتَ للسّياحةِ، وفي أحدِ المتنزّهاتِ تمتدُّ على عينيهِ يدانِ قويَّتانِ ساخنتانِ؛ لتُغمِضَ عينيهِ!

– من خفيفُ الدّمِ الذي يمُازِحُني؟

– احذرْ ولك جائزةٌ ثمينةٌ!

– ليس الصّوتُ غريباً! ولكنْ..

– ولكنْ ماذا؟

– هل تذكَّرتَ ذلك الاتّصالَ من العميدِ فلانٍ من شرطةِ…

– (انبهرَ الأستاذُ): اسحبْ يديكَ أنا لا أصدِّقُ!

– لماذا لا تصدِّقُ؟

– أنت متوفَّى! ما الذي جاءَ بكَ إلى هنا!

– القدرْ! والتفتَ نحوَه.. وكانتِ الدَّهشةُ والفرحةُ وتبادلُ القُبلاتِ!

– ولكنْ أخبرْني كيف حدثَ ذلك، وقد اتَّصلتْ بي شرطةُ المطارِ لتعرُّفِ جثَّتِك.. لكنّني بصراحةٍ خفتُ أن تكونَ وراءَك قصّةٌ أخرى حتى بعدَ وفاتِك فأبيتُ الأمرَ!

– أنا شقِيٌّ كما تعلمُ.. كنتُ قد حجزتُ تذكرةَ السّفرِ على متنِ تلك الطّائرةِ.. لكنّني تأخّرتُ عن موعدِ إقلاعِها بسببِ انشغالي بالجميلاتِ.. فأقلعتِ الطّائرةُ ونجوتُ من الموتِ..

– يا الله ما أعظمَ قدرتَك! وماذا تفعلُ في بيروتَ الآنَ؟

– أصبحتُ وكيلاً لأعمالِ العميدِ الذي اتّصلَ عليك مهدِّداً؛ بسببِ إجراءِ مكالمةٍ من هاتفِك إليه أثارَت غضبَه!

– فعلاً إنّك شيطانٌ خبيثٌ!

– أنا ديكٌ يعرفُ على أيِّ مزبلةٍ يصيحُ!

ممّا سبقَ ندركُ أنّ القدرَ كتبَ عمراً جديداً للشّابِّ المعرّاويِّ، لكنّه اختطفَ أعمارَ ركّابِ الطّائرةِ، ومنحَ أجسادَهم إقامةً دائمةً، حيثُ حرمتْهم إياها قوانينُ البشرِ.

لقد حرمتِ القوانينُ الوضعيّةُ هؤلاء الأبرياءَ من تعديلِ تأشيراتِ زيارتِهم إلى إقامةٍ، لكنّ إرادةَ اللهِ شاءَت أن ينالُوا في ذلك البلدِ إقامةً دائمةً، فهبطَ عزرائيلُ من السّماءِ؛ ليمنَحهم إقامةً أبديّةً على ثرى ذلك البلدِ المقدَّس، إقامةً لا تحتاجُ إلى تجديدٍ أو تحليلِ دمٍ؛ لمعرفةِ الأمراضِ السّاريةِ، ومنحِ بطاقةٍ صحّيّةٍ للأشخاصِ الخاليةِ أجسادُهم من تلك الأمراضِ.

فمَن أرادَ الحصولَ على إقامةٍ دائمةٍ في بعضِ الدُّولِ العربيّةِ، فما عليه إلّا أن يحلِّقَ في الجوِّ على متنِ طائرةٍ متهالكةٍ، كتلك الّتي هوَتْ، وفي غضونِ ساعاتٍ أو دقائقَ ينالُ إقامةً دائمةً غيرَ قابلةٍ للتّجديدِ، مختومةً بخاتمِ عزرائيلَ عليه السّلامُ.. وسلامٌ على تلك الأرواحِ البريئةِ التي قتلتْهم قوانينُ الغباءِ والأنانيّةِ البغيضةِ.

وتحضرُني هنا نكتةٌ مضحِكةٌ في ظاهرِها، مُبكِيةٌ في جوهرِها! ذاتَ يومٍ دخلَ ضابطٌ مواطِنٌ ليصلِّيَ صلاةَ الظُّهرِ في أحدِ المساجدِ، وجلسَ بين المؤمنينَ الذين ينتظرونَ إقامةَ الصّلاةِ.. ونظرَ إلى يمينِه وكان إلى جوارِه رجلٌ هنديٌّ، فسألَ الضابطُ العاملَ الهنديَّ المسكينَ: كم باقٍ للإقامةِ؟ (وكان يقصدُ إقامةَ الصّلاةِ)؟ فأجابهُ الهنديُّ: (تنين شهر أرباب) – شهرانِ. (وكان تفكيرُه منحصراً في تأشيرةِ الإقامةِ وليس في إقامةِ الصّلاةِ)! فضحِكَ الضّابطُ والحاضرون مليّاً! وكان إمامُ المسجدِ مصريّاً فقال: (إحْنا فين وأنت فين يا عمي الحسين؟! اللهُ أكبرُ.. اللهُ أكبرُ.. وانتهى حديثُ الإقامةِ.

ويتبادرُ إلى ذهنِي أسئلةٌ كثيرةٌ حولَ قوانينَ وضعيّةٍ جمّةٍ سنَّتها عقولُ البشرِ، لا تخدمُ البشريّةَ بقدْرِ ما تُعرقلُ حركةَ التّقدُّمِ والحضارةِ والرُّقيِّ ورفاهيةِ الإنسانِ.

وفي هذا الصددِ يقفُ المرءُ، والألمُ يعتصرُ جوارحَه، أمامَ حقائقَ مُرّةٍ، ولا سيّما إذا ألقَى الضَّوءَ على بعضِ القوانينِ الخشبيّةِ التي أكلَ الدّهرُ عليها وشـرِبَ في معظمِ البلدانِ العربيّةِ، منها ما يتعلَّقُ بالقضاءِ، ومنها ما يتأطَّرُ ضمنَ علاقاتِ السّياسةِ والاجتماعِ والاقتصادِ. والأمثلةُ الواقعيّةُ أكثرُ من أن يُحيطَ بها عدٌّ أو إحصاءُ، ولا أدلَّ على ذلكَ من نظرةٍ واحدةٍ إلى طوابيرِ البشرِ أمام سفارةٍ أو قنصليّةٍ أو محكمةٍ أو أيِّ دائرةٍ حكوميّةٍ أو مدنيّةٍ أو مؤسّسةٍ استهلاكيّةٍ أو مخبزٍ، أو فرعٍ من فروعِ الأمنِ عظَّمَ اللهُ سرَّها.

فالفوضَى وشريعةُ الغابِ هي السِّمةُ الغالبةُ في كثير ٍمن البلدانِ العربيّةِ نتيجةَ القوانينِ المطّاطةِ أو الخلَّبيّةِ أو الخشبيّةِ التي لا تتناسبُ وحركةَ المجتمعِ وتطوُّرَ الحياةِ، وأحياناً تنتجُ الفوضَى عن جهلِ المجتمعِ أو تجاهلِه للقوانينِ التي وُضعت من أجلِ راحةِ أو سلامةِ النَّاسِ.. وما أكثرَها!!

أمّا في الغربِ فالقوانينُ أعرافٌ مقدَّسةٌ يخضعُ لها الرُّؤساءُ والملوكُ والخاصّةُ والعامّةُ، الكبيرُ والصّغيرُ، فلا أعشاشُ عناكبَ تعصِفُ بها الطّيورُ الكبيرةُ، وتكونُ مصيدةً للحشراتِ الصّغيرةِ، وليستِ القوانينُ شعاراتٍ تُكتبُ على الجدرانِ ولا لوحاتِ توجيهٍ وإرشادٍ، وإنّما هي أخلاقٌ وسلوكيّاتٌ وثقافةٌ يتحلّى بها الفردُ في علاقاتِه بالآخرينَ انطلاقاً من أصغرِ خليّةٍ في المنزلِ وارتقاءً إلى أعقدِ خليّةٍ تنظِّمُ المجتمعَ في كلِّ مجالاتِ الحياةِ.

ولذلكَ تطوّرَ الغربُ ونهضَ من كلِّ كبواتِه الغابرةِ، وارتقَى إلى ذُرا المجدِ والحضارةِ والسُّـؤددِ وطاولَ عنانَ الجـوزاءِ بالعلمِ والرُّقيِّ والتّقدُّمِ، وبنى صرْحاً للحضارةِ سيخلِّدُه التّاريخُ في صفحاتِه، وتترجمُه للأجيالِ أوابدُه الرّاسخةُ أطواداً تتكلَّمُ آياتٍ من التّحدِّي على فمِ العصورِ الآتيةِ.

أمّا نحنُ، فسنظلُّ عجيناً من كلماتٍ وأقاويلَ ورواياتٍ! ربمّا يخجلُ التّاريخُ من تقليبِ صفحاتِنا، فيُشِيحُ بوجهِه غيرَ مبالٍ؛ لأنّ التّاريخَ سجلٌّ حافلٌ بالأرواحِ المتمرِّدةِ والعقولِ العبقريّةِ والنّفوسِ البركانيّةِ، كما أنّه مستنقَعٌ آسِنٌ للأرواحِ المستكينةِ والعقولِ المسطَّحةِ والنّفوسِ الموحِلةِ.

عجمان في 12/1/2004

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

لُغتُنا.. هُويّتُنا

المقدّمةُ الحمدُ للهِ ربّ العالمينَ الّذي نزّلَ القرآنَ العظيمَ هدىً ورحمةً للعالمينَ، وخصّهُ بلغةٍ بالمعاني تَتَعالى، وبالألفاظِ تتَباهَى، وبالبلاغةِ تتَهادَى، جلِيـلةً في قَدْرِها، عظيمةً في…

تعليقات