Skip to main content
search

نَهرٌ كَما سالَ اللَمى سَلسالُ

وَصباً بَليلٌ ذَيلُها مِكسالُ

وَمَهَبُّ نَفحَةِ رَوضَةٍ مَطلولَةٍ

في جَلهَتَيها لِلنَسيمِ مَجالُ

غازَلتُهُ وَالأُقحُوانَةُ مَبسِمٌ

وَالآسُ صُدغٌ وَالبَنَفسَجُ خالُ

وَوَراءَ خَفّاقِ النِجادِ ضُبارِمٌ

يَسري بِهِ خَلفَ الظَلامِ خَيالُ

أَلقى العَصا في حَيثُ يَعثُرُ بِالحَصى

نَهرٌ وَتَعبَثُ بِالغُصونِ شَمالُ

وَكَأَنَّ ما بَينَ الغُصونِ تَنازُعٌ

فيهِ وَما بَينَ المِياهِ جِدالُ

وَأَرَبَّ يَبرُدُ مِن حَشاهُ مَكرَعٌ

خَصِرٌ يَسُحُّ وَتَلعَةٌ مِخضالُ

مابَينَ رَوضَةِ جَدوَلَينِ كَأَنَّما

بُسِطَت يَمينٌ مِنهُما وَشِمالُ

مِثلُ الحُبابِ بِمُنحَناهُ ذُؤابَةٌ

خَفّاقَةٌ حَيثُ الرُبى أَكفالُ

وَاِنسابَ ثاني مَعطِفَيهِ كَأَنَّهُ

هَيمانُ نَشوانٌ هُناكَ مُذالُ

أَو ظِلُّ أَسمَرَ بِاللِوى مُتَأَطِّرٌ

عَطَفَت جَنوبٌ مَتنَهُ وَشَمالُ

لَم أَدرِ هَل يُزهى فَيَخطُرُ نَخوَةً

أَم لاعَبَت أَعطافَهُ الجِريالُ

فَإِذا اِستَطارَ بِهِ النَجاءُ فَنَيزَكٌ

وَإِذا تَهادى فَالهِلالُ هِلالُ

زُرَّت عَلَيهِ جُبَّةٌ مَوشِيَّةٌ

بِمَقيلِهِ أُختٌ لَها أَسمالُ

مِزَقٌ كَما يَنَقَدُّ في يَومِ الوَغى

عَن لَبَّتَي مُستَلئِمٍ سِربالُ

أَلقى بِهِ مِنها هُنالِكَ دِرعَهُ

بَطَلٌ وَجَرَّدَ وَشيَهُ مُختالُ

بَيدَ الهَجيرَةِ مِنهُ سَوطٌ خافِقٌ

وَبِساقِ لَيلَةِ صَرصَرٍ خَلخالُ

فَدَلَفتُ يَقدُمُ بي هُناكَ ضُبارِمٌ

ضارٍ لَهُ بِعَمايَةٍ أَشبالُ

شَيحانَ لا أَرتابُ مِن هَلَعٍ وَلا

أَغتابُ مِن طَبعٍ وَلا أَغتالُ

مُتَخايِلاً أَمشي البَرازَ وَدونَهُ

مِن أَرقَمٍ سِدرٌ أَلُفُّ وَضالُ

فَتَوَعَّدتني نَظرَةٌ وَقّادَةٌ

يُذكى بِها تَحتَ الظَلامِ ذُبالُ

وَهَوى كَما يَهوي أَتِيٌّ مُزبِدٌ

رَجَمَت بِهِ بَعضَ التِلاعِ تِلالُ

يَهفو الضَرّاءَ أَمامَهُ وَلَرُبَّما

يَذَرُ الكَثيبَ وَراءَهُ يَنهالُ

فَدَرَأتُ بادِرَةَ الشُجاعِ بِأَخضَرٍ

في رَقشِهِ هُوَ لِلشُجاعِ مِثالُ

جَمَدَ الغَديرُ بِمَتنِهِ وَلَرُبَّما

أَعشاكَ إِفرِندٌ لَهُ سَيّالُ

وَجَمَعتُ بَينَ المَشرَفِيِّ وَبَينَهُ

فَتَلاقَتِ الأَشباهُ وَالأَشكالُ

وَتَساوَرا يَتَكافَحانِ كَما اِلتَقى

يَوماً أَبو إِسحاقَ وَالريبالُ

وَكِلاهُما مِن أَسوَدٍ وَمُهَنَّدٍ

في ضِمنِهِ الأَوجالُ وَالآجالُ

ابن خفاجة

ابن خَفَاجة (450 ـ 533هـ، 1058 ـ 1138م). إبراهيم بن أبي الفتح بن عبدالله بن خفاجة الهواري، يُكنى أبا إسحاق. من أعلام الشعراء الأندلسيين في القرنين الخامس والسادس الهجريين. ركز ابن خفاجة في شعره على وصف الطبيعة و جمالها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024