Skip to main content
search

يا صاحِبَيَّ أَعيناني عَلى طَرَبِ

قَد آبَ لَيلي وَلَيتَ اللَيلَ لَم يَؤُبِ

نَصِبتُ وَالشَوقُ عَنّاني وَنَصَّبَني

إِلى سُلَيمى وَراعيهِنَّ في نَصَبِ

في القَصرِ ذي الشُرُفاتِ البيضِ جارِيَةٌ

رَيّا التَرائِبِ وَالأَردافِ وَالقَضَبِ

اللَهُ أَصفى لَها وُدّي وَصَوَّرَها

فَضلاً عَلى الشَمسِ إِذ لاحَت مِنَ الحُجُبِ

أُحِبُّ فاها وَعَينَيها وَما عَهِدَت

إِلَيَّ مِن عَجَبٍ وَيلي مِنَ العَجَبِ

داءُ المُحِبِّ وَلَو يُشفى بِريقَتِها

كانَت لِأَدوائِهِ كَالنارِ لِلحَطَبِ

وَناكِثٍ بَعدَ عَهدٍ كانَ قَدَّمَهُ

وَكَيفَ يَنكُثُ بَينَ الدينِ وَالحَسَبِ

وَاللَهِ أَنفَكُّ أَدعوها وَأَطلُبُها

حَتىّ أَموتَ وَقَد أَعذَرتُ في الطَلَبِ

قَد قُلتُ لَمّا ثَنَت عَنّي بِبَهجَتِها

وَاِعتادَني الشَوقُ بِالوَسواسِ وَالوَصَبِ

يا أَطيَبَ الناسِ أَرداناً وَمُلتَزَماً

مُنّي عَلَيَّ بِيَومٍ مِنكِ وَاِحتَسِبي

إِنَّ المُحِبّينَ لا يَشفي سَقامَهُما

إِلّا التَلاقي فَداوي القَلبَ وَاِقتَرِبي

كَم قُلتِ لي عَجَباً ثُمَّ اِلتَوَيتِ بِهِ

وَلا لِما قُلتِ مِن راسٍ وَلا ذَنَبِ

لا تُتعِبيني فَإِنّي مِن حَديثِكُمُ

بَعدَ الصُدودِ الَّذي حُدِّثتُ في تَعَبِ

يَدعو إِلى المَوتِ طَيفٌ لا يُؤَرِّقُني

وَعارِضٌ مِنكِ في جَدّي وَفي لَعِبي

فَاِلقَي مُحِبّاً حَماهُ النَومَ ذِكرُكُمُ

كَأَنَّهُ يَومَ لا يَلقاكِ في لَهَبِ

قالَت أَكُلُّ فَتاةٍ أَنتَ خادِعُها

بِشِعرِكَ الساحِرِ الخَلّابِ لِلعُرُبِ

كَم قَد نَشِبتَ بِغَيري ثُمَّ زِغتَ بِها

فَاِستَحيِ مِن كَذِبٍ لا خَيرَ في الكَذِبِ

هَبني لَقيتُ كَما تَلقى وَخامَرَني

داءٌ كَدائِكَ مِن جِنٍّ وَمِن كَلَبِ

أَنّى لَنا بِكَ أَو أَنّى بِنا لَكُمُ

وَنَحنُ في قَيِّمٍ غَيرانَ في نَشَبِ

لا نَستَطيعُ وَلا نُسطاعُ مِن سَرَفٍ

فَالصَفحُ أَمثَلُ مِن وَصلٍ عَلى رُقَبِ

أَنتَ المُشَهَّرُ في أَهلي وَفي نَفَري

وَدونَكَ العَينُ مِن جارٍ وَمُغتَرِبِ

وَلَو أُطيعُكَ في نَفسي مُعالَجَةً

أَنهَبتُ عِرضي وَما عِرضي بِمُنتَهَبِ

فَاِحلُب لَبونَكَ إِبساساً وَتَمرِيَةً

لا يَقطَعُ الدَرَّ إِلّا عِيُّ مُحتَلِبِ

إِنّا وَإِن لَم تَكُن مِنّا مُساعَفَةٌ

بِما هَويتَ وَكُنّا عَنكَ في أَشَبِ

نَهوى الحَديثَ وَنَستَبقي مَناصِبَنا

إِنَّ الصَحيحَةَ لا تَبقى مَعَ الجَرِبِ

خافَت عُيوناً فَخَفَّت قَبلَ حاجَتِنا

وَرَوَّعَتنا بِإِعراضٍ وَلَم تُصِبِ

فَلَيسَ لي عِندَها حَبلٌ أَمُتُّ بِهِ

إِلّا المَوَدَّةَ مِن نُعمى وَلا نَشَبِ

فَقَد نَسيتُ وَقَلبي في صَبابَتِهِ

كَأَنَّهُ عِندَها حَيرانُ في سَبَبِ

قَد غِبتُ عَنها فَما رَقَّت لِغَيبَتِنا

وَقَد شَهِدتُ فَلَم تَشهَد وَلَم تَغِبِ

أُمسي حَزيناً وَتُمسي في مَجاسِدِها

لا تَشتَكي الحُبَّ في عَظمٍ وَلا عَصَبِ

كَأَنَّها حَجَرٌ مِن بُعدِ نائِلِها

شَطَّت عَلَيَّ وَإِن نادَيتُ لَم تُجِبِ

بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الإفتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024