وحش الوظيفة 

من مذكراتي

اصعب 30 دقيقة وضعني فيها ترزي 

الوظيفة:

اغلبكم يتفق معي انها ذلك الوحش الذي يكبلك بكل القيود ويريدك لنفسه فقط لا يريد أن يشاركه احد فيك لا اسرتك ولا اجتماعياتك مع الاصدقاء ومع كل من تجد نفسك في حضرته

نعم وحش يريدك له فقط .

كان لدي بعض الملابس اريد تفصيلها وقد اتخذت هذا القرار منذ بضعة اسابيع تخيل معي بضعة اسابيع وانا اخطط لهذا الامر ، اعطيك احساس انني اريد ان اقوم بتصميم مركبة فضائية لا الذهاب لتفصيل بعض الملابس 

 انظرو الي المعضلة التي يمكن أن يضعك فيها ذلك الوحش الذي يسمي وظيفة .

نعم لانك مربوط بوقت للدخول والخروج ويحررك ذلك الوحش للحظات وتأتي الي البيت وكل معالم اليأس والبؤس والارهاق تبدو عليك وكل ما يدور ببالك وتفكر فيه هو الاستلقاء على السرير فتبدو كجثة هامدة لا تحرك ساكنا وتتمني قبل أن تقفو ان لا تشرق الشمس لكي لا يتكرر ذلك المشهد من ذلك المسلسل ذو الحلقات الطويلة المملة الذي الفه ذلك الوحش الذي يسمي وظيفة .

حتي في ايام الاجازات والجمعة تحس انك لا تريد الخروج لا تريد ان تشارك نفسك مع من حولك لأن ذلك الروتين الجميل قد سلبه منك ذلك الوحش (الوظيفة) .

ولكنني في يوم جمعة و احسبها مباركة هممت بترك ذلك الجمود وكسر تلك القيود التي وضعها علي ذلك الوحش (الوظيفة) 

فجمعت تلك الثياب التي اريد تفصيلها واخذتها معي كأنها مستندات تدون انتصاري وخروجي من ذلك الحبس الذي وضعني فيه ذلك الوحش (الوظيفة) وتخبرني انني قد تمت تبرئتي من ذلك الاتهام (اليأس)

وأحسست وانا ذاهب الى الترزي (الخياط) كأنني ذاهب الى المحامي الذي سيبرئني من كل تلك التهم (اليأس والقيود والبؤس) 

فأخبرته بالطريقة التي اريد ان يفصل لي بها الملابس وكأنني احكي له تفاصيل برائتي.

ووضعت الملابس امامه كشاهد عيان ومستندات لتلك الحرية .

فاخبرني ان آتي لأخذهم بعد 30 دقيقة (نصف ساعة) وكانه يخبرني بأن اصدار الحكم سيكون بعد نصف ساعه .

وتبادر الي ذهني كيف سوف اتخطي تلك الثلاثين دقيقة لايمكنني ان اجلس بجواره وانتظر كل تلك الدقائق وفي نفس الوقت ليس لدي مكان اذهب اليه لان محله بعيدا عن البيت .

فقررت ان اتمشي دون أن احدد الوجهة حتي تنقضي تلك الدقائق .

فوضعت السماعتين في اذني واشعلت موسيقي قديمة اعدت معها بعض الذكريات الجميله وصادفت بعض المعارف في الطريق الذين ابعدني منهم ذلك الوحش (الوظيفة) لأمد بعيد فتبادلنا العتاب علي البعد وعدم الزيارات ومن ثم تجاوزنا ذلك الاتهام (العتاب) فاحسست كأن واحدة من التهم الموجهة الي قد سقطت .

ومن ثم بدا الضحك والدعابات تخيم علي الموقف فاحسست ان القضية تنحدر منحدر مختلف وانني سوف اكسبها وأحسست انني قد بدأت امسك ببعض خيوط الاجتماعيات والانخراط في المجتمع ، ثم ودعتهم وتركت لهم التحايا آملا في لقائهم مرة اخري .

ثم سرت لأجد نفسي في طريق يحمل لي اجمل الذكريات مع صديق افتقده بشدة (نصرالدين مصطفي من قرية النقير ريفي الجزيرة) كنا نتخذ ذلك الطريق للذهاب لتناول وجبة العشاء 

واحسبه طويلا بعض الشئ لكنه يتميز بالهدوء لأنه بعيدا عن الطريق الرئيسي الذي يعج بأصوات وازعاج السيارات والمركبات ،كنا نتبادل الطرف والنكات واجمل الذكريات وهذا ما كان يقصر علينا طول ذلك الطريق .

فعاد الي شئ من الثقة في نفسي انني سوف اكسب تلك القضية واتحرر من تلك القيود .

ثم انعطفت يسارا من ذلك الطريق لأجد نفسي في الطريق الرئيسي لأتفاجأ بفرن به خبز وليس به صف

وهناك فتاتان تجلسان بداخل ركشة بجواره وتخطيت ذلك الفرن لأنني كنت مسرعا ولم ارغب في العودة لحظتها لكي لا تظن الفتاتان انني عدت من اجلهما فواصلت السير حتي وصلت الي ذلك المطعم الذي كنا نتناول فيه وجبة العشاء فوقفت لوهلة وتنفست عميقا ليس رغبة في الطعام ولكن لان ذلك المكان يعج بحيوية واجتماعيات اعادت لي اجمل الذكريات وكأن تلك الايام والذكريات الجميلة قد عادت وتمثلت امامي .

ومن هناك عدت ادراجي وفي الطريق صادفني شاب طويل القامة ذكرني بشخص دائما ما يصنع ابتسامة وضحكات غير مزيفة علي فيهي ويروح عني ويخفف عني مشقات ذلك الوحش (الوظيفة ) فينقضي دوامي بسلام عندما اكون برفقته واجالسه (حاتم يعمل لدي قسم الميكانيكا في المؤسسة التي اعمل بها ) فضحكت من دون أن احس علي ذكري ونسة لي معه .

ثم انحدرت الي الفرن واخذت بعض الخبز وانا في زهول لانه يخلو من الصف .

وانا في طريق العودة الي الترزي ادركت كم انا بعيد عن كل تلك التفاصيل الجميلة نسبة لما رأيتة من حيوية وسعادة وضحكات وابتسامات علي وجوه المارة في الطريق .

ووصلت الخياط واعطاني ملابسي كأنها عريضة البراءة من كل تلك التهم اليأس والقيود والجمود وأحسست انني احمل معي راية النصر و التحرر من قيود ذلك الوحش .

نعم نحن من نصنع لأنفسنا الجو الذي يتماشي معنا والحياة التي تناسبنا بإمكاننا ان نصنع السعادة في اصعب الظروف وبأقل الامكانيات يمكننا صنعها حتي من الذكريات الجميله ناهيك عن الواقع .

فهذه كانت اصعب واجمل ثلاثين دقيقة مررت بها حملت في طياتها كل تلك التفاصيل الجميلة .

بقلم /محمد عبدالرحمن الهميم 

الثلاثاء 2 /مارس 2021

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات