Skip to main content
search

وا كَبدا قدْ تَقَطَّعَتْ كَبِدي

وحَرَّقَتْهَا لواعِجُ الْكَمَدِ

ما ماتَ حَيٌّ لِمَيِّتٍ أَسَفاً

أَعْذَرُ مِنْ والِدٍ على وَلَدِ

يا رَحمَةَ اللَّهِ جاوِري جَدَثاً

دَفَنْتُ فِيهِ حُشاشَتي بِيَدِي

وَنَوِّري ظُلْمَةَ الْقُبُورِ على

مَن لَمْ يَصِلْ ظُلْمُهُ إِلى أَحَدِ

مَنْ كانَ خِلْواً مِنْ كُلِّ بائِقَةٍ

وَطَيِّبَ الرُّوحِ طاهِرَ الجَسَدِ

يا مَوت يحيى لَقَدْ ذَهَبْتَ بِهِ

لَيْسَ بِزُمَّيْلةٍ ولا نَكِدِ

يا مَوْتَهُ لو أَقَلْتَ عَثْرَتَهُ

يا يَوْمَهُ لو تَرَكْتَهُ لِغَدِ

يا مَوْتُ لو لم تَكُنْ تُعَاجِلُهُ

لَكانَ لا شَكَّ بَيْضةَ البَلَدِ

أو كُنْتَ رَاخَيْتَ في العنانِ لَهُ

حَازَ العُلا واحْتَوى على الأَمدِ

أَيَّ حُسَامٍ سَلبْتَ رَوْنَقَهُ

وَأَيَّ رُوحٍ سَلَلْتَ منْ جَسَدِ

وَأَيَّ سَاقٍ قَطَعْتَ مِنْ قَدَمٍ

وأيَّ كفٍّ أَزَلتَ مِنْ عَضُدِ

يا قَمَراً أَجْحَفَ الخُسُوفُ بِهِ

قَبْلَ بُلوغِ السَّواءِ في الْعَدَدِ

أَيُّ حَشاً لَمْ تَذُبْ لَهُ أَسَفاً

وَأَيُّ عَينٍ عَليْهِ لَمْ تَجُدِ

لا صَبْرَ لي بَعْدَهُ ولا جَلَدٌ

فُجعْتُ بالصَّبْرِ فِيهِ وَالجَلَدِ

لو لَمْ أَمُتْ عِنْدَ مَوْتِه كَمداً

لحُقَّ لي أَنْ أَمُوتَ مِنْ كمدِي

يَا لَوْعَةً مَا يَزَالُ لاعجُها

يَقْدحُ نَارَ الأَسَى على كبِدِي

ابن عبد ربه

أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه شاعر أندلسي، وصاحب كتاب العقد الفريد. أمتاز بسعة الاطلاع في العلم والرواية والشعر. كتب الشعر في الصب والغزل، ثم تاب وكتب أشعارًا في المواعظ والزهد سماها "الممحصات".

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024