قد عجزنا عن شكرنا لامتنانك

ديوان الأمير الصنعاني

قد عجزنا عن شكرنا لامتنانك

كيف والشكر صار من إحسانك

يا فؤادي علمت هذا فأطلق

في محال الثنا عنان لسانك

وأجر فيه فوارس المدح تحرز

قصبات السباق في ميدانك

طول المدح كيف شئت وهيها

ت ينال المعشار طول بيانك

ولو أن البحار كانت مداداً

بل جميع المياه في أكوانك

وجميع الأشجار تُبْرَى أقلا

ماً وكل الأنام من أعوانك

يكتبون الثنا وكان مضافاً

كل أزمانهم إلى أزمانك

وأطالوا وطولوا لم يؤد

شكرهم شعرة على أجفانك

أنت تدري بأن أصلك ماء

كان في الصلب مستقر مكانك

ولك البعض في الترائب نصاً

جاء هذا في الذكر من قرآنك

ثم ألقى ما بين أصليك ودا

واجتماعاً به ظهور أوانك

ألقيا نطفة وماء مَهيناً

في مكان ما كان في إمكانك

صار لحماً من بعد هذا وعظماً

ليكون الأساس من بنيانك

ثم لما أراد أن ينفخ الرو

ح ويقضي بأربع في شانك

بعث اللّه عند هذا رسولاً

فقضى ما أراد من أشحانك

ثم لما خرجت من ظلمات

كنت فيها إلى فضاء أوطانك

وسع اللّه مخرجاً كان قد ضا

ق قديماً عن مثل قدر بنانك

وَأَدَرَّ الثديين باللبن الحل

و لتمتصه بنفس لسانك

ثم ألقى في قلب أصليك ودا

لك فاسأل عن شانهم ثم شانك

يسهران المنام إن مسك السو

ء وإن كان النوم في أجفانك

وحباك العينين تنظر ما شئ

ت وفيما تريده ينفعانك

ثم بالسمع قد حباك لتدري

أي صوت يهدي إلى آذانك

ولَكَمْ في يديك منه أياد

لست تحصى شكراً لظفر بنانك

وتأمل في كل عضو تجده

قائماً بالمراد من أركانك

لم يزل يحسن الصنيع إلى أن

صار برد الشباب من قمصانك

فكساك الشباب أفخر ملبو

س تراه ستراً على أغصانك

حيث أعضاؤك الغصون وأيا

مك عيد يعد في أحيانك

وكسا القلب حلة حقها الشك

ر بسر المقال أو إعلانك

نسجتها أيدي البراهين في الآ

فاق وهي الصحيح من إيمانك

فطرة اللّه زادها الرسل والكت

ب يقيناً فاحرص على إيقانك

لا تسلط أيدي المعاصي عليها

لتمزق ثوب الهدى عن حنانك

ثم أعطاك ما تريد كما شا

ء فأنت العزيز في سلطانك

فتسربلت غفلة واختيالاً

واجتماعاً للهو في أخدانك

بائعاً للنفيس من أطيب العم

ر بهذا الخسيس من شيطانك

شارباً كأس غفلة مزجت من

ك بجهل تدار في أقرانك

لم تزل تتلف اليالي من عن

د فلان إلى لقاء فلانك

غافل أنت عن حقاً فلم تد

ر يقيناً واللّه ما قَدْرُ شأنك

وإذا ما جهلت نفسك قل لي

أي شيء عرفته في زمانك

والليالي تُبْلي شبابك حتى

صيرته يعد من خلقانك

ثم ألبست للكهولة برداً

بعد دفن الكثير من إخوانك

وتمتعت فيه بين سرور

تارة والكثير من أحزانك

وجيوش للضعف تغزوك من كل

مكان للهدم من بنيانك

ليس عنها بحد سيفك رفع

واندفاع ولا بحد سنانك

لتمزق برد الكهولة حتى

لا تجد منه رقعة في بنانك

فلشيخوخة تسربلت أسما

لأضعافاً ما كن من أثمانك

وعلى ضعفهما فأنت حريص

في بقاها ستراً على جثمانك

عالماً أن بعدها لست تلقى

غير ثوب يعد في أكفانك

يا إلهي جاوزت سبعين عاماً

فتجاوز ونجِّ من نيرانك

واعف عنا وعافنا وأنلنا

حللاً في الجنان من رضوانك

في جوار المختار أفضل من جا

ء بخير المقال من قرآنك

صلوات الإِله تترى عليه

وعلى آله الهداة لشانك

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأمير الصنعاني، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات