طال الوقوف على الأطلال والدمن

ديوان الأمير الصنعاني

طال الوقوف على الأطلال والدِّمَنِ

فاستروها خبراً عن ذلك السكن

ونادها عن بنيها والبناة لها

والنازلين بها في أقرب الزمن

تخبرك ناطقة بالحال صادقة

بكل ما كان من قبح ومن حسن

نعم نعم أختبرتنا وهي صامتة

والصمت أبلغ عند الحاذق الفطن

عمن رأيناهم بالعين عن كثب

لا سعد تتبع أو كسرى وذي يزن

قوم رأيناهم والدهر يخدمهم

قد طار ذكرهم في الشام واليمن

شادوا قصوراً وسادوا من يعاصرهم

من كل أروع لا يرتاع للفتن

إن المواهب قد شاهدت صاحبها

وكان في جوده كالعارض الهتن

سفاك كل دم عاداه صاحبه

مفرق منه بين الروح والبدن

هتاك كل حمى إن لم يطاوعه

كم من معاقل أخلاها ومن مدن

وحين أدبرت الأقدار عنه أتت

له المقادير بالآفاق والمحن

ووجهت نحوه الأقدار أسهمها

وما لسهم القضا في الدفع من جنن

وعاد أعوانه عوناً عليه ولم

ينفعه أهل ولا مال من المنن

وجاءه الضر ممن كان ينفعه

ورب قبح أتى من ظاهر حسن

وضاق عيشاً وقد ضاق الفضاء بما

قد كان يحويه من خيل ومن خدن

وصار فرداً وفي أبنائه عدد

لكنهم وافقوا في جفوة الزمن

وانضاف كل إلى من صار منتصباً

للأمر مرتفعاً في أرفع القنن

وانقاد كل أبي تحت طاعته

وكأن ما كان مما قبل لم يكن

وتم للقاسم المسعود ما سمحت

به المقادير من نجد إلى عدن

وشاد في حدة دوراً مزخرفة

تزد بما شاده الأملاك في المدن

مرت له سنوات في تنعمه

كأنها خفقات العين بالوسن

ثم انثنت هذه الدنيا لعادتها

وبادرته بما يخشى من المحن

وكان أعظم خطب قابلته به

إن الحسين ابنه لم يأت بالحسن

قاد الجيوش إلى صنعا وحاربه

فاضطر منه على صلح على دخن

وقد سعيت أنا بالصلح بينهما

أطفأت ناراً لها الإِيقاد بالفتن

ولم يعش غير أيام منغصة

لم يخرج الحول إلا وهو بالكفن

وبعده الناصر إن الأمر قد طلبا

محمد وحسين من بني الحسن

وأشعلا نار حرب بينهم سنة

حتى أضرا بمن قد حل في اليمن

وبعدها لحسين تم مأربه

ونال كل الذي يهواه في الزمن

وتم عشرين حولاً في تقلبه

في الملك حتى أتاه سالب الوسن

وراح نحو البلى في اللحد مرتهناً

وأي شخص تراه غير مرتهن

فكن بما شاهدته العين معتبراً

فالعين أبلغ إسماعاً من الأذن

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأمير الصنعاني، شعراء العصر العثماني، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات