Skip to main content
search

طولُ التَعاشُرِ بَينَ الناسِ مَملولُ

ما لِاِبنِ آدامَ إِن كَشَّفتَ مَعقولُ

لِلمَرءِ أَلوانُ دُنيا رَغبَةً وَهَوى

وَعَقلُهُ أَبَداً ما عاشَ مَدخولُ

يا راعِيَ النَفسِ لا تُغفِل رِعايَتَها

فَأَنتَ عَن كُلِّ ما اِستُرعيتَ مَسؤولُ

خُذ ما عَرَفتَ وَدَع ما أَنتَ جاهِلُهُ

لِلأَمرِ وَجهانِ مَعروفٌ وَمَجهولُ

وَاِحذَر فَلَستَ مِنَ الأَيّامِ مُنفَلِتاً

حَتّى تَغولَكَ مِن أَيّامِكَ الغولُ

فَالدائِراتُ بِرَيبِ الدَهرِ دائِرَةٌ

وَالمَرءُ عَن نَفسِهِ ما عاشَ مَختولُ

لَن تَستَسِمَّ جَميلاً أَنتَ فاعِلُهُ

إِلّا وَأَنتَ طَليقُ الوَجهِ بُهلولُ

ما أَوسَعَ الخَيرَ فَاِبسُط راحَتَيكَ بِهِ

وَكُن كَأَنَّكَ عِندَ الشَرِّ مَغلولُ

الحَمدُ لِلَّهِ في آجالِنا قِصَرٌ

نَبغي البَقاءَ وَفي آمالِنا طولُ

نَعوذُ بِاللَهِ مِن خِذلانِهِ أَبَداً

فَإِنَّما الناسُ مَعصومٌ وَمَخذولُ

إِنّي لَفي مَنزِلٍ ما زِلتُ أَعمُرُهُ

عَلى يَقيني بِأَنّي عَنهُ مَنقولُ

وَأَنَّ رَحلي وَإِن أَوثَقتُهُ لَعَلى

مَطِيَّةٍ مِن مَطايا الحَينِ مَحمولُ

فَلَو تَأَهَّبتُ وَالأَنفاسُ في مَهلٍ

وَالخَيرُ بَيني وَبَينَ العَيشِ مَقبولُ

وادي الحَياةِ مَحَلٌّ لا مُقامَ بِهِ

لِنازِليهِ وَوادي المَوتِ مَحلولُ

وَالدارُ دارُ أَباطيلٍ مُشَبَّهَةٍ

الجِدُّ مُرٌّ بِها وَالهَزلُ مَعسولُ

وَلَيسَ مَن مَوضِعٍ يَأتيهِ ذو نَفسٍ

إِلّا وَلِلمَوتِ سَيفٌ فيهِ مَسلولُ

لَم يُشغَلِ المَوتُ عَنّا مُذأُعِدَّ لَنا

وَكُلُّنا عَنهُ بِاللَذاتِ مَشغولُ

وَمَن يَمُت فَهوَ مَقطوعٌ وَمُجتَنَبٌ

وَالحَيُّ ما عاشَ مَغشِيٌّ وَمَوصولُ

كُل ما بَدا لَكَ فَالآكالُ فانِيَةٌ

وَكُلُّ ذي أُكُلٍ لا بُدَّ مَأكولُ

وَكُلُّ شَيءٍ مِنَ الدُنيا فَمُنتَقِصٌ

وَكُلُّ عَيشٍ مِنَ الدُنيا فَمَملولُ

سُبحانَ مَن أَرضُهُ لِلخَلقِ مائِدَةٌ

كُلٌّ يُوافيهِ رِزقٌ مِنهُ مَكفولُ

غَدّى الأَنامَ وَعَشاهُم فَأَوسَعَهُم

وَفَضلُهُ لِبُغاةِ الخَيرِ مَبذولُ

يا طالِبَ الخَيرِ أَبشِر وَاِستَعِدَّ لَهُ

فَالخَيرُ أَجمَعُ عِندَ اللَهِ مَأمولُ

أبو العتاهية

إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي ، أبو إسحاق ولد في عين التمر سنة 130هـ/747م، ثم انتقل إلى الكوفة، كان بائعا للجرار، مال إلى العلم والأدب ونظم الشعر حتى نبغ فيه، ثم انتقل إلى بغداد، واتصل بالخلفاء، فمدح الخليفة المهدي والهادي وهارون الرشيد. أغر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار بن برد وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024