قلبت أمري في بدء وفي عقب

ديوان أبو تمام

قَلَّبتُ أَمرِيَ في بَدءٍ وَفي عَقِبٍ

وَرُضتُ حالَيَّ في جَورٍ وَمُقتَصَدِ

فَما فَتَحتُ فَمي إِلّا كَعَمتُ فَمي

وَلا مَدَدتُ يَدي إِلّا رَدَدتُ يَدي

لا ذَنبَ لي غَيرَ ما سَيَّرتُ مِن غُرَرٍ

شَرقاً وَغَرباً وَما أَحكَمتُ مِن عُقَدي

نَشرٌ يَسيرُ بِهِ شِعرٌ يُهَذِّبُهُ

فِكرٌ يَجولُ مَجالَ الروحِ في الجَسَدِ

ساعاتُ شُكرٍ غَذاهُنَّ البَقاءُ بِهِ

فَهُنَّ أَطوَلُ أَعماراً مِنَ الأَبَدِ

إِذا دُجاها أَحاطَت بي أَحَطتُ بِها

قَلباً مَتى أَسرِ في مِصباحِهِ يَقِدِ

حَضرَمتُ دَهري وَأَشكالي لَكُم وَبِكُم

حَتّى بَقيتُ كَأَنّي لَستُ مِن أُدَدِ

ثُمَّ اِطَّرَحتُم قَراباتي وَآصِرَتي

حَتّى تَوَهَّمتُ أَنّي مِن بَني أَسَدِ

ثُمَّ اِنصَرَفتُ إِلى نَفسي لِأَظأَرَها

عَلى سِواكُم فَلَم تَهشَش إِلى أَحَدِ

وَمَدحُ مَن لَيسَ أَهلَ المَدحِ أَحسَبُهُ

عُضواً تَفَصَّلَ مِن قَلبي وَمِن كَبِدي

قَومٌ إِذا أَعيُنُ الآمالِ جِئنَهُمُ

رَجَعنَ مُكتَحِلاتٍ عائِرَ الرَمَدِ

فَطَلعَةُ الشِعرِ أَقلى في عُيونِهِمُ

وَفي صُدورِهِمُ مِن طَلعَةِ الأَسَدِ

ما إِن تَرى غَيرَ مَنشورٍ عَلى قَدَمٍ

في الناطِقينَ وَمَطوِيٍّ عَلى حَسَدِ

قُل قَولَةً فَيصَلاً تَمضي حُكومَتُها

في المَنعِ إِن عَنَّ لي مَنعٌ أَوِ الصَفَدِ

يَحصُن بِها سَنَدي أَو يَمتَنِع عَضُدي

أَو يَدنُ لي أَمَدي أَو يَعتَدِل أَوَدي

أَوِ الَّتي طالَما أَفضَت وُعورَتُها

مِنَ الأُمورِ إِلى مِنهاجِها الجَدَدِ

إِن كُنتَ في المَطلِ ذا صَبرٍ وَذا جَلَدٍ

فَلَستُ في الذَمِّ ذا صَبرٍ وَذا جَلَدِ

فَقُل وَراءَكَ في سُحقٍ وَفي بُعُدٍ

فَإِنَّني فيكَ أَهلُ السُحقِ وَالبُعُدِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو تمام، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات