Skip to main content
search

تَعِستُ فَما لَي مِن وَفاءٍ وَلا عَهدِ

وَلَستُ بِأَهلٍ مِن أَخِلّايَ لِلوُدِّ

وَلا أَنا راعٍ لِلإِخاءِ وَلا مَعي

حِفاظٌ لِذي قُربٍ لَعَمري وَلا بُعدِ

وَلا أَنا في حُكمِ الوِدادِ بِمُنصِفٍ

وَلا صادِقٍ فيما أُؤَكِّدُ مِن وَعدِ

وَلا لِيَ تَميِيزٌ وَلَستُ بِمُهتَدٍ

سَبيلاً يُؤَدّي في التَصافي إِلى القَصدِ

وَلا فِيَّ خَيرٌ يَرتَجيهِ مَعاشِري

وَلا أَنا ذو فِعلٍ سَديدٍ وَلا رُشدِ

وَلا واصِلٌ مَن غابَ عَنّي نَسيتُهُ

وَإِن وَصَلَ الإِخوانُ كافَأتُ بِالصَدِّ

وَإِن كاتَبوني لَم أُجِبهُم بِلَفظَةٍ

فَهَذي خِلالٌ قَد خُصِصتُ بِها وَحدي

كَأَنّي إِذا بانَ الصَديقُ عَدُوُّهُ

وَحينَ أُلاقيهِ فَأَطوَعُ مِن عَبدِ

وَما ذاكَ أَنّي زائِلٌ عَن مَوَدَّةٍ

وَلا ناقِضٌ يَوماً لِعَهدٍ وَلا عَقدِ

ولَكِنَّ طَبعاً لَيسَ لي فيهِ حيلَةٌ

وَلا مَذهَبٌ في الهَزلِ عِندي وَلا الجِدِّ

فَلِلناسِ مِن مِثلي إِذا كُنتُ هاكَذا

قَطوعاً مَنوعاً جافِياً مائِتا بُدِّ

وَلَو كانَ إِخواني إِذا ما قَطَعتُهُم

يُجازونَ بِالهِجرانِ هَجراً وَبِالصَدِّ

وَيَسلونَ عَن ذِكري وَلا يَحسَبونَني

صَديقاً وَيولوني الجَفاءَ عَلى عَمدِ

لَتُبتُ وَلَكِنّي بُليتُ بِمَعشَرٍ

مِنَ السادَةِ الغُرِّ الكِرامِ ذَوي المَجدِ

فَقَد أَفسَدوني بِاِحتِمالِ تَلَوُّني

وَكَثرَةِ تَغييري عَلى كُلِّ ذي وُدِّ

وَزادوا بِبَذلِ الصَفحِ عَن كُلِّ زَلَّةٍ

أَتَيتُ بِها وَالعَفوِ في كُلِّ ما أُبدي

فَما نَفَعَ التَوبيخُ مِن ذي مَوَدَّةٍ

وَلا لَومُهُ يُغني وَلا عَتبُهُ يُجدي

فَمَن كانَ ذا صَبرٍ عَلى ما وَصَفتُهُ

فَقَد فازَ بِالأَجرِ الجَزيلِ وَبِالحَمدِ

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024