Skip to main content
search

وَهَبتَ لَنا يا فَتى مِنقَرٍ

وَعِجلٍ وَأَكرَمَهُم أَوَّلا

وَأَبسَطَهُم راحَةً في النَدى

وَأَرفَعَهُم ذِروَةً في العُلا

عَجوزاً قَدَ اَورَدَها عُمرُها

وَأَسكَنَها الدَهرُ دارَ البِلى

سَلوحاً تَوَهَّمتُ أَن الرِعا

ءَ سَقَوها لِيُسهِلَها الحَنظَلا

وَأَجدَبَ مِن ثَورِ زِرّاعَةٍ

أَصابَ عَلى جوعِهِ سُنبُلا

وَأَزهَدَ مِن جيفَةٍ لَم تَدَع

لَها الشَمسُ مِن مَفصَلٍ مَفصَلا

وَأَضرَطَ مِن أُمِّ مُبتاعِها

إِنِ اِقتَحَمَت بُكرَةً حَرمَلا

فَلَو تَأكُلُ الزُبدَ بِالنِرسِيانِ

وَتَدَّمِجُ المِسكَ وَالمَندَلا

لَما طَيَّبَ اللَهُ أَرواحَها

وَلا بَلَّ مِن عَظمِها الأَنحَلا

وَضَعتُ يَميني عَلى ظَهرِها

فَخِلتُ حَراقِفَها جَندَلا

وَأَهوَت شِمالي لِعُرقوبِها

فَخِلتُ عَراقيبَها مِغزلا

وَقَلَّبتُ أَليَتَها بَعدَ ذا

فَشَبَّهتُ عُصعُصَها مِنجلا

فَقُلتُ أَبيعُ فَلا مَشرَباً

أُرَجّي لَدَيها وَلا مَأكَلا

أَمَ اَشوي وَأَطبُخُ مِن لَحمِها

وَأَطيبُ مِن ذاكَ مَضغُ السَلا

أَمَ اَجعَلُ مِن جِلدِها حَنبلاً

فَأَقذِر بِحَنبَلِها حَنبَلا

إِذا ما أُمِرَّت عَلى مَجلِسٍ

مِنَ العُجبِ سَبَّحَ أَو هَلَّلا

رَأَوا آيةً خَلفَها سائِقٌ

يَحُثُّ وَإِن هَروَلَت هَروَلا

وَكُنتَ أَمَرتَ بِها ضَخمَةٌ

بِلَحمٍ وَشَحمٍ قَد اِستَكمَلا

وَلَكِنَّ رَوحاً عَدا طَورَهُ

وَما كُنتُ أَحسَبُ أَن يَفعَلا

فَعَضَّ الَّذي خانَ في أمرِها

مِنِ اِستِ اُمِّهِ بَظرَها الأَغرَلا

وَلَولا مَكانُكَ قَلَّدتُهُ

عِلاطاً وَأَنشَقتُهُ الخَردَلا

وَلَولا اِستِحائيكَ خَضَّبتُها

وَعَلَّقتُ في جيدِها جُلجُلا

فَجاءَتكَ حَتّى تَرى حالَها

فَتَعلَمُ أَنّي بِها مُبتَلى

سَأَلتُكَ لَحماً لِصُبيانِنا

فَقَد زِدتَني فيهِمُ عَيِّلا

فَخُذهَا وَأَنتَ بِنا مُحسِنٌ

وَما زِلتَ بي مُحسِناً مُجمِلا

بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الإفتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024