وهبت لنا يا فتى منقر

ديوان بشار بن برد

وَهَبتَ لَنا يا فَتى مِنقَرٍ

وَعِجلٍ وَأَكرَمَهُم أَوَّلا

وَأَبسَطَهُم راحَةً في النَدى

وَأَرفَعَهُم ذِروَةً في العُلا

عَجوزاً قَدَ اَورَدَها عُمرُها

وَأَسكَنَها الدَهرُ دارَ البِلى

سَلوحاً تَوَهَّمتُ أَن الرِعا

ءَ سَقَوها لِيُسهِلَها الحَنظَلا

وَأَجدَبَ مِن ثَورِ زِرّاعَةٍ

أَصابَ عَلى جوعِهِ سُنبُلا

وَأَزهَدَ مِن جيفَةٍ لَم تَدَع

لَها الشَمسُ مِن مَفصَلٍ مَفصَلا

وَأَضرَطَ مِن أُمِّ مُبتاعِها

إِنِ اِقتَحَمَت بُكرَةً حَرمَلا

فَلَو تَأكُلُ الزُبدَ بِالنِرسِيانِ

وَتَدَّمِجُ المِسكَ وَالمَندَلا

لَما طَيَّبَ اللَهُ أَرواحَها

وَلا بَلَّ مِن عَظمِها الأَنحَلا

وَضَعتُ يَميني عَلى ظَهرِها

فَخِلتُ حَراقِفَها جَندَلا

وَأَهوَت شِمالي لِعُرقوبِها

فَخِلتُ عَراقيبَها مِغزلا

وَقَلَّبتُ أَليَتَها بَعدَ ذا

فَشَبَّهتُ عُصعُصَها مِنجلا

فَقُلتُ أَبيعُ فَلا مَشرَباً

أُرَجّي لَدَيها وَلا مَأكَلا

أَمَ اَشوي وَأَطبُخُ مِن لَحمِها

وَأَطيبُ مِن ذاكَ مَضغُ السَلا

أَمَ اَجعَلُ مِن جِلدِها حَنبلاً

فَأَقذِر بِحَنبَلِها حَنبَلا

إِذا ما أُمِرَّت عَلى مَجلِسٍ

مِنَ العُجبِ سَبَّحَ أَو هَلَّلا

رَأَوا آيةً خَلفَها سائِقٌ

يَحُثُّ وَإِن هَروَلَت هَروَلا

وَكُنتَ أَمَرتَ بِها ضَخمَةٌ

بِلَحمٍ وَشَحمٍ قَد اِستَكمَلا

وَلَكِنَّ رَوحاً عَدا طَورَهُ

وَما كُنتُ أَحسَبُ أَن يَفعَلا

فَعَضَّ الَّذي خانَ في أمرِها

مِنِ اِستِ اُمِّهِ بَظرَها الأَغرَلا

وَلَولا مَكانُكَ قَلَّدتُهُ

عِلاطاً وَأَنشَقتُهُ الخَردَلا

وَلَولا اِستِحائيكَ خَضَّبتُها

وَعَلَّقتُ في جيدِها جُلجُلا

فَجاءَتكَ حَتّى تَرى حالَها

فَتَعلَمُ أَنّي بِها مُبتَلى

سَأَلتُكَ لَحماً لِصُبيانِنا

فَقَد زِدتَني فيهِمُ عَيِّلا

فَخُذهَا وَأَنتَ بِنا مُحسِنٌ

وَما زِلتَ بي مُحسِناً مُجمِلا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

بديع الزمان الهمذاني – المقامة الدينارية

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشامٍ قَالَ: اتَّفَقَ لي نَذْرٌ نَذَرْتُهُ في دِينَارٍ أَتَصَدَّقُ بِهِ عَلى أَشْحَذِ رَجُلٍ بِبَغْدَادَ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَدُلِلْتُ عَلى أَبِي الفَتْحَ الإِسْكَنْدَرِيِّ، فَمضَيْتُ…

تعليقات