Skip to main content
search

أَنّى دَعاهُ الشَوقُ فَاِرتاحا

مِن بَعدِ ما أَصبَحَ جَمّاحا

ذَكَّرَهُ عَهدَ الصِبى صاحِبٌ

كانَ لَهُ إِذّاكَ مِفتاحا

أَيّامَ عَبّادَةُ مِن شَأنِهِ

إِن لَم يَزُرها باكِراً راحا

القَلبُ مَشغوفٌ بِما قَد مَضى

يَلقى مِنَ الأَحزانِ أَتراحا

وَكَيفَ لا يَصبو إِلى غادَةٍ

تَكفيكَ في الظَلماءِ مِصباحا

سَحّارَةُ العَينِ لَها صورَةٌ

جادَ عَلَيها الحُسنُ سَحّاحا

كَأَن ثَلجاً بَينَ أَسنانِها

مُستَشرِكاً راحاً وَتُفّاحا

كاتَمتُ ما أَلقى إِلى وَجهِها

حَتّى إِذا عَذَّبَني باحا

كَفى خَليلَيَّ هَوىً شَفَّني

لا يَعدِمُ الناصِحُ أَنصاحا

قولا لِمَن لَم تَرَيا مِثلَهُ

في مَحفَلٍ جِسماً وَأَلواحا

كُرّي لَنا العَيشَ الَّذي قَد مَضى

ما كانَ ذاكَ العَيشُ ضَحضاحا

لا كُنتُ إِن كُنتُ تَناسَيتُكُم

لِهائِجٍ بَعدَكُمو ناحا

في حُلَّتي جِسمُ فَتىً ناحِلٍ

لَو هَبَّتِ الريحُ لَهُ طاحا

كانَ الشَقا حُبّي مَدينِيَّةً

راحَت بِها دارٌ وَما راحا

أَرعى بِها النَجمَ وَما رَغبَتي

نَجماً بِطَرفِ العَينِ لَمّاحا

أَذابِحي الشَوقُ إِلى قُربِها

ما كانَ ذاكَ الشَوقُ ذَبّاحا

لَم أَنسَ ما قالَت وَأَترابُها

في مَعرِكٍ يَنظِمنَ مِسباحا

أَقلِل مِنَ الطيبِ إِذا زُرتَنا

إِنّي أَخافُ المِسكَ إِن فاحا

لا تَترُكَنّا غَرَضاً لِلعِدى

إِن كُنتَ لِلأَهوالِ سَبّاحا

لَم أَدرِ أَنَّ المِسكَ واشٍ بِنا

إِنَّ حارَ بابُ الدارِ مِسباحا

فَسَمَّحَت أُخرى وَقالَت لَها

لا تَحرِما ما كانَ إِصلاحا

لا بُدَّ مِن طيبٍ لِمُعتادِهِ

يَغدو بِهِ نَفساً وَأَرواحا

كَم لَيلَةٍ قَد شَقَّ إِصباحُها

عَنّا نَعيماً كانَ زَحزاحا

لَم نَنبَسِط فيهِ إِلى مُحرَمٍ

حَتّى رَأَينا الصُبحَ وَضّاحا

إِلّا حَديثاً مُعَجِباً أُنسُهُ

أَكبَرتُهُ غُنماً وَأَرباحا

بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الإفتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024