دعني أمت بالهوى لا يلحني لاح

ديوان بشار بن برد

دَعني أَمُت بِالهَوى لا يَلحَني لاحِ

لَيسَ المَشوقُ إِلى الأَحبابِ كَالصاحي

لَو كُنتَ تَطرَبُ لَم تُنكِر بُكا طَرِبٍ

صَبٍّ عَلى نَفسِهِ بِالشِعرِ نَوّاحِ

خَفِّض جَشاكَ عَلى نَأيِ الدُنُوِّ بِها

آلَيتُ أُدني نَصيحاً ما وَحى واحِ

قَد هَرَّ قَبلَكَ كَلبٌ دونَ حُجرَتِها

فَهَل فَزِعتُ لِكَلبٍ مَرَّ نَبّاحِ

أَبى لِيَ اللَعَجُ المَشبوبُ في كَبِدي

وَفي فُؤادي وَأَوصالي وَأَرواحي

أَرتاحُ لِلريحِ إِن هَبَّت يَمانِيَةً

وَأَنتَ عِندي رَخيمٌ غَيرُ مُرتاحِ

لا أَسمَعُ الصَوتَ إِلّا صَوتَ جارِيَةٍ

تَدعو إِلى أَسَدٍ مِن حُبِّها شاحِ

كَأَنَّما اِنتَزَعَت حُبّي بِدَعوَتِها

كَأَنَّها جَبَلٌ مِن دونِ نُصّاحي

رَيّا الروادِفِ مِلواحٌ مُنَعَّمَةٌ

يا حَبَّذا كُلُّ رَيّا الرِدفِ مِلواحِ

لَم تَرثِ لي مِن جَوى حُبٍّ وَقَد ضَحِكَت

عَن بارِدٍ كَوَميضِ البَرقِ لَمّاحِ

كَأَنَّ في طَرفِ عَينَيها إِذا نَظَرَت

بِناظِرٍ عُقَداً مِن سِحرِ سَبّاحِ

تَسُرُّ عَيناً وَتَلقى الشَمسَ غَيبَتَها

كَأَنَّما خُلِقَت مِن ضَوءِ مِصباحِ

أُمسي أُؤَمِّلُ جَدواها فَتُخلِفُني

وَما أَزالُ كَما أَمسَيتُ إِصباحي

وَكَيفَ يُخلِفُ مَأمولٌ لَهُ شَرَفٌ

مِن بَعدِ ما قالَ خَيراً لِاِمرِئٍ ناحِ

يَلومُني صاحِبي فيها وَقَد فَتَحَت

إِلى الصَبابَةِ لي باباً بِمِفتاحِ

خاضَت مِنَ الحُبِّ ضَحضاحاً وَما رَضِيَت

حَتّى جَشِمتُ إِلَيها غَيرَ ضَحضاحِ

تَسَوَّكَت لي بِمِسواكٍ لِتُعلِمَني

ما طَعمُ فيها وَما هَمَّت بِإِصلاحِ

لَمّا أَتَتني عَلى المِسواكِ ريقَتُها

مَثلوجَةَ الطَعمِ مِثلَ الشَهدِ بِالراحِ

قَبَّلتُ ما مَسَّ فاها ثُمَّ قُلتُ لَهُ

يالَيتَني كُنتُ ذا المِسواكَ يا صاحِ

قُل لِلرَبابِ اِرجِعي روحي إِلى جَسَدي

أَو عَلِّليني بِوَجهٍ مِنكِ وَضّاحِ

عَلى الوَساوِسِ تُعفيني وَتَترُكُني

مِن باكِرٍ بِدَعاوي الحُبِّ رَوّاحِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات