Skip to main content
search

نَهاكَ عَنِ الغَوايَةَ ما نَهاكا

وَذُقتَ مِنَ الصَبابَةِ ما كَفاكا

وَطالَ سُراكَ في لَيلِ التَصابي

وَقَد أَصبَحتَ لَم تَحمَد سُراكا

فَلا تَجزَع لِحادِثَةِ اللَيالي

وَقُل لي إِن جَزِعتَ فَما عَساكا

وَكَيفَ تَلومُ حادِثَةً وَفيها

تَبَيَّنَ مَن أَحَبَّكَ أَو قَلاكا

بِروحي مَن تَذوبُ عَلَيهِ روحي

وَذُق ياقَلبُ ما صَنَعَت يَداكا

لَعَمري كُنتَ عَن هَذا غَنِيّاً

وَلَم تَعرِف ضَلالَكَ مِن هُداكا

ضَنيتُ مِنَ الهَوى وَشَقيتُ مِنهُ

وَأَنتَ تُجيبُ كُلَّ هَوىً دَعاكا

فَدَع ياقَلبُ ماقَد كُنتَ فيهِ

أَلَستَ تَرى حَبيبَكَ قَد جَفاكا

لَقَد بَلَغَت بِهِ روحي التَراقي

وَقَد نَظَرَت بِهِ عَيني الهَلاكا

فَيا مَن غابَ عَنّي وَهوَ روحي

وَكَيفَ أُطيقُ مِن روحي اِنفِكاكا

حَبيبي كَيفَ حَتّى غِبتَ عَنّي

أَتَعلَمُ أَنَّ لي أَحَداً سِواكا

أَراكَ هَجَرتَني هَجراً طَويلاً

وَما عَوَّدتَني مِن قَبلُ ذاكا

عَهِدتُكَ لاتُطيقُ الصَبرَ عَنّي

وَتَعصي في وَدادي مَن نَهاكا

فَكَيفَ تَغَيَّرَت تِلكَ السَجايا

وَمَن هَذا الَّذي عَنّي ثَناكا

فَلا وَاللَهِ ماحاوَلتَ عُذراً

فَكُلُّ الناسِ يُعذَرُ ما خَلاكا

وَما فارَقتَني طَوعاً وَلَكِن

دَهاكَ مِنَ المَنِيَّةِ ما دَهاكا

لَقَد حَكَمَت بِفُرقَتِنا اللَيالي

وَلَم يَكُ عَن رِضايَ وَلا رِضاكا

فَلَيتَكَ لَو بَقيتَ لِضُعفِ حالي

وَكانَ الناسُ كُلُّهُمُ فِداكا

يَعِزُّ عَلَيَّ حينَ أُديرُ عَيني

أُفَتِّشُ في مَكانِكَ لا أَراكا

وَلَم أَرَ في سِواكَ وَلا أَراهُ

شَمائِلَكَ المَليحَةَ أَو حِلاكا

خَتَمتُ عَلى وِدادِكَ في ضَميري

وَلَيسَ يَزالُ مَختوماً هُناكا

لَقَد عَجِلَت عَلَيكَ يَدُ المَنايا

وَما اِستَوفَيتَ حَظَّكَ مِن صِباكا

فَلَو أَسَفي لِجِسمِكَ كَيفَ يَبلى

وَيَذهَبُ بَعدَ بَهجَتِهِ سَناكا

وَما لي أَدَّعي أَنّي وَفِيٌّ

وَلَستُ مُشارِكاً لَكَ في بَلاكا

تَموتُ وَما أَموتُ عَلَيكَ حُزناً

وَحَقَّ هَواكَ خُنتُكَ في هَواكا

وَيا خَجَلي إِذا قالوا مُحِبٌّ

وَلَم أَنفَعكَ في خَطبٍ أَتاكا

أَرى الباكينَ فيكَ مَعي كَثيراً

وَلَيسَ كَمَن بَكى مَن قَد تَباكى

فَيا مَن قَد نَوى سَفَراً بَعيداً

مَتى قُل لي رُجوعُكَ مَن نَواكا

جَزاكَ اللَهُ عَنّي كُلَّ خَيرٍ

وَأَعلَمُ أَنَّهُ عَنّي جَزاكا

فَيا قَبرَ الحَبيبِ وَدِدتُ أَنّي

حَمَلتُ وَلَو عَلى عَيني ثَراكا

سَقاكَ الغَيثُ هَتّاناً وَإِلّا

فَحَسبُكَ مِن دُموعي ما سَقاكا

وَلا زالَ السَلامُ عَلَيكَ مِنّي

يَرُفُ مَعَ النَسيمِ عَلى ذُراكا

بهاء الدين زهير

بهاء الدين زهير (1186 - 1258) (581هـ - 656هـ)، زهير بن محمد بن علي المهلبي العتكي بهاء الدين، شاعر من العصر الأيوبي. ولما ظهر نبوغه وشاعريته التفت إليه الحكام بقوص فأسبغوا عليه النعماء وأسبغ عليهم القصائد. وطار ذكره في البلاد وإلى بني أيوب فخصوه بعينايتهم وخصهم بكثير من مدائحه.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024