لا تقطعن رجاء العيش بالعلل

ديوان الشريف المرتضى

لا تقطعنّ رجاءَ العيش بالعِللِ

فالعمرُ أقصر أوقاتاً من الشُّغُلِ

وما السّرورُ على خَلْقٍ بمتّئدٍ

وما النّعيم على الدّنيا بمتّصلِ

قضى الزّمانُ بان يبتزّ نِحلَتَه

ما يُبرِم الصّبحُ تُعريه يدُ الطَّفَلِ

أقول إذا لامني في الحبّ جاهله

لو كنتَ لاقيتَ ما ألقاه لم تَقُلِ

خفّضْ عليك فإِنّي غيرُ منعطفٍ

على ملامٍ ولا مُصغٍ إلى عَذَلِ

إذا نزعت هوىً في ثوب غِرّتِه

فإنّ سرَّ الصِّبا في خمرةِ الغَزَلِ

وشافعُ الحبّ لا تنفكّ طاعتُه

أدنى إلى النّفس من همٍّ إِلى جَذَلِ

لا تأنسنّ بلين الصّعبِ في كَلَفٍ

فاللّيثُ يصبو ويعلو منكِبَ البَطَلِ

ولا يغرّنْك حلمٌ في مواطنه

فالدّهر يُغضِي ويقضِي أعضل العُقَلِ

وكيف يُدني منَ التّشمير في حَدَثٍ

مَن داؤه في ظهور الخيلِ والإبلِ

أدنى شعارَيْه درعٌ في تفضّلِه

وكفُّه منبتُ العَسّالةِ الذُّبُلِ

يرضى النِّجادَ بديلاً من تمائمه

وأحمرَ النَّقْعِ من مُحمرّةِ الحُلَلِ

وَلا وسادَ له إلّا جوارحُه

ولا يمُهِّد إلّا جَلْدَةَ السُّبُلِ

ما يَعجِمُ الخطبُ لِي عوداً على خَوَرٍ

ولا يكشّفُ منّي القلبُ عن وَهَلِ

وَلا اِمتطيتُ صنيعاً ذُمَّ راكبه

ولا أدار لساني القولَ في خَطَلِ

هيهاتَ أَرهب مِن هَذا الورى أَحداً

وقد رأيت شمولَ العجز والفَشَلِ

إِنَّ الرّجالَ وإنْ راعتْك كثرتُهمْ

إذا خبرتَهمُ لم تُلفِ من رجلِ

مَن لم تكن غايةَ العلياء بغيتُه

فلن أُلابِسَهُ إلّا على دَخَلِ

للَّه يومٌ أتاني وهو مبتسمٌ

لقيتُ فيه نفوسَ القومِ بالأجلِ

على حصانٍ حصينٌ مَنْ تَجلَّله

كأنّه قَد تعلّى ذروةَ الجبَلِ

رَحْبِ الجبين قصيرِ الظّهر من سَعَةٍ

كأنّ راكبه منه على الكَفَلِ

لمّا طلعتُ بصدق العزمِ مشتملاً

رأى الكماة بوجهي مالئ المُقَلِ

وغُرّةُ الشّمسِ بالقَسْطالِ في كِلَلٍ

وبالبصائر خدُّ الأرضِ في خَجَلِ

قل للنّوائب إمّا كنتَ مخبرَها

بيني وبينك قرعُ البيضِ والأَسَلِ

في فتيةٍ عشقوا الحربَ العَوانَ فما

يزورُ عشقَهمُ شيءٌ سوى المَلَلِ

لا يَرهبونَ المَنايا أنْ تلمّ بهمْ

ولا يخافون يوماً جرعةَ الثُكُلِ

إليكِ عنِّيَ أخلاقَ اللّئامِ فما

يُجيد سمعي إلى نجواكِ من مَيَلِ

مَن شاءَ أَن يتحامَى الهُونُ حوزتَه

يكنْ بوفدِ الأماني غيرَ محتفلِ

لا يقنُصُ الدّهرُ قلبي في حبائله

ولا يَميل اِعتِزامي في صِبا أملِ

لا زلتِ يا أعينَ الحسَّاد مُطرَفةً

دوني ويا قلبَهمْ لا زلتَ في خَزَلِ

من يحسدِ المجدَ غَصّانٌ بحسرتِهِ

وعاشقُ المجد لا يُلفى على مَلَلِ

لا تنظرنّ اِمرءاً من غير حاسده

فليس يُدرك صدقاً ناظرُ الحُوَلِ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات