Skip to main content
search

كَم مِن وُقوفٍ عَلى الأَطلالِ وَالدِمَنِ

لَم يَشفِ مِن بُرَحاءِ الشَوقِ ذا شَجَنِ

بَعضَ المَلامَةِ إِنَّ الحُبَّ مَغلَبَةٌ

لِلصَبرِ مَجلَبَةٌ لِلبَثِّ وَالحَزَنِ

وَما يَريبُكَ مِن إِلفٍ يَصُبُّ إِلى

إِلفٍ وَمِن سَكَنٍ يَصبو إِلى سَكَنِ

عَينٌ مُسَهَّدَةُ الأَجفانِ أَرَّقَها

نَأيُ الحَبيبِ وَقَلبٌ ناحِلُ البَدَنِ

أَسقى الغَمامُ بِلادَ الغَورِ مِن بَلَدٍ

هاجَ الهَوى وَزَمانَ الغَورِ مِن زَمَنِ

إِنّي وَجَدتُ بَني الجَرّاحِ أَهلَ نَدىً

غَمرٍ وَأَهلَ تُقىً في السِرِّ وَالعَلَنِ

قَومٌ أَشادَ بِعَلياهُم وَوَرَّثَهُم

كِسرى بنُ هُرمُزَ مَجداً واضِحَ السَنَنِ

تَسمو بَواذِخُ ما يَبنونَ مِن شَرَفٍ

كَما سَما الهَضبُ مِن ثَهلانَ أَو حَضَنِ

وَلَيسَ يَنفَكُّ يُشرى في دِيارِهِمِ

وافي المَحامِدِ بِالوافي مِنَ الثَمَنِ

الفاعِلونَ إِذا لُذنا بِظِلِّهِمِ

ما يَفعَلُ الغَيثُ في شُؤبوبِهِ الهَتِنِ

لِلَّهِ أَنتُم فَأَنتُم أَهلُ مَأثُرَةٍ

في المَجدِ مَعروفَةِ الأَعلامِ وَالسُنَنِ

فَهَل لَكُم في يَدٍ يَنمي الثَناءُ بِها

وَنِعمَةٍ ذِكرُها باقٍ عَلى الزَمَنِ

إِن جِئتُموها فَلَيسَت بِكرَ أَنعُمِكُم

وَلا بَدِئَ أَياديكُم إِلى اليَمَنِ

أَيّامَ جَلّى أَنوشِروانُ جَدُّكُمُ

غَيابَةَ الذُلِّ عَن سَيفِ بنِ ذي يَزَنِ

إِذ لا تَزالُ لَهُ خَيلٌ مُدافِعَةٌ

بِالطَعنِ وَالضَربِ عَن صَنعاءَ أَو عَدَنِ

أَنتُم بَنو المُنعِمِ المُجدي وَنَحنُ بَنو

مَن فازَ مِنكُم بِعُظمِ الطولِ وَالمِنَنِ

وَقَد وَثِقتُ بِآمالي الَّتي سَلَفَت

وَحُسنِ ظَنِّيَ في الحاجاتِ بِالحَسَنِ

بِبارِعِ الفَضلِ يَأوي مِن شَهامَتِهِ

إِلى عَزائِمَ لَم تَضعُف وَلَم تَهِنِ

ما إِن نَزالُ إِلى وَصفٍ لِأَنعُمِهِ

فينا وَشُكرٍ لِما أَولاهُ مُرتَهَنِ

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024