سهام نواظر تصمي الرمايا

ديوان ناصح الدين الأرجاني

سِهامُ نَواظرٍ تُصْمي الرَّمايا

وهُنَّ منَ الجوانحِ في الحَنايا

ومن عجَبٍ سهامٌ لم تُفارِقْ

حَناياها وقد أصْمَتْ حشايا

نَهيْتُك أن تُناضِلَها فإنّي

رمَيْتُ فلم يُصِبْ سَهْمي سِوايا

جعَلْتُ طليعتي طَرْفي سَفاهاً

فَدُلَّ على مَقاتِليَ الخَفايا

وهل يُحمَى حَريمٌ من عَدُوٍّ

إذا ما الجيشُ خانَتْه الرَّبايا

ويومَ عَرضتُ جيشَ الصَّبْرِ حتّى

أَشُنَّ به على وَجْدي سَرايا

هزَزْنَ من القُدودِ لنا رِماحاً

فخَلَّينا القلوبَ لها دَرايا

وأَبكَى البَيْنُ شَتّى مِن عُيونٍ

وكان سِوَى مَدامِعيَ البَكايا

ولي نَفَسٌ إذا ما امتدَّ شَوقاً

أطار القلبُ من حُرْقٍ شَظايا

ودمعٌ يَنصرُ الواشِين ظُلْماً

ويُظهرُ من سَرائريَ الخبايا

ومُحتكِمٍ على العُشّاقِ جَوْراً

وأينَ منَ الدُّمَى عَدْلُ القَضايا

يُرِيكَ بوَجْنَتَيْهِ الوَرْدَ غَضّاً

ونَورَ الأُقْحُوانِ منَ الثّنايا

تأمَّلْ منه تحت الصُّدْغِ خالاً

لتَعلمَ كم خَبايا في الزَّوايا

ولا تَلُمِ المُتيَّمَ في هواهُ

فعَذْلُ العاشِقينَ من الخَطايا

خَطبْتُ نوالَه المَمنوعَ حتّى

أَثَرْتُ به على نَفْسي بَلايا

فأرَّقَ مقلتي وجْداً وشَوقاً

وعذَّب مهجتي هَجراً ونايا

وأَتعبَ سائري أن رقَّ قلبي

وفي ضَعْفِ الملوكِ أذَى الرّعايا

غَريمُ الدّهرِ ليس له وفاءٌ

فلا تَدْفعْ نُقودَك بالنَّسايا

تَغنَّمْ صُحبتي يا صاحِ إنّي

نَزعْتُ عنِ الصِّبا إلاّ بَقايا

وخالفْ مَن تَنسَّك مِن رجالٍ

لَقُوكَ بأكبُدِ الإبِلِ الأَبايا

ولا تسلُكْ سِوى طُرُقي فإنّي

أنا ابْنُ جَلا وطَلاّع الثّنايا

وقُمْ نأخُذْ من الَّلذّاتِ حَظّاً

فإنّا سوف تُدرِكُنا المنايا

وساعِدْ زُمرةً ركَضوا إليها

فآبُوا بالنِّهابِ وبالسَّبايا

وأَهْدِ إلى الوزيرِ المدْحَ يَجْعَلْ

لكَ المِرباعَ منها والصَّفايا

وقُلْ للرّاحِلينَ إلى ذُراهُ

ألستمْ خيرَ مَن رَكِبَ المَطايا

بيُمْنِ مُعينِ دينِ اللهِ أضحَتْ

ديارُ المُلْكِ عاليةَ البِنايا

هو الفلَكُ المُطِلُّ عُلاً ولكنْ

كواكبُه إذا طلَع السَّجايا

هو المَلِكُ الّذي يُضْحي ويُمْسي

زِنادُ المُلكِ مِن يَدِه وَرايا

أجلُّ الناسِ إن فخَروا نِصاباً

وأكرمُهمْ إذا اخْتُبِروا سجايا

أبَى إلاّ السُّموَّ إلى المعالي

وقد دنَتِ النُّفوسُ من الدَّنايا

وصَدِّقْ كُلَّ ظنٍّ فيه جُوداً

وقد طُوِيتْ على البُخْلِ الطَّوايا

فتىً لو جادَ بالدّنيا لفَرْدٍ

توَهَّم أنّها أدنَى العَطايا

ولو وهَب النُّجومَ لسائليهِ

رآها من مَواهبِه نفايا

وحُسنُ الذّكْرِ في الدُّنيا غِراسٌ

تَنالُ ثمارَها الأيدي السَّخايا

إليك أَثَرْتُ من بُعُدٍ خُطاها

فجاءتْ وهْي ضامرةٌ رَذايا

وهُنّ وقد أَتَتْكَ بنا خِفافاً

بأنْ يَرجِعْنَ مُثقلَةً حَرايا

قِسِيُّ سُرًى وأَرْكَبَها سِهامٌ

رَميْنَ بِهنَّ أغراضاً قَصايا

لِيَهْنِكَ ما تَجدَّد من جَلالٍ

بما أَولاك سُلطانُ البَرايا

فقد غَدَتِ المَمالكُ وهْي تُزْهَى

بعَدْلك من خَلائقِك الوَضايا

وعَسكرُ مُكرَمٍ عَرِيَتْ رُباها

لِما صنَعتْ بها العُصَبُ الغَوايا

ولم تَرَ في بلادِ اللهِ طُرّاً

كسُوق الجَسْرِ سُوقاً مُقلتايا

ولا كتدفُّقِ الدُّولابِ فيها

رأتْ عينايَ واغترَفَتْ يَدايا

فهاهيَ قد خلَتْ تلك المَغاني

بها وتَقوَّضتْ تلكَ البنايا

فَجرِّدْ للمَصالحِ منك عَزْماً

ألا يا أيمنَ الوزراءِ رايا

تَنالُ به لَواحِقَ حُسنِ صيتٍ

لَهُنَّ على سَوابقه مَزايا

يَعُدْ فَلكاً يدورُ وفيه شُهْبٌ

تَقاذَفُ من جوانبهِ القَضايا

وباكيةٍ تَحِنُّ لغَيْرِ وَجْدٍ

وتَندُبُ في الغُدُوِّ وفي العَشايا

وكان بكاؤها ضَحِكاً لقومٍ

فلمّا أَن رقَتْ بكَتِ البَرايا

وليس من البدائعِ حينَ تُمْحَى

بجُودِ يَديْكَ آثارُ الرّزايا

ولو أنّي مَلكتُ عنانَ أمري

وأجراني الزّمانُ على هَوايا

لسِرْتُ إذَنْ على بَصَري إليكمْ

وما ألِمَ المَسيرَ ولا تَعايا

أَطَلْتُ ببابِكَ العالي مُقامي

مُصاحِبَ هذهِ الشِّيَمِ الرَّضايا

ولكنْ لا أزالُ كأنّ دَهْري

يُبِرُّ من الإساءةِ بي ألايا

وما هذا الزّمانُ وأنت فيه

بأهْلٍ أن يؤاخَذَ بالجَنايا

وأَيّة بَلْدةٍ حَلّتْ رِكابي

تَلَوْتُ بها لشُكرِ نَداكَ آيا

وليس الشِّعْرُ لي شَرفاً ولكنْ

أُحبِّرُ للكرامِ به تَحايا

وأحوِي منه للكُبَراء ودّاً

تَقطَّعُ للحسودِ به الحَوايا

ولولا شكرُ مثْلِك بالقوافي

لَما عَلِقتْ أعِنّتَها يَدايا

فلا بَرِحَتْ بك الأيّامُ غُرّاً

ولا بلَغتْ لك الحُسّادُ غَايا

فدُمْ في أنعُمٍ للخَلْقِ تَبْقَى

على مَرِّ السِّنينَ بها فَتايا

وعيِّدْ في السّعادةِ ألفَ عامٍ

وعشْ ما شئتَ في نِعَمٍ سَنايا

وخُذْها فهْيَ والمهدونَ شَتّى

نَفيسةُ ما مَلكْتُ من الهدايا

إذا القاضي كمالُ المُلكِ يوماً

عليك جلا مَعانيَها الجَلايا

لِمَنْ صُغْتُ المديحَ ومَن رَواهُ

شَهْدتُ لقد تَعالَى مُرْتقايا

مُنظَّمةً من الدُّرِّ الغَوالي

مُحَبّرةً من الكَلِمِ العَلايا

رجَتْ منك القَبولَ لها فتاهَتْ

وما كُلُّ الملائحِ بالحَظايا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأرجاني، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات