Skip to main content
search

زَفَّ المنامُ إليّ طَيْفَ خَيالِهِ

لو أنّ طَيْفاً كان من أبدالِهِ

لو كان مُعْتَنقي لَما طَغِيَ الهوَى

لو كان يَطْغَى لاعْتناقِ مِثاله

بِتْنا نُعَلَّلُ بالوِصالِ منَ امْرئٍ

لم يُبْقِ منّا غيرُ ذِكْرِ وْصاله

في ليلةٍ لحَظَ الزّمانُ نَعيمَنا

فيها بعَيْنِ العارفِ المُتَباله

تَمّتْ محاسنُه فتَمّ صُدودُه

وكذاكَ نَقْصُ البَدْرِ وقْتَ كَماله

قَلّ الهوَى في العينِ منه مثْلما

يَلْقَى الأميرُ نَداهُ باسْتِقْلاله

ماذا يُريدُ الهَجْرُ من مُتَعَرِّضٍ

للدَّهْرِ يَمزُجُ رَنْقَهُ بِزُلاله

صَبٍّ عصَى عُذّالَه حتّى إذا

نسَم الصَّبابةَ صارَ من عُذّاله

ومُهَفْهفٍ حبَس الورَى صَرْفُ الهوَى

ما بينَ عارضِه المُنيرِ وخاله

عاطَيْتُه الصَّهْباءَ أخطُبُ نَوْمَه

والصّحْوُ يَحجُبُ حُسْنَه بِدَلاله

ما زلتُ أَبسطُهُ بها حتّى لقد

فرَّقْتُ بينَ دَلالِه وجَماله

حتّى إذا عبَث السُّباتُ بقَدِّه

عَبثاً يَكونُ الجِدُّ من أمثاله

شَفّعْتُ فيه مُروءتي وسلَبْتُه

نَفْسي وبِعْتُ حَرامَه بحَلاله

ومُماذِقٌ حَسِبَ المِطالَ يَزيدُني

حُبّاً له فوهَبْتُه لِمِطاله

ولَوَ انَّ هذا الدّهْرَ يشكرُ لم يدَعْ

شُكْري وقد عَدَّدْتُ بعْضَ خِصاله

ولَوَ انَّ هذا الجودَ يشكرُ لم يَدَعْ

شكْرَ الأميرِ وقد غدا منْ آله

الوَفْرُ عند نَوالِه والنَّيْلُ عن

د سُؤالِه والمَوْتُ عند صِياله

والخَلْقُ من سُؤاله والجُودُ من

عُذّالِه والدَّهرُ من عُمّاله

تَتجمّعُ الآمالُ من أموالِه

فَتُفَرَّقُ الأموالُ في آماله

وله حُلومٌ لو قُسِمْنَ على الوَرى

ما زاد عاقِلُه على جُهّاله

وخلائِقٌ لو أنّهُنٌ كواكبٌ

أَضحَى السُّها في الضّوءِ مِثْلَ هِلاله

وفُصولُ قَوْلٍ هُنّ أعذَبُ مَسمَعاً

من راحةِ المَشْغولِ عن أشغاله

سَمْحُ البديهةِ ليس يُمسكُ لَفْظَه

فكأنّما ألفاظُه من ماله

وكأنّما عزَماتُه وسُيوفُه

من جِدِّهن خلُقِنْ َمن إقْباله

مُتَبسِّمٌ في الخَطْبِ تَحسَبُ أَنّه

من حُسْنِه مُتلثِّمٌ بنِعاله

لو كان يَدْري الدَّهرُ قيمةَ فِعْلِه

نُسِجَتْ حوادثُه على مِنْواله

يا هُنْدُوانيّاً عتيقُ نِجارِه

أَغْنَى الصَّياقِلَ عن حديثِ صِقاله

أُجري إليك الشِّعْرَ حتّى أَصبحَتْ

منه القِصارُ حوامِداً لِطِواله

وكذاكَ مَن جَرَّ الذُّيولَ إلى العُلا

عَلِقَ الثَّناءُ بصَفْحتَيْ أذْياله

الأرجاني

ناصح الدين الأرجاني، واسمه الكامل ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين القاضي الأرجاني. ولد في التخوم الشرقية من مدينة أرجان في عام 460 هجرية – 1068 ميلادية، يتميز شعر القاضي الأرجاني بطول نفس و بلطف عبارة وكان غواصاً في المعاني كامل الأوصاف. إذا ظفر على المعنى يستوعبه كاملا و لا يدع فيه لمن بعده فضلاً لذا جاءت قصائده أغلبها طويلة. فقد ابدع في اللفظ والمعنى وأجاد وقد جمعهما بمقدرة وتمكن وقيل انه كان ينظم كل يوم ثمانية أبيات شعرية على الدوام.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024