Skip to main content
search

أَلا طَرَقَت مَوهِناً مَهدَدُ

وَقَد غَوَّرَ الكَوكَبُ المُنجِدُ

أَلَمَّت بِمَلمومَةٍ كَالقَنا

وَفِتيانِ حَربٍ لَهُم توقَدُ

فَبِتُّ أُحَيّا بِمَوجودَةٍ

مَعَ اللَيلِ تُصبِحُ لا توجَدُ

أُلاعِبُ غولاً هَداهُ الكَرى

إِلَينا تَشُطُّ وَتَستَورِدُ

فَلَمّا صَحَوتُ وَلَم أَلقَها

صَحَوتُ وَقَلبي بِها مُقصَدُ

أُقَلِّبُ هَمّاً بِها جاثِماً

وَعَينَينِ رِعيَتُها الفَرقَدُ

فَيا حَزَناً بَعدَ جِنِّيَّةٍ

عَلَيها القَلائِدُ وَالمِسجَدُ

وَيا كَبِداً لَيسَ مِنها لَنا

نَوالٌ وَلا عِندَها لي يَدُ

سِوى شَوقِ عَيني إِلى وَجهِها

وَأَنّي إِذا فارَقَت أَكمَدُ

بَكَيتُ مِنَ الداءِ داءِ الهَوى

إِلَيها وَأَن لَيسَ لي مُسعِدُ

وَقَد وَعَدَت صَفَداً في غَدٍ

وَكَم وَعَدَتكَ وَلا تُصفَدُ

وَإِنّي عَلى طولِ إِخلافِها

لَأَرجو الوَفاءَ وَلا أَحقُدُ

إِذا أَخلَفَ القَومُ ظَنّي بِها

وَكانَ لَها في غَدٍ مَوعِدُ

صَبَرتُ عَلى طَلقِ آيايِها

حِفاظاً وَصَبرُ الفَتى أَعوَدُ

وَما ضَنَّ يَومٌ بِداءِ الهَوى

مُحِبّاً إِذا ما سَقاهُ الغَدُ

وَلَيلَةِ نَحسٍ جُمادِيَّةٍ

إِذا نَسَمَت ريحُها تَبرُدُ

أَقَمنا لِأَضيافِنا مَرقَداً

وَما كُلُّ يَومٍ لَهُم مَرقَدُ

وَإِنّي إِذا ما عَوى نابِحٌ

وَجاشَ لَهُ بَحرِيَ المُزبِدُ

لَأَرمي نَوافِذَ يَشقى بِها

فِراخُ اللِئامِ وَلا تَسعَدُ

أَحَمّادُ لَستَ مِنَ اَكفائِنا

وَأَنتَ اِمرُؤٌ زَعَموا تَسفِدُ

كَفى عَجَباً مُعجِباً أَنَّني

أَراكَ تَكَلَّمُ يا عَجرَدُ

وَما كُنتُ أَحسِبُ مَن داؤُهُ

كَدائِكَ يَنطِقُ لا يُخلِدُ

جَلَستَ عَلى الخَزِّ بَعدَ الحَفا

وَأَصبَحتَ في حَفَدٍ تُحفَدُ

وَنازَعتَ قَوماً تُماريهِمُ

فَيا عَجَبَ الدَهرِ لا يَنفَدُ

وَما لَكَ لا تَحتَبي جالِساً

عَلى العَبقَرِيِّ وَتَستَوفِدُ

أَبوكَ شَبيرٌ فَأَكرِم بِهِ

وَفي اِستِكَ وِردٌ لِمَن تورِدُ

وَأُمُّكَ مِن نِسوَةٍ هَمُّهُنَّ

أَشيَبٌ وَمَفرِقُها يَجمُدُ

إِذا سُئِلَت لَم تَكُن كَزَّةً

وَلَكِن تَذوبُ وَلا تَجمُدُ

لَيالي إِذا لَم يُرَد بَيتُها

أَقامَت تَذَكَّرُ مَن تُغمِدُ

إِذا قَدَّمَ الشَربُ إِبريقَهُم

ظَلِلتَ لِإِبريقِهِم تَسجُدُ

وَتَعبُدُ رَأساً تُصَلّي لَهُ

وَأَمّا الإِلَهُ فَلا تَعبُدُ

وَتُظهِرُ حُبَّ نَبِيِّ الهُدى

وَأَنتَ بِهِ كافِرٌ تَشهَدُ

وَتُشرِكُ لَيلَةَ شَهرِ الصِيام

حَلالاً كَما نَظَرَ الأَربَدُ

وَبِنتُكَ بَلوا قَشَرتَ اِستَها

مُجوناً كَما يَنحِتُ المِبرَدُ

وَتَغشى النِساءَ تُوازي بِهِن

وَمِن هَمِّكَ الحَيَّةُ الأَسوَدُ

وَإِن سَنَحَ الخِشفُ عارَضتَهُ

كَما اِندَفَعَ السابِحُ الأَجرَدُ

وَإِن قيلَ صَلِّ فَقَد أَذَّنوا

زَمَعتَ كَما يَزمَعُ المُقعَدُ

وَإِن قامَتِ الحَربُ عَرّاضَةً

قَعَدتَ وَحَرَّضتَ مَن يَقعُدُ

وَإِن جِئتَ يَوماً إِلى زَلَّةٍ

أَكَلتَ كَما يَأكُلُ القُرهُدُ

وَإِن كُتِمَ السِرُّ أَفشَيتَهُ

نَميماً كَما بَلَّغَ الهُدهُدُ

فَأَنتَ المُشَقّى وَأَنتَ الَّذي

بِما قَد سَرَدتُ وَما أَسرُدُ

سَتَعلَمُ لَو قَد بَدا مَيسَمي

عَلَيكَ وَغَنّى بِكَ المُنشِدُ

أَلومُ اِبنَ نِهيا عَلى أَنَّهُ

يُحِبُّ الرُقودَ وَلا يَرقُدُ

وَكَيفَ أَلومُ اِمرَأً بِاِستِهِ

عَياءٌ مِنَ الداءِ لا يُفقَدُ

عَصانِي اِبنُ نِهيا فَبُعداً لَهُ

كَما بَعِدَ النازِحُ الأَعقَدُ

إِذا نالَ جاهاً كَبا تَحتَهُ

كَما يَزحَفُ الحَيَّةُ الأَربَدُ

وَيُعطيكَ ذُلّاً إِذا رُعتَهُ

كَما ذَلَّ لِلقَدَمِ المِربَدُ

وَيَأخُذُ شِرَّةَ إِخوانِهِ

مُفيداً كَما يَأخُذُ الأَبعَدُ

وَتُبعَدُ أَن لَم أَنِك أُمَّهُ

وَأَمّا المُثَنّى فَلا يُبعَدُ

لَقَد جالَ جُردانُهُ في اِستِها

كَما جالَ في المُقلَةِ المِروَدُ

بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الإفتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024