أروني امرءا من قبضة الدهر مارقا

ديوان الشريف المرتضى

أَروني اِمرءاً من قبضةِ الدّهرِ مارقا

ومن ليس يوماً للمنيّةِ ذائقا

هو الموتُ ركّاضٌ إلى كلّ مهجةٍ

يُكِلُّ مطايانا ويُعيي السّوابقا

فإنْ هو ولّى هارباً فهو فائتٌ

وإنْ كان يوماً طالباً كان لاحقا

فكم ذا تغول النّائباتُ نفوسَنا

وتستلب الأهلين ثمّ الأصادقا

وكم ذا نُعير المُطمعات عيونَنا

ونُدنِي إلى ريح الغرورِ المناشقا

ونعشق في دار الفَناءِ مواطناً

يعرّين منّا لم يكنّ معاشقا

ونشتاق إمّا قالياً أو مقاطعاً

فيا شائقاً لِي ما أضرّك شائقاً

ولو أنّني وفّيت حقَّ تجاربي

قطعتُ من الدّهرِ العَثورِ العلائقا

نُطاح إلى الأجداثِ في كلّ ليلةٍ

ونوسِدُ في قَفْرِ التّراب المرافقا

فيا خبراً أذرى العيونَ جوامداً

وأبقى القلوبَ السّاكناتِ خوافقا

أتاني طَروقاً وهو غيرُ مُحبَّبٍ

وَكَم جاء ما لا تَشتهي النّفسُ طارقا

وددتُ وداداً أنّه غير صادقٍ

وكم قاتلٍ ما كنتُ أهواه صادقا

أصابك من سهم الرّدى ما أصابني

وكان لجلدي قبل جلدك خارقا

ولو أنّنِي حُمّلتُ ثِقْلَك كلَّه

حملتُ عَلوقاً بالّذي كنتُ عالقا

فإن يَكُ غصنٌ من غصونك ذاوياً

قد أبقت الأيّامُ أصلَك باسقا

وإن يَكُ نجمٌ غار بعد طلوعه

فقد ملأتْ منك الشّموسُ المشارقا

أزال الرَّدى منّا على الرّغم تَلْعَةً

وأبقى لنا منك الجبالَ الشَّواهقا

وما ضرّ والسِّربالُ باقٍ على الفتى

إذا شعَّثَثْ منه اللّيالِي البنائقا

وفيك وفي صِنْوٍ له عوضٌ به

إذا نحن أنْصَفْنا الخُطوبَ الطّوارقا

وساء به مَن سرّنا بمكانه

وأفناه مَن أعطاه بالأمس رازقا

حُرمناهُ حظّاً بعد أنْ أخذتْ لنا

على حظّنا منك اللَّيالي المواثقا

وما كنتُ أخشى أنْ يَسُدَّ به الرّدى

فُروجَ الليالي دوننا والمخارقا

وأنْ يحجبَ الصُّفّاحُ بيني وبينه

ويودعه وسْطَ العَراءِ الشّقائقا

فيا أيّها ذا العادلُ المُقْرَمُ الّذي

رضيناه خلْقاً كاملاً وخلائقا

تَعَزَّ عن الماضي ردىً بثوابه

وَكُن بالّذي يَجزِي على الصَّبرِ واثقا

فليس لمخلوقٍ وإن عضَّه الرّدى

فضاق ذراعاً أنْ يعارض خالقا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الشريف المرتضى، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات