أجيرة قلبي إن تدانوا وإن شطوا

ديوان أسامة بن منقذ

أجيرةَ قَلبي إن تَدانَوْا وإن شَطُّوا

ومُنيَةَ نَفسي أنْصَفُونِي أو اشْتَطُّوا

عصَيْتُ اللّواحِي فيكُمُ وأطعتُمُ

مقَالَهُمُ ما هكَذا في الهَوى الشرْطُ

ولو عَلمُوا مقدارَ حَظِّيَ منكُمُ

وهمّي بكم زال التّنافُسُ والغَبْطُ

إذا كانَ حظّي منكُمُ في دنُوِّكُم

صدودٌ وهجرٌ فالّتداني هو الشّحطُ

فيا قلبُ مهلاً لا تُرَعْ إنَّ قُربهمْ

إذا هَجروا مثلُ التّنائي إذا شَطّوا

هَواهُم هَوىً لا البعدُ يُبْلي جَديدَه

لدَيْنا ولا عَالِيهِ بالهجر يَنْحَطُّ

أُحبّهُمُ حُبّي الحياةَ محبّةً

جرتْ في دَمي والرّوحِ فَهي لها خِلْطُ

لهُم من فُؤادِي مَوضعُ السّرِّ والهَوى

فمَحضُ هَواهُم في سُويدائِه وَخْطُ

يُعلّلُني شَوقي بزَوْرةِ طَيفهم

وَجَيْبُ الدُّجَى عن واضحِ الصبحِ مُنْغَطُّ

وَطَرفِي يُراعي النّجْمَ حَيرانَ مِثلَه

إلى أن دَعَاهُ في مغَارِبِهِ الهَبْطُ

عجبتُ له كيفَ اهتَدى لرِحَالنَا

وكم للّوى من دُونِ تَعْرِيْسِنَا سقْطُ

وكيفَ فَرَى عرضَ الفَلاَ من يؤودُه

ويَبهرهُ في جانِب الخِدرِ أن يَخْطُو

فلما استَفَاض الفَجرُ كالبحر وانْبَرت

نُجومُ الدّجى فيهِ تَغُورُ وتَنْغَطُّ

أسِفْتُ على زَوْرٍ أتَانِي به الكَرى

وما زَارَني مُذْ كَان مستيقظاً قَطُّ

إذا مَاسَ خلتُ المسَّ غَالَ عقولَنا

وخَامَرها من سَوْرَةِ الوجدِ إسْفَنْطُ

يَقولُون خُوطٌ أو قَناةٌ قويمةٌ

وما قَدّهُ ما يُنبتُ البانُ والخَطُّ

شبيهةُ أمِّ الخِشْف جِيداً ومُقلَةً

بِجيدِكِ تزدانُ القلائدُ والقُرْطُ

تَروّضَ جَوٌّ جُبْتِهِ وتضوَّعَتْ

رُبىً مَسّها مما تَسرْبَلتِهِ مِرْطُ

حكى وجهُكِ الشمسَ المُنيرةَ في الضّحَى

ولونَ الدّياجِي شَعرُكِ الفاحمُ السّبطُ

فتكْتِ ببَتّاك الحُسامِ إذا هَوَى

على مُفْردٍ ثَنّاهُ في المعرَكِ القَطُّ

وما خلتُ آسادَ الشرى إذْ تَبَهْنَستَ

فرائسَ غِزلانِ الصّرِيمةِ إذ تعطو

فيا عَجَباً من فَاتِرِ الطّرِفِ فاتِنٍ

سَطَا بِكَمِيٍّ لم يزلْ في الوغَى يَسطُو

فأردَاهُ فردُ الحُسن فرداً وإنّه

ليُرهِبُهُ من رَهطِ قَاتِلِه الرّهطُ

أيا ساكني مصرٍ رضَانَا لِبعدِكُم

عن العيشِ والأيّامِ لا تبعدُوا سُخطُ

إذا عنَّ ذكراكُم ظَلِلْتُ كأنّني

غَريقُ بحارٍ ما لِلُجّتِها شَطُّ

وأُلزِمُ كفّي صدعَ قلبٍ أطارَهُ

جوَى الشوقِ لولاَ أن تَدارَكَهُ الضّبطُ

فَهْل لي إليكُم أو لَكُم بعد بُعدِكُم

إيابٌ فقد طَال التّفرقُ والشّطُّ

أراكُم على بعْدِ الديارِ بناظرٍ

لكلّ فراقٍ من مدامِعهِ قِسطُ

إذا عايَنَ التّوديعَ أرسَل لُؤلؤاً

من الدّمعِ لم يَجمعْ فرائِدَهُ اللّقْطُ

وما شَفَّهُ إلا نَوى من يَودُّهُ

وفُرقَةُ أُلاّفٍ هي الميتَة العَبْطُ

فراقٌ أتَى لم تُخبرِ الطير كَونَه

ولاَ رَفعُوا فيه الحدُوجَ ولا حَطّوا

تَلقّتهُ مني سُلطةٌ وصريمةٌ

ومن ليَ أنّي بَعدَ وشْكِ النّوَى سَلْطُ

وما كنتُ أدري أنّ للشّوقِ زَفْرةً

تَزيدُ كما يَنْمِي ويَضطرِمُ السّقطُ

بِرغْمَى أن تُمسِي وتُصبحَ دُونكُم

فَيافٍ لأيدي الجُردِ في وعْرِهَا لَغْطُ

وأن تَنزِلُوا دَارَ القطيعةِ والقِلَى

وجِيرَانُكُم بَعدَ الكرامِ بها القبطُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أسامة بن منقذ، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات