Skip to main content
search

أَأُخَيَّ نَهنِه دَمعَكَ المَسفوكا

إِنَّ الحَوادِثَ يَنصَرِمنَ وَشيكا

ما أَذكَرَتكَ بِمُترِحٍ صَرفِ الجَوى

إِلّا ثَنَتهُ بِمُفرِحٍ يُنسيكا

الدَهرُ أَنصَفُ مِنكَ في أَحكامِهِ

إِذ كانَ يَأخُذُ بَعضَ ما يُعطيكا

وَقَليلُ هَذا السَعيِ يُكسِبُكَ الغِنى

إِن كانَ يُغنيكَ الَّذي يَكفيكا

نَلقى المَنونَ حَقائِقاً وَكَأَنَّنا

مِن غِرَّةٍ نَلقى بِهِنَّ شُكوكا

لا تَكَنَنَّ إِلى الخُطوبِ فَإِنَّها

لُمَعٌ تَسُرُّكَ تارَةً وَتَسوكا

هَذا سُلَيمانُ بنُ وَهبٍ بَعدَ ما

طالَت مَساعيهِ النُجومَ سُموكا

وَتَنَصَّفَ الدُنيا يُدَبِّرُ أَمرَها

سَبعينَ حَولاً قَد تَمَمنَ دَكيكا

أَغرَت بِهِ الأَقدارُ بَغتَ مُلِمَّةٍ

ما كانَ رَسُّ حَديثُها مَأفوكا

فَكَأَنَّما خَضَدَ الحِمامُ بِيومِهِ

غُصناً بِمُنخَرِقِ الرِياحِ نَهيكا

بَلِّغ عُبَيدَ اللَهِ فارِعَ مَذحِجٍ

شَرَفاً وَمُعطى فَضلِها تَمليكا

ما حَقُّ قَدرِكَ أَن أُحَمِّلَ مُرسَلاً

غَيري إِلَيكَ وَلَو بَعُدتُ أَلوكا

كُلُّ المَصائِبِ ما بَقيتَ نَعُدُّهُ

حَرَضاً يَزِلُّ عَنِ النُفوسِ رَكيكا

أَنتَ الَّذي لَو قيلَ لِلجودِ اتَّخِذ

خِلّاً أَخارَ إِلَيكَ لا يَعدوكا

وَكَأَنَّما آلَيتَ وَالمَعروفُ لا

تَألوهُ مُصطَفِياً وَلا يَألوكا

إِنَّ الرَزِيَّةَ في الفَقيدِ فَإِن هَفا

جَزَعٌ بِصَبرِكَ فَالرَزِيَّةُ فيكا

وَمَتى وَجَدتَ الناسَ إِلّا تارِكاً

لِحَميمِهِ في التُربِ أَو مَتروكا

بَلَغَ الإِرادَةَ أَن فَداكَ بِنَفسِهِ

وَوَدِدتَ لَو تَفديهِ لا يَفديكا

لَو يَنجَلي لَكَ ذُخرُها مِن نَكبَةٍ

جَلَلٍ لَأَضحَكَكَ الَّذي يُبكيكا

وَلَحالَ كُلَّ الحَولِ مِن دونِ الَّذي

قَد باتَ يُسخِطُكَ الَّذي يُرضيكا

ما يَومُ أُمِّكَ وَهوَ أَروَعُ نازِلٍ

فاجاكَ إِلّا دونَ يَومِ أَبيكا

كَلمٌ أُعيدَ عَلى حَخاكَ وَلَمحَةٌ

مِمّا عَهِدتَ الحادِثاتِ تُريكا

وَفَجيعَةُ الأَيّامِ قَسمٌ سُوِّيَت

فيهِ البَرِيَّةُ سوقَةً وَمُلوكا

عِبءٌ تَوَزَّعَهُ الأَنامُ يُخِفُّهُ

أَلّا تَزالَ تُصيبُ فيهِ شَريكا

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024