استغاثاتٌ- 1

الحياةُ بحرٌ هائجٌ من صرخاتِ الألمِ واستغاثاتِ المستَضعفِين والهمَلِ من الجماداتِ والكائناتِ الحيّةِ، وليس ثمّةَ مَن يُصغِي إليها، أو يستَرِقُ السّمعَ إلى أنينِها وشكْواها إلا من جُبِلَ قلبُه من أوتارِ الرّحمةِ وألحانِ الشفافيّةِ، وفيضِ بركاتِ السِّلمِ، وغَيضِ الإنسانيّةِ، ورِقّةِ الإحساسِ بالوجودِ، وغورِ التّأمُّلِ في الكونِ.

في كلِّ مدينةٍ وفي كلِّ قريةٍ، بل في كلِّ بيتٍ وفي كلِّ زاويةٍ مُهمَلةٍ، ثمَّة صرخةٌ أو استغاثةٌ، ولكنْ لا حياةَ لمن تُنادي!

العالَمُ والأخلاقُ:

العالمُ بأسرِه يرى ويسمعُ صرخاتِ الأطفالِ واستغاثاتِ النِّساءِ وأنّاتِ الشّيوخِ في فلسطينَ والعراقِ وأفغانستانَ والشّعوبِ المقهورةِ تحت وطأةِ أنظمةٍ استبداديّةٍ عفِنةٍ، لم يعرفِ التّاريخُ مثيلاً لقمعِها وتسلُّطِها على رقابِ خلقِ اللهِ، ولكنَّه عالمُ صمٍّ بُكمٍ، فهم لا يفقهُون؛ لأنّ ضمائرَهم خُدِّرتْ بأفيونِ المادّةِ والشّهواتِ، فباتَت تلك الصّرخاتُ والاستغاثاتُ والآلامُ فيلماً مسرحيّاً أمريكيّاً يشاهدُه العالمُ، وهو يَحتسِي قهوتَه، ويتناولُ طعامَه باسطاً ذراعَيه بالوصيدِ.

كلَّ يومٍ نرى ونسمعُ الآلافَ من تلك الصّرخاتِ والاستغاثاتِ والأنّاتِ تتصاعدُ من أفواهِ أشقّائِنا وأحبّتِنا في العروبةِ والإسلامِ.

لكنْ لا معتصمَ يُغيثُهم، فالمعتصِمونَ العربُ والمسلمونَ يعتصِمون بحبالِ أوهامِهم وطموحاتِهم الذّاتيّةِ، وإذا عرفُوا شيئاً من الاعتصامِ، فإنّما هو اعتصامٌ بكراسٍ من حديدٍ، وأمّا الشُّعوبُ فعصمتُها تحت أحذيةِ أقدامٍ عسكريّةٍ تدوسُها صباحَ مساءَ.

امرأةٌ عربيّةٌ استغاثَت بالمعتصِمِ الخليفةِ العبّاسيِّ، فهبَّ لاستغاثتِها بجيشٍ عرمرمٍ يَطوي الأرضَ طيّاً، فتحَ به عمُّوريّةَ انتقاماً من الرُّوميِّ الذي لطَمَ تلك المرأةَ العربيّةَ. وعمرُ بنُ الخطّابِ الخليفةُ الرّاشدُ يعبِّرُ عن مسؤوليّتِه عن رعيَّتِه وعن ممتَلكاتِهم، فيقولُ: “واللهِ لو أنَّ شاةً في العراقِ تعثَّرت، لخشيتُ أن يُسألَ عنها عمرُ يومَ القيامةِ”.

أرضُنا وأوطانُنا مغمورةٌ ببحرٍ عظيمٍ من الاستغاثاتِ والصّرخاتِ والأنّاتِ، وغوّاصُو النّجدةِ يثملُون بملذَّاتهِم وشهواتِهم، وضمائرُهم مخدَّرةٌ بشتّى أنواعِ المخدِّراتِ والأفيونِ. كلُّ شيءٍ في حياتِنا يستغيثُ ويستَنْجدُ، ولا مِن مُغيثٍ ولا مِن مُجيبٍ.

انظرْ إلى الأخلاقِ والقيمِ الإنسانيّةِ والأخلاقيّةِ كيف تستنْجدُ وتستغيثُ أمام طُوفانِ وطغيانِ المادّةِ على كلِّ مناحِي الحياةِ!

الشّجاعةُ تستغيثُ كلَّ يومٍ، فلا ترى إلّا صمتَ الجبناءِ، ولا تسمعُ إلا ثرثرةَ المنافقينَ والدَّجّالينَ ونقيقَ الضفادعِ وصريرَ الجنادبِ.

والحبُّ يستغيثُ، فلا يجدُ إلّا الأنانيّةَ والبغضَ والكراهيّةَ والشَّهواتِ والملذَّاتِ الحيوانيّةَ والتّلاعبَ بالأحاسيسِ والمتاجرةَ بها.

والجودُ يستغيثُ، فلا يعثرُ إلّا على حيتانٍ ضاريةٍ تكتنزُ ثرواتِ العالمِ في بطونِها، ولا تتخلَّى عن فلسٍ واحدٍ لمساعدةِ الفقراءِ والمستضعفينَ في الأرضِ. والرّحمةُ تستغيثُ، فلا تصطدِمُ إلا بقلوبٍ متحجِّرةٍ كالصُّخورِ الصَّلدةِ، لا تعرفُ طعماً للرَّحمةِ، ولا تستطيعُ كلُّ أزاميلِ الإنسانيّةِ أن تنقشَ فيها حرفاً من المحبّةِ والتَّسامُحِ.

والنُّبلُ يستغيثُ، فلا يقعُ إلا على نفوسٍ وضِيعةٍ، خلَتْ من النّزاهةِ والشَّممِ والكبرياءِ، فباتتْ عبيداً لسلطانِ المادّةِ والأنانيّةِ والمصلحةِ والمنفعةِ الذَّاتيّةِ.

والكرامةُ تستجِيرُ، فلا تجدُ إلا نفوساً تُمرّغُ بأوحالِ الوضَاعةِ وقلَّةِ الضّميرِ والاتِّجارِ بالشّرفِ وحقوقِ الأوطانِ والبشرِ.

والمروءةُ تستنجِدُ، فلا تُواجهُ إلا المتخاذلينَ والانتهازيِّين وأبناءَ الشّوارعِ والهملِ الذين همَّشتْهم الحياةُ؛ فأصبحُوا بلا حياةٍ، لا يسمعُون مَن يُنادِيهم. والإيثارُ يستغيثُ، فلا يقفُ إلا على أوحالٍ من الأنانيّةِ والجشعِ والطّمعِ والاستئثارِ وحبِّ الذّاتِ ومبدأ (اللّهمَّ أسألُك نفسِي).

والبطولةُ تستغيثُ، فلا تجدُ إلا جبناءَ يدمِّرون العالمَ بأسلحةٍ ذرّيةٍ وكيماويّةٍ وطائراتٍ وقاذفاتٍ لا تعرفُ معنىً من معاني البُطولةِ، ولا تلقَى إلا أرواحاً تُزهَقُ في الدّفاعِ عن كرامتِها، وقد عُلّقتْ عليها يافطاتٌ تحملُ عبارةً يُوسَمُ بها كلُّ آدميٍّ عزيزٍ يُضحّي في سبيلِ عزّتِه وكرامتِه: “إرهابيُّون”.

والصِّدقُ يصرخُ، فلا يُسمَعُ إلا صدَى الكذَّابينَ والمنافقينَ وأصحابِ الخطبِ السّياسيّةِ والدّينيّةِ الرّنَّانةِ التي لا تُسمِنُ ولا تُغْني من جوعٍ.

والوفاءُ يستجيرُ، فلا يجدُ قِبلَ وجهِه إلا المواثيقَ والعهودَ الكاذبةَ الخادعةَ والتَّسويفَ واللَّفَ والدّورانَ والوعودَ البرَّاقةَ.

والأصالةُ تكادُ تنتحرُ على مذابحِ الصَّرعاتِ العصريّةِ، فلا تجدُ أمامَها إلا الجواريَ الخنّسَ ومادوناتِ القرنِ الحادي والعشرينَ من الجنسينِ.

والعِفّةُ تلفظُ أنفاسَها الأخيرةَ أمامَ سمومِ العُهرِ والخلاعةِ والسُّكْرِ والمجونِ وتستغيثُ، فلا ترى بصائرُها إلا الدّناءةَ والرِّجسَ والانفلاتَ الجنسيَّ الصّارخَ.

والطُّهرُ يستَصْرخُ النُّفوسَ النّقيَّةَ، فلا يرتطِمُ إلا بجدرانِ القذارةِ ولوثةِ المجرمينَ من طغاةِ العالمِ الذين دنَّسُوا كلَّ ذرّةٍ طاهرةٍ في الحياةِ.

والأنوثةُ تستغيثُ، فلا تقعُ مداركُها إلا على ذكورٍ يتشبَّهُون بالإناثِ، وإناثٍ يتشبَّهنَ بالرّجالِ. فرحمَ اللهُ سراويلَ رجالِ بابِ الحارةِ!

والإنسانيّةُ تستغيثُ، فلا تكتحِلُ عيناهَا إلّا بألوانِ العصبيّاتِ العرقيّةِ والمذهبيّةِ والسياسيّةِ، والتّكتُّلاتِ الاقتصاديَّةِ القائمةِ على المصالحِ المادّيّةِ المشترَكَةِ.

كلُّ قيمةٍ إنسانيّةٍ وأخلاقيّةٍ تستنجدُ في الحياةِ، فلا تَشْتمُّ إلا رائحةَ الوحشيّةِ والنّازيّةِ والبربريّةِ البغيضةِ.

الكائناتُ الحيَّةُ والجماداتُ:

وفي عالمِ الحيوانِ والكائناتِ الحيّةِ غيرِ العاقلةِ، نسمعُ ملايينَ الصّرخاتِ والاستغاثاتِ دونَ أن يُصغِي إليها كائنٌ لبيبٌ؛ ليسمعَ صرخاتِها واستغاثاتِها.

فالحيواناتُ الضَّاريةُ المفترسةُ تستغيثُ، فلا تسمعُ إلّا هديرَ الطّائراتِ والصّواريخِ وانفجاراتِ القنابلِ وأزيزَ الرّصاصِ وزعيقَ سلاسلِ الدّبّاباتِ والمجنزراتِ والحديدِ والنّارِ.

والطُّيورُ تَبكي وتسترحِمُ النُّفوسَ الآدميَّةَ الشَّفّافةَ، فلا تَرى إلا أفاعيَ وصيَّادينَ تنهشُ بفراخِها دونما رحمةٍ أو شفقةٍ.

والحشراتُ التي تدبُّ في الأرضِ تتوسَّلُ إلى البشرِ، فلا تجدُ نفسَها إلا تحتَ وطأةِ أقدامِهم وسُمومِ رشّاشاتِهم ونيرانِ حقدِهم الأعمَى.

والطّبيعةُ تنوحُ وتتوسَّلُ إلى البشرِ للخلاصِ من الدَّمارِ، فلا تفتحُ عينيْها على نورِ الصّباحِ إلّا وقد أحرقتْها أيدي التَّتارِ والمغولِ، ولوَّثتْ أنهارَها وبحارَها وهواءَها بشتَّى أنواعِ السُّمومِ والقاذوراتِ ونيرانِ الحروبِ ودخانِ الحقدِ والغطرسةِ الاستعماريَّةِ.

وفي عالمِ الجمادِ كلُّ شيءٍ يستغيثُ، دونَ أن يَفهمَ تلك الاستغاثاتِ إلا مَن أَتَوا اللهَ بقلبٍ سليمٍ وفكرٍ عظيمٍ. وقد جُبلتْ نفوسُهم من نسائمِ الرّحمةِ وتِبرِ الضَّميرِ الإنسانيِّ الصّافيْ.

مشهدٌ واحدٌ من مشاهدِ الجمادِ جعلَني أشعرُ وأُحسُّ وأُفكّرُ بمشاعرِ كلِّ الجماداتِ، مشهدٌ يدفعُك للتَّسلُّلِ إلى أعماقِها متسلِّحاً بعدساتِ الفكرِ وأنزيماتِ المشاعرِ وومضاتِ الرّوحِ.

كنتُ عائداً من عملِي في التَّدريسِ، رأيتُ في الطّريقِ العامّةِ إلى دبي سيارةً مدنيّةً حديثةً، وقد ظننْتُها عائدةً من الحربِ، من كثرةِ الغبارِ المتراكمِ عليها، تأمّلُتها جيّداً، فإذا بامرأةٍ تقودُها، وقد ظهرَت لي ملامحُها من خلالِ جملةٍ كُتِبتْ بإصبعِ اليدِ على زجاجِها الخلفيِّ، تقولُ:

“اغسلِيني أرجوكِ”. وربَّما كتبَها إنسانٌ ما يريدُ أن ينقلَ للنّاسِ شكْوى السّيَّارةِ من الغبارِ الكثيفِ المتراكمِ عليها، وربّما أرادَ أن يوقِظَ ضميرَ سائقتِها، لعلّها تخلِّصُها من هذا العارِ أو ألمِ الإهمالِ.

وهنا أتساءلُ: كمْ من الجماداتِ والأشياءِ الموجودةِ في الحياةِ تشكُو وتستغيثُ، فلا تجدُ مَن يترجمُ مشاعرَها للآخرينَ. أليسَ في كثيرٍ من البيوتِ قطعٌ من الأثاثِ، تحتاجُ إلى ذلكَ الإصبعِ ليخُطَّ عليْها شكْواها من الإهمالِ وتراكمِ ذرَّاتِ الغبارِ عليها وتآكُلِها من العفونةِ والحشراتِ؟

أوليسَ في أبوابِ ونوافذِ كثيرٍ من المنازلِ صرخاتُ ألمٍ تُناجي: اصبغُوني، نظِّفُوني، أرجوكُم؟!

أليسَ في مجالي كثيرٍ من المطابخِ أوانٍ ومواعينُ تستغيثُ من تراكُمِ فضلاتِ الطَّعامِ عليها، وإهمالِ بعضِها في رفوفٍ تُناجي فتقولُ: اغسلُوني، استعملُوني، أرجوكُم؟!

أليسَ في كثيرٍ من المكتباتِ العامَّةِ كتبٌ جمّةٌ تشكُو من الإهمالِ ومن عدمِ قراءتِها، فتستنْجدُ قائلةً: افتحُوني، اقرؤُوني، أرجوكُم؟!

أوليسَ في شوارعِ كثيرٍ من الأقطارِ صرخاتُ احتجاجٍ تُنادي فتقولُ: عبِّدُوني، سِيروا عليَّ، أرجوكُم؟!

أليسَ في بحارِ كثيرٍ من دولِ العالمِ شواطئُ تشكُو وتحتجُّ، فتقولُ: نظِّفُوني، خلِّصُوني من هذهِ الأوساخِ الظالمةِ، أرجوكُم؟!

أوليسَ في أنهارِ كثيرٍ من أمصارِ العالمِ ذرّاتٌ من الهيدروجينِ والأوكسجينِ تُناجي، فتقولُ: خذُوا عني هذهِ الشَّوائبَ النَّتِنةَ من فضلاتِكم وفضلاتِ مصانِعكُم؟!

أليسَ في أجواءِ كثيرٍ من بلدانِ العالمِ ذرّاتٌ من الأوكسجينِ تستغيثُ، وتقولُ: خلِّصُوني من حقدِ كربونِكم وغازاتِكم المتصاعدةِ من مصانِعكُم وأسلحةِ دمارِكم في الحروبِ؟!

أوليسَ في بطونِ كثيرٍ من أراضي العالمِ ثرواتٌ تستغيثُ وتُنادي، فتقولُ: كفاكُم جشعاً ونهباً واستهتاراً واستغلالاً لي. ألمْ تشبعْ شهواتُكم وأنانيّتُكم؟!

أليسَ في سماواتِ العالمِ كثيرٌ من المجرّاتِ والنُّجومِ والكواكبِ يستنجدُ، فيقولُ: تعالُوا أيُّها البشرُ لتكتشفُوني وتعرِفُوا ما لديَّ من طاقاتٍ وأسرارٍ؟! أوليسَ في بحارِ ومحيطاتِ كثيرٍ من دولِ وقارّاتِ العالمِ استغاثاتٌ تُنادي، وتقولُ: غُوصُوا إلى أعماقِي لتُدركُوا ما في أحشائِي من ثرواتٍ ودُررٍ وطلاسِمَ وغموضٍ؟!

أليسَ في حدائقِ كثيرٍ من دولِ العالمِ أشجارٌ تشكُو من الإهمالِ والنِّسيانِ، فتُناجي قائلةً: اعتَنُوا بي، اسقُوني، قلِّمُوني، لا تكسِرُوني، لا تقطعُوني، أرجوكُم؟!

أليسَ في كراسِي كثيرٍ من حكَّامِ الدُّولِ وقادتِها السّياسيِّينَ والعسكريّين َصرخاتُ ألمٍ تستغيثُ وتُناجي: كفاكُم جلوساً عليَّ، فقد مللْتُ من وطأةِ بقائِكم رابضينَ عليَّ، افسحُوا المجالَ لغيرِكم؛ كي يعرِفَ لذّةَ الجلوسِ عليَّ.

أوليسَ في عقولِ كثيرٍ من البشرِ أفكارٌ تُناجي وتستغيثُ قائلةً: جدِّدُونا وأخرِجُونا من أوهامِ الخوفِ والرَّهبةِ؟ ثمّ أليسَ في كثيرٍ من العقولِ الأُخرى خلايا دماغيّةٌ تستنجدُ وتستغيثُ: فكِّرُوا قليلاً فيما يدورُ حولَكُم، لعلَّنا نستطيعُ أن نتحرَّرَ من هذا الجمودِ الذي كادَ يُودِي بحياتِنا؟! أليسَ في أجسادِ كثيرٍ من البشرِ أعضاءٌ تستغيثُ وتستنجدُ قائلةً: كفاكُم تقاعُساً وإهمالاً، أو كفاكُم إسفافاً وإفراطاً ومبالغةً؟!

أوليسَ في أجسادِ كثيرٍ من النّاسِ أعضاءٌ تضيقُ من غزارةِ الإنتاجِ، وأماكنُ أُخرى تشكُو من الفقرِ والعدمِ في الإنتاجِ؟!

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

الحقدُ والتسامحُ

بدايةً أبتدئُ مقالتِي بنظراتِي الأدبيّةِ والفكريّةِ في الحقدِ والتّسامحِ؛ لأصوغَ منها عباراتٍ تفيضُ بمحبَّتي الّتي لا تعرفُ حدوداً في التّسامحِ، ولا تقفُ أمامَ جدارٍ مظلمٍ…

تعليقات