Skip to main content
search

حَسَمَ الصُلحُ ما اِشتَهَتهُ الأَعادي

وَأَذاعَتهُ أَلسُنُ الحُسّادِ

وَأَرادَتهُ أَنفُسٌ حالَ تَدبيـ

ـرُكَ ما بَينَها وَبَينَ المُرادِ

صارَ ما أَوضَعَ المُخِبّونَ فيهِ

مِن عِتابٍ زِيادَةً في الوِدادِ

وَكَلامُ الوُشاةِ لَيسَ عَلى الأَحـ

ـبابِ سُلطانُهُ عَلى الأَضدادِ

إِنَّما تُنجِحُ المَقالَةُ في المَر

ءِ إِذا صادَفَت هَوىً في الفُؤادِ

وَلَعَمري لَقَد هُزِزتَ بِما قيـ

ـلَ فَأُلفيتَ أَوثَقَ الأَطوادِ

وَأَشارَت بِما أَبَيتَ رِجالٌ

كُنتَ أَهدى مِنها إِلى الإِرشادِ

قَد يُصيبُ الفَتى المُشيرُ وَلَم يَجـ

ـهَد وَيُشوي الصَوابَ بَعدَ اِجتِهادِ

نِلتَ ما لا يُنالُ بِالبيضِ وَالسُمـ

ـرِ وَصُنتَ الأَرواحَ في الأَجسادِ

وَقَنا الخَطِّ في مَراكِزِها حَو

لَكَ وَالمُرهَفاتُ في الأَغمادِ

ما دَرَوا إِذ رَأَوا فُؤادَكَ فيهِم

ساكِناً أَنَّ رَأيَهُ في الطِرادِ

فَفَدى رَأيَكَ الَّذي لَم تُفَدهُ

كُلُّ رَأيٍ مُعَلَّمٍ مُستَفادِ

وَإِذا الحِلمُ لَم يَكُن في طِباعِ

لَم يُحَلِّم تَقادُمُ الميلادِ

فَبِهَذا وَمِثلِهِ سُدتَ يا كا

فورُ وَاِقتَدتَ كُلَّ صَعبِ القِيادِ

وَأَطاعَ الَّذي أَطاعَكَ وَالطا

عَةُ لَيسَت خَلائِقُ الآسادِ

إِنَّما أَنتَ والِدٌ وَالأَبُ القا

طِعُ أَحنى مِن واصِلِ الأَولادِ

لا عَدا الشَرُّ مَن بَغى لَكُما الشَر

رَ وَخَصَّ الفَسادُ أَهلَ الفَسادِ

أَنتُما ما اِتَّفَقتُما الجِسمُ وَالرو

حُ فَلا اِحتَجتُما إِلى العُوّادِ

وَإِذا كانَ في الأَنابيبِ خُلفٌ

وَقَعَ الطَيشُ في صُدورِ الصِعادِ

أَشمَتَ الخُلفُ بِالشَراةِ عِداها

وَشَفى رَبَّ فارِسٍ مِن إِيادِ

وَتَوَلّى بَني اليَزيدِيِّ بِالبَصـ

ـرَةِ حَتّى تَمَزَّقوا في البِلادِ

وَمُلوكاً كَأَمسِ في القُربِ مِنّا

وَكَطَسمٍ وَأُختِها في البِعادِ

بِكُما بِتُّ عائِذاً فيكُما مِنـ

ـهُ وَمِن كَيدِ كُلِّ باغٍ وَعادِ

وَبِلُبَّيكُما الأَصيلَينِ أَن تَفـ

ـرُقَ صُمُّ الرِماحِ بَينَ الجِيادِ

أَو يَكونَ الوَلِيُّ أَشقى عَدُوٍّ

بِالَّذي تَذخُرانِهِ مِن عَتادِ

هَل يَسُرَّنَّ باقِياً بَعدَ ماضٍ

ما تَقولُ العُداةُ في كُلِّ نادِ

مَنَعَ الوُدُّ وَالرِعايَةُ وَالسُؤ

دُدُ أَن تَبلُغا إِلى الأَحقادِ

وَحُقوقٌ تُرَقِّقُ القَلبَ لِلقَلـ

ـبِ وَلَو ضُمِّنَت قُلوبَ الجَمادِ

فَغَدا المُلكُ باهِراً مَن رَآهُ

شاكِراً ما أَتَيتُما مِن سَدادِ

فيهِ أَيديكُما عَلى الظَفَرِ الحُلـ

ـوِ وَأَيدي قَومٍ عَلى الأَكبادِ

هَذِهِ دَولَةُ المَكارِمِ وَالرَأ

فَةِ وَالمَجدِ وَالنَدى وَالأَيادي

كَسَفَت ساعَةً كَما تَكسِفُ الشَمـ

ـسُ وَعادَت وَنورُها في اِزدِيادِ

يَزحَمُ الدَهرُ رُكنُها عَن أَذاها

بِفَتىً مارِدٍ عَلى المُرّادِ

مُتلِفٍ مُخلِفٍ وَفِيٍّ أَبِيٍّ

عالِمٍ حازِمٍ شُجاعٍ جَوادِ

أَجفَلَ الناسُ عَن طَريقِ أَبي المِسـ

ـكِ وَذَلَّت لَهُ رِقابُ العِبادِ

كَيفَ لا يُترَكُ الطَريقُ لِسَيلٍ

ضَيِّقٍ عَن أَتِيِّهِ كُلُّ وادِ

أبو الطيب المتنبي

أبو الطيّب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد، نسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لأنه منهم. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العرب. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، واشتُهِرَ بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكراً.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024