Skip to main content
search

بَدا مِن أَبي الفَضلِ الهَوى المُتَقادِمُ

وَكُلُّ مَحِبٍّ داؤُهُ مُتَفاقِمُ

بَكى الأَشقَرُ الشِهرِيُّ لَمّا بَدَت لَهُ

سَرائِرُ تُبديها الهُمومُ اللَوازِمُ

وَلَمّا رَآني طالَ بِالبابِ مَوقِفي

أُسائِلُ عَن شَجوي مَتى هُوَ قادِمُ

وَكُنتُ إِذا ما جِئتُ مَسَّحَ عُرفَهُ

وَصائِفُ أَمثالُ الظِباءِ نَواعِمُ

تَنَفَّسَ تَحتي وَاِستَهَلَّت دُموعُهُ

وَحمحَمَ لَو تُغني هُناكَ حَماحِمُ

فَوا كَبِدي مِن فَوزَ تَبكي صَبابَةً

وَتَشكو إِلى أَترابِها ما نُكاتِمُ

وَقَد كُنتُ لَمّا آذَنَتني بِبَينِها

وَمَرَّت بِذاكَ البارِحاتُ الأَشائِمُ

تَزَوَّدتُ مِنها بَعضَ ما فيهِ ريحُها

وَزَوَّدتُها وَالقَلبُ حَرّانُ هائِمُ

فَلي عِندَها بُردٌ تُسَكِّنُ قَلبَها

بِهِ وَلَها عِندي حِقابٌ وَخاتَمُ

مِنَ القاصِراتِ الطَرفِ أَمّا وِشاحُها

فَيَبكي وَأَمّا الحِجلُ مِنها فَصائِمُ

إِذا ما اِستَقَلَّت لِلقِيامِ تَكَفَّأَت

وَأَسعَدَها حَتّى تَقومَ الخَوادِمُ

وَوَاللَهِ ما شَبَّهتُ بِالوَردِ عَهدَها

إِذا ما اِنقَضى فيما تَقومُ الأَعاجِمُ

وَلَكِنَّني شَبَّهتُهُ الآسَ وَإِنَمّا

يُلائِمُ وُدّي شَكلُها المُتَلائِمُ

وَإِنّي لَذو عَينَينِ عَينٍ شَجِيَّةٍ

وَعَينٍ تَراها دَمعُها الدَهرَ ساجِمُ

أُعَذِّبُ عَيني بِالبُكاءِ كَأَنَّني

عَدُوٌّ لَعَيني جاهِداً لا أُسالِمُ

فَطوبى لِمَن أَغفى مِنَ اللَيلِ ساعَةً

وَذاقَ اِغتِماضاً إِنَّ ذاكَ لَناعِمُ

عَجِبتُ لِطَرفي خاصَمَ القَلبَ في الهَوى

وَذو العَرشِ بَينَ القَلبِ وَالطَرفِ حاكِمُ

إِذا اِختَصَما كانَ الرَسولَ إِلَيهِما

لِسانٌ عَنِ الجِسمِ النَحيفِ مُراجِمُ

وَلَو نَطَقَت شَكوى الهَوى كُلُّ شَعرَةٍ

عَلى جَسَدي مِمّا تُجِنُّ الحَيازِمُ

لَظَلَّت تَشَكّى البَثَّ لَم تُخطِ كُنهَهُ

فَقَد مَلَأَت صَدري البَلايا العَظائِمُ

يَبيتُ ضَجيعي في المَنامِ خَيالُها

وَمِن دونِها غُبرُ الصُوى وَالمَخارِمُ

تَجَهَّمتُ فَوزاً في المَنامِ فَأَعرَضَت

وَإِنّي عَلى ما كانَ مِنّي لَنادِمُ

إِذا كانَ في الأَحلامِ ما يَشتَهي الفَتى

فَوَاللَهِ ما الأَحلامُ إِلّا غَنائِمُ

إِذا اِستَقبَلَتني الريحُ مِن نَحوِ أَرضِها

تَنَشَّقتُها حَتّى تَرِقَّ الخَياشِمُ

فَإِنَّكِ لَو جَرَّبتِ تَسهيدَ لَيلَةٍ

لَقُلتِ أَلا طوبى لِمَن هُوَ نائِمُ

وَلَولاكِ لَم آتِ الحِجازَ وَأَهلَها

وَلَم تَزوِ عَنّي بِالعِراقِ الكَرائِمُ

يَطولُ عَلَينا عَدُّ ما كانَ مِنكُمُ

لَعَمرُ أَبي إِنّي بِذاكَ لَعالِمُ

تَحَمَّل عَظيمَ الذَنبِ مِمَّن تَحِبُّهُ

وَإِن كُنتَ مَظلوماً فَقُل أَنا ظالِمُ

فَإِنَّكَ إِلّا تَغفِرِ الذَنبَ في الهَوى

يُفارِقكَ مَن تَهوى وَأَنفُكَ راغِمُ

عباس بن الأحنف

أبو الفضل العباس بن الأحنف الحنفي اليمامي النجدي, شاعر عربي عباسي. خالف الشعراء في طريقتهم فلم يتكسب بالشعر، وكان أكثر شعره بالغزل (شعر) والنسيب والوصف، ولم يتجاوزه إلى المديح والهجاء.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024