Skip to main content
search

سجَعْنَ فأذْكَرْنَ العهودَ الخواليا

وقد يَذكرُ الإنسانُ ما كان ناسيا

ولولا الهوَى ما كان نَوحُ حَمائمٍ

على عَذَباتِ الأيكِ ممّا شَجانيا

نَوادِبُ أَبلَيْنَ الحدادَ فما تَرى

عليها سوى ما زُرَّ في الجِيدِ باقيا

ولمّا التقَى الواشون والحَيُّ ظاعنٌ

وقد راحَ للتّوديعِ منّي يَرانيا

بدَتْ في مُحيّاهُ خَيالاتُ أَدمُعي

صَفاءً وظَنُّوا أنْ بَكي لبكائيا

قِفا وَلِّيا شكْوايَ أُذْناً سَميعةً

وطَرْفاً سَخيَّ الجَفْنِ أَو مُتساخيا

دَعاني فقد شَطّتْ ديارُ أَحِبّتي

بدَمْعي أُجبْ شَوقاً إليهمْ دَعانيا

تَمنَّوا أُموراً ساءهم أُخْرياتُها

وكم من مَنايا يَبتدِينَ أَمانيا

وما الطّودُ قد أَضحى على الأرضِ راسخاً

يُزعزَعُ أَن يَلقَى الرّياحَ الجواريا

فشُكراً عبادَ اللهِ إنَّ مَواهباً

إذا رُبطَتَ بالشّكرِ تُلقي المَراسيا

فما زادَكَ الأيّامُ إلاّ تَرفُّعاً

ولا فَقدُكَ الأقرانَ إلاّ تعاليا

وكنّا نَراكَ البدْرَ والصّيدَ أَنجُماً

فصِرنا نَراكَ الشّمسَ والجوَّ خاليا

غدَوتَ لدُنيا النّاسِ بالنّعلِ واطئاً

وكنتَ لها لو شئتَ بالكفِّ حاويا

ويَعظُمُ كلَّ العُظْمِ عندَ ذوي النُّهى

عنِ المُلْكِ لا بالمُلْكِ مَن كان عاليا

أَتَتْكَ ابنةُ الفكرِ الّتي لا يَسوؤها

مع الكِبْرِ أَلاّ تَجعلَ المَهرَ غَاليا

ثَناءٌ إذا أَنشدْتُ فيكَ لصدْقه

كأنّيَ أتلو منه سَبْعاً مَثانيا

بُيوتٌ أجلَّ الفْكرُ قَدْرَ قَريضِها

وأَلفاظَها لمّا أَدَقَّ المَعانيا

وسوف أُواليها إليك قَصائداً

إذا كنتَ بالإكرامِ تَلْقى المُواليا

فحَسْبيَ أَن تُهدي إليَّ عنايةً

وحَسبُكَ أَن أُهدي إليك القوافيا

فلا زال شَمسَ الدينِ جَدُّك صاعداً

وسَعيك مَشْكوراً وزَندُك واريا

ويَلْقَى رئيسُ الدّينِ قاصيةَ المُنى

إذا ما تَسامَى للمَعالي تَسامِيا

وأنت ذُكاءٌ للعُلا وهو ابْنُه

لأعيُنِنا كُلُّ يُضيءُ الدَّياجيا

لك النّاسُ يُهدُون التّهاني وإنّما

لهمْ بكَ أُهدي ما بَقِيتُ التّهانيا

فلا زالتِ الدُّنيا لعَينِك طَلْقةً

ولازال منها وِرْدُ عَيشِك صافيا

ولا جعلَتْ إلاّ بوَجْهِكَ عِيدَها

ولا رَضيتْ إلاّ عِداكَ الأضاحيا

الأرجاني

ناصح الدين الأرجاني، واسمه الكامل ناصح الدين أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسين القاضي الأرجاني. ولد في التخوم الشرقية من مدينة أرجان في عام 460 هجرية – 1068 ميلادية، يتميز شعر القاضي الأرجاني بطول نفس و بلطف عبارة وكان غواصاً في المعاني كامل الأوصاف. إذا ظفر على المعنى يستوعبه كاملا و لا يدع فيه لمن بعده فضلاً لذا جاءت قصائده أغلبها طويلة. فقد ابدع في اللفظ والمعنى وأجاد وقد جمعهما بمقدرة وتمكن وقيل انه كان ينظم كل يوم ثمانية أبيات شعرية على الدوام.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024