سجعن فأذكرن العهود الخواليا

ديوان ناصح الدين الأرجاني

سجَعْنَ فأذْكَرْنَ العهودَ الخواليا

وقد يَذكرُ الإنسانُ ما كان ناسيا

ولولا الهوَى ما كان نَوحُ حَمائمٍ

على عَذَباتِ الأيكِ ممّا شَجانيا

نَوادِبُ أَبلَيْنَ الحدادَ فما تَرى

عليها سوى ما زُرَّ في الجِيدِ باقيا

ولمّا التقَى الواشون والحَيُّ ظاعنٌ

وقد راحَ للتّوديعِ منّي يَرانيا

بدَتْ في مُحيّاهُ خَيالاتُ أَدمُعي

صَفاءً وظَنُّوا أنْ بَكي لبكائيا

قِفا وَلِّيا شكْوايَ أُذْناً سَميعةً

وطَرْفاً سَخيَّ الجَفْنِ أَو مُتساخيا

دَعاني فقد شَطّتْ ديارُ أَحِبّتي

بدَمْعي أُجبْ شَوقاً إليهمْ دَعانيا

تَمنَّوا أُموراً ساءهم أُخْرياتُها

وكم من مَنايا يَبتدِينَ أَمانيا

وما الطّودُ قد أَضحى على الأرضِ راسخاً

يُزعزَعُ أَن يَلقَى الرّياحَ الجواريا

فشُكراً عبادَ اللهِ إنَّ مَواهباً

إذا رُبطَتَ بالشّكرِ تُلقي المَراسيا

فما زادَكَ الأيّامُ إلاّ تَرفُّعاً

ولا فَقدُكَ الأقرانَ إلاّ تعاليا

وكنّا نَراكَ البدْرَ والصّيدَ أَنجُماً

فصِرنا نَراكَ الشّمسَ والجوَّ خاليا

غدَوتَ لدُنيا النّاسِ بالنّعلِ واطئاً

وكنتَ لها لو شئتَ بالكفِّ حاويا

ويَعظُمُ كلَّ العُظْمِ عندَ ذوي النُّهى

عنِ المُلْكِ لا بالمُلْكِ مَن كان عاليا

أَتَتْكَ ابنةُ الفكرِ الّتي لا يَسوؤها

مع الكِبْرِ أَلاّ تَجعلَ المَهرَ غَاليا

ثَناءٌ إذا أَنشدْتُ فيكَ لصدْقه

كأنّيَ أتلو منه سَبْعاً مَثانيا

بُيوتٌ أجلَّ الفْكرُ قَدْرَ قَريضِها

وأَلفاظَها لمّا أَدَقَّ المَعانيا

وسوف أُواليها إليك قَصائداً

إذا كنتَ بالإكرامِ تَلْقى المُواليا

فحَسْبيَ أَن تُهدي إليَّ عنايةً

وحَسبُكَ أَن أُهدي إليك القوافيا

فلا زال شَمسَ الدينِ جَدُّك صاعداً

وسَعيك مَشْكوراً وزَندُك واريا

ويَلْقَى رئيسُ الدّينِ قاصيةَ المُنى

إذا ما تَسامَى للمَعالي تَسامِيا

وأنت ذُكاءٌ للعُلا وهو ابْنُه

لأعيُنِنا كُلُّ يُضيءُ الدَّياجيا

لك النّاسُ يُهدُون التّهاني وإنّما

لهمْ بكَ أُهدي ما بَقِيتُ التّهانيا

فلا زالتِ الدُّنيا لعَينِك طَلْقةً

ولازال منها وِرْدُ عَيشِك صافيا

ولا جعلَتْ إلاّ بوَجْهِكَ عِيدَها

ولا رَضيتْ إلاّ عِداكَ الأضاحيا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان الأرجاني، شعراء العصر الأندلسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات