Skip to main content
search

هل بعد وجهك للرجاءِ نجاح

أو بعدَ شخصك في الحياة صلاح

يا راحلاً تجبُ القلوبُ لفقده

الصبر يمنع والبكاء يباح

لا غَرْوَ أن تذري الدموع أجاجها

ونداكَ عذبٌ في الأكُّفِ قراح

لهفي عليكَ لراحةٍ مزنيةٍ

تعيي الغيوث وغيثُها سحاح

لهفي عليكَ لهمَّةٍ علويةٍ

تغضي النجوم وطرفها طماح

لهفي عليكَ لئن خلعت شبيبةً

كانَ الزمان لحسنها يرتاح

لهفي عليكَ لئن أثرت مراثياً

كنَّا نؤمل أنَّها أمداح

ما كان سلخ العام إلاَّ طالعاً

لقلوبِنا فيه عليك جراح

آهاً لفقدك إنَّه الفقد الذي

نسخت بيوم عزائهِ الأفراح

ما كانَ يا ابن الفتح يومك بالذي

فيهِ لِباب تصبرٍ مفتاح

تبكي عليكَ يراعةٌ وبراعةٌ

وفصاحةٌ وزجاجةٌ وسماح

تبكي عليكَ من العلوم صحائفٌ

ومن الجيوش أسنَّةٌ وصفاح

تمسي إذا ذكرت يراعك بينها

ودموعها بدل السلاح سلاح

تبكيكَ للنعماءِ آل مقاصدٍ

كانت بسجلك في الندى تمتاح

تبكيك للودّ الصحيح صحابةٌ

لبكائِها نسبٌ عليكَ صراح

هذاك عوَّام بدمعِه وذا

حدّ الهموم لقلبهِ جراح

تبكي عليك منازلٌ بالرُّغم أن

هبط الترابَ هلالها الوضاح

كانَ الحمامُ بها يغرِّد فرحةً

فاليوم تغريد الحمام نواح

هل تعلم الورقاء أنِّيَ مثلها

لو كانَ لي بعد الفقيد جناح

واحسرتاه لجوهريّ فضائل

ما بعد رؤياه القلوب صحاح

أيَّام كمل فضله وتباشرت

قصَّاده فغدوا إليه وراحوا

وثناه عن عذلِ العواذِل في الندى

رأيٌ يرى أن السماح رباح

وغدا ودولة عيشه أمويةٌ

حتَّى أنتضي سيف الردى السفاح

هنَّ الليالي الضاربات على الورى

بنجومِها فكأنَّهنَّ قداح

يسطو على الآجالِ رمح سماكها

ولتسطونَّ على السماك رماح

ما أعدلَ الدُّنيا وإن جارت بنا

لم يبقَ مِجزاع ولا مِفراح

أعظم بها من حكمةٍ محجوبةٍ

ما للتعمُّق نحوها إيضاح

أمَّا الجسوم فللتراب غيابها

وإلى مقدّر خلقها الأرواح

جادت صلاح الدِّين تربك مزنةٌ

فيها لأحوال الثرى إصلاح

تبكي على خدِّ التراب غيومها

فتظلُّ باسمة ربىً وبطاح

حتَّى كأنَّ ربيعها ونسيمها

نعمى يديكَ وذكركَ الفيَّاح

ابن نباتة

ابن نباتة: شاعر، وكاتب، وأديب، ويرجع أصله إلى ميافارقين، ومولده ووفاته في مدينة القاهرة، كان شاعراً ناظماً لهُ ديوان شعر كبير مرتب حسب الحروف الهجائية وأشهر قصيدة لهُ بعنوان (سوق الرقيق) ولهُ العديد من الكتب.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024