Skip to main content
search

الحمد لله لا أشرك به أحدا

إذ لم يجد أحدٌ سواه ملتحدا

لم يتخذ كفؤا من خلقه سندا

ولم يلده أب حقاً ولا ولدا

جل الإله فما تُحصى عوارفه

الواهب الأكرم المِحسان والصمدا

الحق مفتقرٌ إليه أنَّ له

نعت الغنى وبهذا كله انفردا

والعبدُ مفتقر إليه متكل

عليه مستند لذاته أبدا

إن افتقاري ذات لي إلى عدم

وليس يعرفه إلا الذي وردا

من عنده بالذي أعطاه من حكم

بأنَّ معبودَه من ذاته عبدا

وإنَّ أعمالنا عن أمره ظهرت

وإنّ عابدَه لذاته عبدا

أقرّ لله بالتوحيدِ في ملأ

من غير جَبْر ولا كَرهٍ وما عَبَدا

بل كان متصفاً بالعجز معترفاً

بأنه ربه حقاً وما عَبَدا

بل كان مفتخراً إليه مفتقراً

لذاته وبهذا الأمر قد سعدا

قد صح أنَّ الغنى لله والكرما

فما أبالي إذا ما حل بي عدم

ليس التعجبُ من تأثير قدرته

عجبتُ إذ أثَّرتْ في جوده الهممُ

ليس الكريمُ الذي من نعته كرمٌ

إنَّ الكريمَ الذي من ذاته الكرمُ

ليس الكريمَ الذي يعطيك عن قدر

إنَّ الكريمَ الذي يعطي ويتهم

ليس الكريمُ الذي يعطي بحكمته

إنَّ الكريمَ الذي تُعطى به الحِكَمُ

إن الكريم الذي يعطي ويغتنم

عين القبول ولا يُعطى ويحتكم

من يطلبِ الشكر بالإنعام ليس له

ذاك التكرم فابحث أيها العلم

غيرالإله الذي أولى بنعمته

وكلّ من نعته الإيجاد والعدم

إني ضربت حجاباً ليس يرفعه

سواه أو من به الألبابُ تعتصم

هذا الذي قلته الألباب تجهله

وليس تثبته الأعرابُ والعجم

به خُصصتُ على كشفٍ ومعرفة

ولم يكن فيه لي من قبل ذا قدم

قد يلحقُ الناسَ في أقوالهم ندمٌ

وليس عندي فيما قلته ندم

لأنه المنطق الأعلى فكان له

عني التلفظُ والتعريفُ والكلم

والعبد في عزلةٍ عن كلِّ ما كتبتْ

كفٌ له أوهمت من كفه ديم

ما في الوجودِ سواه فالوجودُ له

لذاته وأنا الظلُّ الذي علموا

لولاه ما نظرت عيني ولا سمعت

أذن لنا وبنا عليه قد حكموا

محيي الدين بن عربي

محمد بن علي بن محمد بن عربي أَبوبكر الحاتمي الطائي الأندلسي المعروف بمحي الدين بن عربي. فيلسوف من المتكلمين ، ولد في مرسية بالأندلس وانتقل إلى اشبيلية وقام برحلة فزار الشام وبلاد الروم والعراق والحجاز، واستقر في دمشق ومات فيها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024