Skip to main content
search

إذا طلع البدرُ المنير عشاء

رأيت له في المحدثات ضياءَ

وليس له نور إذا الشمس أشرقت

وقد كان ذاك النورُ منه عشاءً

فما النور إلا من ذُكاء لذاك لم

يكن يغلب البدرُ المنير ذكاء

فإن لها محلين في ذاتها وفي

صِقالةِ جسمٍ غدوةً ومساء

ألم تر أنّ البدرَ يكسفُ ذاتها

إذا كان محقاً غيرةً ووفاء

ولكن عن الأبصار والشمسُ نورها

بها لم يزل يعطي العيون جلاء

وإدراكي المرئي بيني وبينها

وقد جعل الله عليه غطاء

وهذا من العلمِ الغريبِ الذي أتى

إليكم به الكشفُ الأتمّ نداء

وكلُّ دليلٍ جاءكم في معاند

يخالف قولي فاجعلوه هَباء

خُصصتُ بهذا العلم وحدي فلم أجد

له ذائقاً حتى نكونَ سواء

وبالبلدِ الجدب أُطعمت مذاقه

لذا لم أجد عن ذا المذاقِ غَنَاء

أتاني به أحوى ولم يأتني به

إذا سال وادٍ بالعلومِ غُثاء

فزدتُ به لُطفاً وعلماً ولم أزد

به في وجودي غلظة وجفاء

واعلمني فيه بأنَّ مهيمني

معي مثله فابنوا عليه بناء

علياً رفيعاً ذا عماد وقوّة

بلا عمد حتى يكون سَماء

مزينة بالأنجم الزهرِ واجعلوا

قلوبكمُ فرشاً لها وغطاء

فيغشاكمُ حتى إذا ما حملتمُ

بدت زينةٌ تعطي العيونَ رواء

معطرةَ الأعرافِ معلولةً للحمى

يمد بها كوني سنا وسناء

ليعجز عن إدراكه كلّ ذي حجى

ويقبله منه حيا وحياء

سينصرنا هذا الذي قد سردته

إذا كشفَ الرحمن عنك غطاء

محيي الدين بن عربي

محمد بن علي بن محمد بن عربي أَبوبكر الحاتمي الطائي الأندلسي المعروف بمحي الدين بن عربي. فيلسوف من المتكلمين ، ولد في مرسية بالأندلس وانتقل إلى اشبيلية وقام برحلة فزار الشام وبلاد الروم والعراق والحجاز، واستقر في دمشق ومات فيها.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024