إذا طلع البدر المنير عشاء

ديوان محيي الدين بن عربي

إذا طلع البدرُ المنير عشاء

رأيت له في المحدثات ضياءَ

وليس له نور إذا الشمس أشرقت

وقد كان ذاك النورُ منه عشاءً

فما النور إلا من ذُكاء لذاك لم

يكن يغلب البدرُ المنير ذكاء

فإن لها محلين في ذاتها وفي

صِقالةِ جسمٍ غدوةً ومساء

ألم تر أنّ البدرَ يكسفُ ذاتها

إذا كان محقاً غيرةً ووفاء

ولكن عن الأبصار والشمسُ نورها

بها لم يزل يعطي العيون جلاء

وإدراكي المرئي بيني وبينها

وقد جعل الله عليه غطاء

وهذا من العلمِ الغريبِ الذي أتى

إليكم به الكشفُ الأتمّ نداء

وكلُّ دليلٍ جاءكم في معاند

يخالف قولي فاجعلوه هَباء

خُصصتُ بهذا العلم وحدي فلم أجد

له ذائقاً حتى نكونَ سواء

وبالبلدِ الجدب أُطعمت مذاقه

لذا لم أجد عن ذا المذاقِ غَنَاء

أتاني به أحوى ولم يأتني به

إذا سال وادٍ بالعلومِ غُثاء

فزدتُ به لُطفاً وعلماً ولم أزد

به في وجودي غلظة وجفاء

واعلمني فيه بأنَّ مهيمني

معي مثله فابنوا عليه بناء

علياً رفيعاً ذا عماد وقوّة

بلا عمد حتى يكون سَماء

مزينة بالأنجم الزهرِ واجعلوا

قلوبكمُ فرشاً لها وغطاء

فيغشاكمُ حتى إذا ما حملتمُ

بدت زينةٌ تعطي العيونَ رواء

معطرةَ الأعرافِ معلولةً للحمى

يمد بها كوني سنا وسناء

ليعجز عن إدراكه كلّ ذي حجى

ويقبله منه حيا وحياء

سينصرنا هذا الذي قد سردته

إذا كشفَ الرحمن عنك غطاء

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان محيي الدين بن عربي، شعراء العصر الأيوبي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات