Skip to main content
search

طَرِبَ الحَمامُ فَهاجَ لي طَرَبا

وَبِما يَكونُ تَذَكُّري نَصَبا

إِذ لامَني عَمروٌ فَقُلتُ لَهُ

غُلِبَ العَزاءُ وَرُبَّما غَلَبا

إِنَّ الحَبيبَ فَلا أُكافِئُهُ

بَعَثَ الخَيالَ عَلَيَّ وَاِحتَجَبا

فَاِعذِر أَخاكَ وَدَع مَلامَتَهُ

إِنَّ المَلامَ يَزيدُهُ تَعَبا

لا تَنهَبَن عِرضي لِتَقسِمَهُ

ما كانَ عِرضُ أَخيكَ مُنتَهَبا

وَاِنحُ الغَداةَ عَلى مُقابِلِهِم

لِخَليلَكَ المَشغوفِ إِن طَلَبا

الطُرقُ مُقبِلَةٌ وَمُدبِرَةٌ

هَوِّن عَلَيكَ لِأَيِّها رَكَبا

لَولا الحَمامُ وَطَيفُ جارِيَةٍ

ما شَفَّني حُبٌّ وَلا كَرَبا

إِنَّ الَّتي راحَت مَوَدَّتُها

رَغماً عَلَيَّ فَبِتُّ مُكتَئِبا

حَوراءُ لَو وَهَبَ الإِلَهُ لَنا

مِنها الصَفاءَ لَحَلَّ ما وَهَبا

خُلِقَت مُباعِدَةً مُقارِبَةً

حَرباً وَتَمَّت صورَةً عَجَبا

في السّابِرِيِّ وَفي قَلائِدِها

مُنقادُها عَسِرٌ وَإِن قَرُبا

كَالشَمسِ إِن بَرَقَت مَجاسِدُها

تَحكي لَنا الياقوتَ وَالذَهَبا

أَطوي الشَكاةَ وَلا تُصَدِّقُني

وَإِذا اِشتَكَيتُ تَقولُ لي كَذَبا

عَسُرَت خَلائِقُها عَلى رَجُلٍ

لَعِبَ الهَوى بِفُؤادِهِ لَعِبا

وَلَقَد لَطَفتُ لَها بِجارِيَةٍ

رَوَتِ القَريضَ وَخالَطَت أَدَبا

قالَت لَها أَصبَحتِ لاهِيَةً

عَمَّن يَراكِ لِحَتفِهِ سَبَبا

لَو مُتِّ ماتَ وَلَو لَطُفتِ لَهُ

لَرَأى هَواكِ لِقَلبِهِ طَرَبا

تَأتيكِ نازِحَةً مَناسِبُهُ

وَيَحوطُ غَيبَكُمُ وَإِن غَضِبا

وَإِذا رُفِعتِ إِلى مَخيلَتِهِ

مَطَرَت عَلَيكِ سَماؤُهُ ذَهَبا

ذَهَبَ الهَوى بِفُؤادِهِ عَبَثاً

وَأَفادَهُ مِن قَلبِهِ جَرَبا

فَاِرثي لَهُ مِمّا تَضَمَّنَهُ

مِن حَرِّ حُبِّكُمُ فَقَد نَشِبا

قالَت عُبَيدَةُ قَد وَفَيتُ لَهُ

بِالوِدِّ حَتّى مَلَّ فَاِنقَلَبا

وَصَغا إِلى أُخرى يُراقِبُها

فينا وَكُنتُ أَحَقَّ مَن رَقَبا

قولي لَهُ ذَر مِن زِيارَتِها

لِلِقائِنا إِن جِئتَ مُرتَقِبا

وَاِجهَد يَمينَكَ لا تُخالِفني

فيما هَويتُ وَكانَ لي أَرَبا

وَإِذا بَكَيتَ فَلا عَدِمتَ شِفاً

وَأَكَلتَ لَحمَكَ جِنَّةً كَلَبا

سَأَلَت لِأَعتُبَها وَأَطلُبَها

مِمّا تَخافُ فَقُلتُ قَد وَجَبا

وَلَقيتُها كَالخَمرِ صافِيَةً

حَلَّت لِشارِبِها وَما شَرِبا

بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الإفتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024