Skip to main content
search

أَفنَيتُ عُمري وَتَقَضّى الشَباب

بَينَ الحُمَيّا وَالجَواري الأَواب

فَالآنَ شَفَّعتُ إِمامَ الهُدى

وَرُبَّما طِبتُ لِحُبٍّ وَطاب

صَحَوتُ إِلّا أَنَّ ذِكرَ الهَوى

يَدعو إِلى الشَوقِ فَأَنسى مَآب

لِلَّهِ دَرّي لا أَرى عاشِقاً

إِلّا جَرى دَمعي وَطالَ اِنتِحاب

كَأَنَّ قَلبي بِبَقايا الهَوى

مُعَلَّقٌ بَينَ خَوافي عُقاب

يا حَبَّذا الكَأسُ وَحورُ الدُمى

أَزمانَ أَلهو وَالهَوى لا يُعاب

يا صاحِ بَلّاني طِلابُ الهَوى

وَصَرفُ إِبريقٍ عَلَيهِ النِقاب

يَوما نَعيمٍ أَخلَقا جِدَّتي

وَلِمَّةً مِثلَ جَناحِ الغُراب

وَاللَهِ ما لاقَيتُ مِثلَيهِما

في عامِرِ الأَرضِ وَلا في الخَراب

لَهفي عَلى يَومي بِذي باسِمٍ

وَمَجلِسٍ بَينَ خَليجٍ وَغاب

يا مَجلِساً أَكرِم بِهِ مَجلِساً

حُفَّ بِرَيحانٍ وَعَيشٍ عُجاب

بِتُّ بِهِ أُسقى رُهاوِيَّةً

لَعيبَ سِتٍّ خُلِقَت لِلِّعاب

ثُمَّ غَدَونا وَغَدا ذاهِباً

وَكُلُّ عَيشٍ مُؤذِنٌ بِالذَهاب

لَهَوتُ حَتّى راعَني غادِياً

صَوتُ أَميرِ المُؤمِنينَ المُجاب

لَبَّيكَ لَبَّيكَ هَجَرتُ الصِبا

وَنامَ عُذّالي وَماتَ العِتاب

لا ناكِثاً عَهداً وَلا طالِباً

سُخطَكَ ما غَنّى الحَمامُ الطِراب

أَبصَرتُ رُشدي وَهَجَرتُ المُنى

وَرُبَّما ذَلَّت لَهُنَّ الرِقاب

يا حامِدَ القَولِ وَلَم يَبلُهُ

سَبَقتَ بِالسَيلِ اِنهِلالَ السَحاب

الفِعلُ أَولى بِثَناءِ الفَتى

ما جاءَهُ مِن خَطَلٍ أَو صَواب

دَع قَولَ واءٍ وَاِنتَظِر فِعلَهُ

يُثني عَلى اللِقحَةِ ما في العِلاب

إِذا غَدا المَهدِيُّ في جُندِهِ

أَو راحَ في آلِ الرَسولِ الغِضاب

بَدا لَكَ المَعروفُ في وَجهِهِ

كَالظَلمِ يَجري في ثَنايا الكَعاب

لا كَالفَتى المَهدِيُّ في رَهطِهِ

ذو شَيبَةٍ كَهلٍ وَلا ذو شَباب

لا يُحسِنُ الفُحشَ وَيَنكي العِدى

وَيَعتَريهِ الجودُ مِن كُلِّ باب

ضَرّابُ أَعناقٍ وَفَكّاكُها

في مَجلِسِ المُلكِ وَظِلِّ العُقاب

في صَدرِهِ حِلمٌ وَفي دِرعِهِ

مُظَفَّرُ الحَزمِ كَريمُ المَآب

تَرى حِجاباً دونَهُ هائِلاً

وَالرَوحُ وَالأَمنُ وَراءَ الحِجاب

جَرى اللَهاميمُ عَلى إِثرِهِ

جَريَ البَراذينِ خِلافَ العِراب

بشار بن برد

بشار بن برد بن يرجوخ العُقيلي (96 هـ - 168 هـ) ، أبو معاذ ، شاعر مطبوع. إمام الشعراء المولدين. ومن المخضرمين حيث عاصر نهاية الدولة الأموية وبداية الدولة العباسية. ولد أعمى، وكان من فحولة الشعراء وسابقيهم المجودين. كان غزير الشعر، سمح القريحة، كثير الإفتنان، قليل التكلف، ولم يكن في الشعراء المولدين أطبع منه ولا أصوب بديعا.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024