أفنيت عمري وتقضى الشباب

ديوان بشار بن برد

أَفنَيتُ عُمري وَتَقَضّى الشَباب

بَينَ الحُمَيّا وَالجَواري الأَواب

فَالآنَ شَفَّعتُ إِمامَ الهُدى

وَرُبَّما طِبتُ لِحُبٍّ وَطاب

صَحَوتُ إِلّا أَنَّ ذِكرَ الهَوى

يَدعو إِلى الشَوقِ فَأَنسى مَآب

لِلَّهِ دَرّي لا أَرى عاشِقاً

إِلّا جَرى دَمعي وَطالَ اِنتِحاب

كَأَنَّ قَلبي بِبَقايا الهَوى

مُعَلَّقٌ بَينَ خَوافي عُقاب

يا حَبَّذا الكَأسُ وَحورُ الدُمى

أَزمانَ أَلهو وَالهَوى لا يُعاب

يا صاحِ بَلّاني طِلابُ الهَوى

وَصَرفُ إِبريقٍ عَلَيهِ النِقاب

يَوما نَعيمٍ أَخلَقا جِدَّتي

وَلِمَّةً مِثلَ جَناحِ الغُراب

وَاللَهِ ما لاقَيتُ مِثلَيهِما

في عامِرِ الأَرضِ وَلا في الخَراب

لَهفي عَلى يَومي بِذي باسِمٍ

وَمَجلِسٍ بَينَ خَليجٍ وَغاب

يا مَجلِساً أَكرِم بِهِ مَجلِساً

حُفَّ بِرَيحانٍ وَعَيشٍ عُجاب

بِتُّ بِهِ أُسقى رُهاوِيَّةً

لَعيبَ سِتٍّ خُلِقَت لِلِّعاب

ثُمَّ غَدَونا وَغَدا ذاهِباً

وَكُلُّ عَيشٍ مُؤذِنٌ بِالذَهاب

لَهَوتُ حَتّى راعَني غادِياً

صَوتُ أَميرِ المُؤمِنينَ المُجاب

لَبَّيكَ لَبَّيكَ هَجَرتُ الصِبا

وَنامَ عُذّالي وَماتَ العِتاب

لا ناكِثاً عَهداً وَلا طالِباً

سُخطَكَ ما غَنّى الحَمامُ الطِراب

أَبصَرتُ رُشدي وَهَجَرتُ المُنى

وَرُبَّما ذَلَّت لَهُنَّ الرِقاب

يا حامِدَ القَولِ وَلَم يَبلُهُ

سَبَقتَ بِالسَيلِ اِنهِلالَ السَحاب

الفِعلُ أَولى بِثَناءِ الفَتى

ما جاءَهُ مِن خَطَلٍ أَو صَواب

دَع قَولَ واءٍ وَاِنتَظِر فِعلَهُ

يُثني عَلى اللِقحَةِ ما في العِلاب

إِذا غَدا المَهدِيُّ في جُندِهِ

أَو راحَ في آلِ الرَسولِ الغِضاب

بَدا لَكَ المَعروفُ في وَجهِهِ

كَالظَلمِ يَجري في ثَنايا الكَعاب

لا كَالفَتى المَهدِيُّ في رَهطِهِ

ذو شَيبَةٍ كَهلٍ وَلا ذو شَباب

لا يُحسِنُ الفُحشَ وَيَنكي العِدى

وَيَعتَريهِ الجودُ مِن كُلِّ باب

ضَرّابُ أَعناقٍ وَفَكّاكُها

في مَجلِسِ المُلكِ وَظِلِّ العُقاب

في صَدرِهِ حِلمٌ وَفي دِرعِهِ

مُظَفَّرُ الحَزمِ كَريمُ المَآب

تَرى حِجاباً دونَهُ هائِلاً

وَالرَوحُ وَالأَمنُ وَراءَ الحِجاب

جَرى اللَهاميمُ عَلى إِثرِهِ

جَريَ البَراذينِ خِلافَ العِراب

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

تعليقات