Skip to main content
search

أَزَعَمتَ أَنَّ الرَبعَ لَيسَ يُتَيَّمُ

وَالدَمعُ في دِمَنٍ عَفَت لا يَسجُمُ

يا مَوسِمَ اللَذّاتِ غالَتكَ النَوى

بَعدي فَرَبعُكَ لِلصَبابَةِ مَوسِمُ

وَلَقَد أَراكَ مِنَ الكَواعِبِ كاسِياً

فَاليَومَ أَنتَ مِنَ الكَواعِبِ مُحرِمُ

لَحَظَت بَشاشَتَكَ الحَوادِثُ لَحظَةً

مازِلتُ أَحلُمُ أَنَّها لا تَسلَمُ

أَينَ الَّتي كانَت إِذا شاءَت جَرى

مِن مُقلَتي دَمعٌ يُعَصفِرُهُ دَمُ

بَيضاءُ تَسري في الظَلامِ فَيَكتَسي

نوراً وَتَسرُبُ في الضِياءِ فَيُظلِمُ

يَستَعذِبُ المِقدامُ فيها حَتفَهُ

فَتَراهُ وَهوَ المُستَميتُ المُعلِمُ

مَقسومَةٌ في الحُسنِ بَل هِيَ غايَةٌ

فَالحُسنُ فيها وَالجَمالُ مُقَسَّمُ

مَلطومَةٌ بِالوَردِ أُطلِقَ طَرفُها

في الخَلقِ فَهوَ مَعَ المَنونِ مُحَكَّمُ

مَذِلَت وَلَم تَكتُم جَفاءَكَ تَكتَمُ

إِنَّ الَّذي يَمِقُ المَذولَ لَمُغرَمُ

إِن كانَ وَصلُكِ آضَ وَهوَ مُحَرَّمٌ

مِنكِ الغَداةَ فَما السُلُوُّ مُحَرَّمُ

عَزمٌ يَفُلُّ الجَيشَ وَهوَ عَرَمرَمُ

وَيَرُدُّ ظُفرَ الشَوقِ وَهوَ مُقَلَّمُ

وَفَتىً إِذا ظَلَمَ الزَمانُ فَما يُرى

إِلّا إِلى عَزَماتِهِ يُتَظَلَّمُ

لَولا اِبنُ حَسّانَ المُرَجّى لَم يَكُن

بِالرِقَّةِ البَيضاءِ لي مُتَلَوَّمُ

شافَهتُ أَسبابَ الغِنى بِمُحَمَّدٍ

حَتّى ظَنَنتُ بِأَنَّها تَتَكَلَّمُ

قَد تُيِّمَت مِنهُ القَوافي بِاِمرِئٍ

مازالَ بِالمَعروفِ وَهوَ مُتَيَّمُ

يَحلو وَيَعذُبُ إِن زَمانٌ نالَهُ

بِغِنىً وَتَلتاثُ الخُطوبُ فَيَكرُمُ

تَلقاهُ إِن طَرَقَ الزَمانُ بِمَغرَمٍ

شَرِهاً إِلَيهِ كَأَنَّما هُوَ مَغنَمُ

لا يَحسِبُ الإِقلالَ عُدَماً بَل يَرى

أَنَّ المُقِلَّ مِنَ المُروءَةِ مُعدِمُ

مازالَ وَهوَ إِذا الرِجالُ تَواضَحوا

عِندَ المُقَدَّمِ حَيثُ كانَ يُقَدَّمُ

يَحتَلُّ في سَعدِ بنِ ضَبَّةَ في ذُرا

عادِيَّةٍ قَد كَلَّلَتها الأَنجُمُ

قَومٌ يَمُجُّ دَماً عَلى أَرماحِهِم

يَومَ الوَغى المُستَبسِلُ المُستَلئِمُ

يَعلونَ حَتّى ما يَشُكُّ عَدُوُّهُم

أَنَّ المَنايا الحُمرَ حَيٌّ مِنهُمُ

لَو كانَ في الدُنيا قَبيلٌ آخَرٌ

بِإِزائِهِم ما كانَ فيهِم مُصرِمُ

وَلَأَنتَ أَوضَحُ فيهِمُ مِن غُرَّةٍ

شَدَخَت وَفازَ بِها الجَوادُ الأَدهَمُ

تَجري عَلى آثارِهِم في مَسلَكٍ

ما إِن لَهُ إِلّا المَكارِمَ مَعلَمُ

لَم يَنأَ عَنّي مَطلَبٌ وَمُحَمَّدٌ

عَونٌ عَلَيهِ أَو إِلَيهِ سُلَّمُ

لَم يَذعَرِ الأَيّامَ عَنكَ كَمُرتَدٍ

بِالعَقلِ يَفهَمُ عَن أَخيهِ وَيُفهِمُ

مِمَّن إِذا ما الشِعرُ صافَحَ سَمعَهُ

يَوماً رَأَيتَ ضَميرَهُ يَتَبَسَّمُ

أبو تمام

أَبو تَمّام (188 - 231 هـ / 788-845 م) هو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي، أحد أمراء البيان، في شعره قوة وجزالة، واختلف في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024