Skip to main content
search

سُبحانَ رَبُّكَ هَل يَزولُ كَغَيرِهِ

شَرَفُ النُجومِ وَسُؤدَدُ الأَقمارِ

فَكَأَنَّ مَن خَلَقَ النُفوسَ رَأى لَها

ظُلَماً فَعاجَلَها بِسوءِ دَمارِ

ما سَرَّني بِقَناعَةٍ أوتيتُها

في العَيشِ مُلكا غالِبٍ وَذِمارِ

وَمِنَ المَعاشِرِ مَن يَكونُ ثَراؤُهُ

مَهرَ البَغيِّ وَبُسرَةَ الخَمّارِ

وَالشَرُّ مُشتَهِرُ المَكانِ مُعَرَّفٌ

وَالخَيرُ يُلمَحُ مِن وَراءِ خِمارِ

وَيُقامِرُ الإِنسانُ طولَ حَياتِهِ

قَدَراً تَمَنَّعَ مِن رِضاً بِقِمارِ

خَف مَن تَوَدُّ كَما تَخافُ مُعادِياً

وَتَمارَ فيمَن لَيسَ فيهِ تَماري

فَالرُزءُ يَبعَثُهُ القَريبُ وَما دَرى

مُضَرٌّ بِما تَجني يَدا أَنمارِ

يَغدو الفَتى وَالخَيلُ مِلكُ يَمينِهِ

وَكَأَنَّهُ غادٍ بِلُبِّ حِمارِ

فَإِذا مَلَكتَ الأَرضَ فَاِحمِ تُرابَها

مِن غَرسِهِ شَجَراً بِغَيرِ ثِمارِ

إِن قَلَّتِ السَمراءُ عِندَكَ بُرهَةً

فَاِجزَء بِمَحَضٍ مَرَّةً وَسِمارِ

وَقَد اِدَّعى مَن لَيسَ يَثبُتُ قَولَهُ

عِظمَ الجُسومِ وَبَسطَتَ الأَعمارِ

ما كابِرٌ إِلّا كَآخَرَ غابِرٍ

وَالحَقُّ يُعلَمُ وَجهُهُ بِأَمارِ

وَتَغَنَّتِ الدُنِّيا بِصَوتٍ واحِدٍ

لا تُحسِنُ الرَبداءُ غَيرَ زِمارِ

وَمَنِ المُجَرِّبُ وَالمَدى مُتَطاوِلٌ

عُدَّت كَواكِبُهُ مِنَ الأَغمارِ

وَشَرِبتُ كَأساً في الشَبيبَةِ سادِراً

فَوَجَدتُ بَعدَ الشَيبِ فَرطَ خُمارِ

ما بالُ هَذا اللَيلُ طالَ وَقَد يُرى

مُتَقاصِراً عَن جَلسَةِ السُمّارِ

أَتَرومُ فَجراً كَالحُسامِ وَدونَهُ

نَجمٌ أَقامَ تَمَكُّنَ المِسمارِ

تَلقى الفَتى كَالريحِ إِن أَودَعتَهُ

سِرّاً أُذيعَ فَصارَ كَالمِزمارِ

ما زالَ مُلكُ اللَهِ يَظهَرُ دائِباً

إِذ آدَمٌ وَبَنوهُ في الإِضمارِ

فَاِمنَع ذَمارَكَ إِن قَدِرتَ فَإِنَّني

عَدَتِ الخُطوبُ فَما حَمَيتُ ذِماري

تَقفوا الظَعائِنُ مِن نُوَيرَةَ أَجمَرَت

أَجمالَها سَحراً لِرَمي جِمارِ

وَعُدِدتَ مِن عُمّارِ مَكَّةَ بَعدَما

كُنتَ المَريدَ يُعَدُّ في العُمّارِ

فَلِيُغنِ عَن لِبسِ الشُفوفِ نَسائِجاً

بِالتِبرِ لُبسُكَ رَثَّةَ الأَطمارِ

أبو العلاء المعري

أبو العلاء المعري (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024