Skip to main content
search

إِذا كانَ عِلمُ الناسِ لَيسَ بِنافِعٍ

وَلا دافِعٍ فَالخُسرُ لِلعُلَماءِ

قَضى اللَهُ فينا بِالَّذي هُوَ كائِنٌ

فَتَمَّ وَضاعَت حِكمَةُ الحُكَماءِ

وَهَل يَأبَقُ الإِنسانُ مِن مُلكِ رَبِّهِ

فَيَخرُجَ مِن أَرضٍ لَهُ وَسَماءِ

سَنَتبَعُ آثارَ الَّذينَ تَحَمَّلوا

عَلى ساقَةٍ مِن أَعبُدٍ وَإِماءِ

لَقَد طالَ في هَذا الأَنامُ تَعَجُّبي

فَيا لِرَواءٍ قوبِلوا بِظِماءِ

أُرامي فَتُشويَ مَن أُعاديهِ أَسهُمي

وَما صافَ عَنّي سَهمُهُ بِرِماءِ

وَهَل أَعظُمٌ إِلّا غُصونٌ وَريقَةٌ

وَهَل ماؤُها إِلّا جَنِيُّ دِماءِ

وَقَد بانَ أَنَّ النَحسَ لَيسَ بِغافِلٍ

لَهُ عَمَلٌ في أَنجُمِ الفُهَماءِ

وَمَن كانَ ذا جودٍ وَلَيسَ بِمُكثِرٍ

فَلَيسَ بِمَحسوبٍ مِنَ الكُرَماءِ

نَهابُ أُموراً ثُمَّ نَركَبُ هَولُها

عَلى عَنَتٍ مِن صاغِرين قِماءِ

أَفيقوا أَفيقوا يا غُواةُ فَإِنَّما

دِيانَتَكُم مَكرٌ مِنَ القُدَماءِ

أَرادوا بِها جَمعَ الحُطامِ فَأَدرَكوا

وَبادوا وَماتَت سُنَّةُ اللُؤَماءِ

يَقولونَ إِنَّ الدَهرَ قَد حانَ مَوتُهُ

وَلَم يَبقَ في الأَيّامِ غَيرُ ذَماءِ

وَقَد كَذَبوا ما يَعرِفونَ اِنقِضاءَهُ

فَلا تَسمَعوا مِن كاذِبِ الزُعَماءِ

وَكَيفَ أُقَضّي ساعَةً بِمَسَرَّةٍ

وَأَعلَمُ أَنَّ المَوتَ مِن غُرَمائي

خُذوا حَذَراً مِن أَقرَبينَ وَجانِبٍ

وَلا تَذهَلوا عَن سيرَةِ الحُزماءِ

أبو العلاء المعري

أبو العلاء المعري (363 هـ - 449 هـ) (973 -1057م) هو أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي المعري، شاعر ومفكر ونحوي وأديب من عصر الدولة العباسية، ولد وتوفي في معرة النعمان في محافظة إدلب وإليها يُنسب. لُقب بـرهين المحبسين أي محبس العمى ومحبس البيت وذلك لأنه قد اعتزل الناس بعد عودته من بغداد حتى وفاته.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024