Skip to main content
search

حَدِّث حَديثَ فَتاةِ حَيٍّ مَرَّةً

بِالجِزعِ بَينَ أَذاخِرٍ وَحَراءِ

قالَت لِجارَتِها عِشاءً إِذ رَأَت

نُزَهَ المَكانِ وَغَيبَةَ الأَعداءِ

في رَوضَةٍ يَمَّمنَها مَولِيَّةٍ

مَيثاءَ رابِيَةٍ بُعَيدَ سَماءِ

في ظِلِّ دانِيَةِ الغُصونِ وَريقَةٍ

نَبَتَت بِأَبطَحَ طَيِّبِ الثَرياءِ

وَكَأَنَّ ريقَتَها صَبيرُ غَمامَةً

بَرَدَت عَلى صَحوٍ بُعَيدَ ضَحاءِ

لَيتَ المُغيرِيَّ العَشيَّةَ أَسعَفَت

دارٌ بِهِ لِتَقارُبِ الأَهواءِ

إِذ غابَ عَنّا مَن نَخافُ وَطاوَعَت

أَرضٌ لَنا بِلَذاذَةٍ وَخَلاءِ

قُلتُ اِركَبوا نَزُرِ الَّتي زَعَمَت لَنا

أَن لا نُباليها كَبيرَ بَلاءِ

بَينا كَذَلِكَ إِذ عَجاجَةُ مَوكِبٍ

رَفَعوا ذَميلَ العيسِ بِالصَحراءِ

قالَت لِجارَتِها اِنظُري ها مَن أُلى

وَتَأَمَّلي مَن راكِبُ الأَدماءِ

قالَت أَبو الخَطابِ أَعرِفُ زِيَّهُ

وَلِباسَهُ لا شَكَّ غَيرَ خَفاءُ

قالَت وَهَل قالَت نَعَم فَاِستَبشِري

مِمَّن يُحَبُّ لَقِيُّهُ بِلِقاءِ

قالَت لَقَد جاءَت إِذاً أُمنِيَّتي

في غَيرِ تَكلِفَةٍ وَغَيرِ عَناءِ

ما كُنتُ أَرجو أَن يُلِمَّ بِأَرضِنا

إِلّا تَمَنِّيَهُ كَبيرَ رَجاءِ

فَإِذا المُنى قَد قَرَّبَت بِلِقائِهِ

وَأَجابَ في سِرٍّ لَنا وَخَلاءِ

لَمّا تَواقَفنا وَحَيَّيناهُما

رَدَّت تَحِيَّتَنا عَلى اِستِحياءِ

قُلنَ اِنزِلوا فَتَيَمَّموا لِمَطِيِّكُم

غَيباً تُغَيِّبُهُ إِلى الإِمساءِ

إِن تَنظُروا اليَومَ الثَواءَ بِأَرضِنا

فَغَدٌ لَكُم رَهنٌ بِحُسنِ ثَواءِ

عُجنا مَطايا قَد عَيَينَ وَعُوِّدَت

أَلّا يَرُمنَ تَرَغُّماً بِرُغاءِ

حَتّى إِذا أُمِنَ الرَقيبُ وَنُوِّمَت

عَنّا عُيونُ سَواهِرِ الأَعداءِ

خَرَجَت تَأَطَّرُ في ثَلاثٍ كَالدُمى

تَمشي كَمَشيِ الظَبيَةِ الأَدماءِ

جاءَ البَشيرُ بِأَنَّها قَد أَقبَلَت

ريحٌ لَها أَرجٌ بِكُلِّ فَضاءِ

قالَت لِرَبّي الشُكرُ هَذي لَيلَةً

نَذراً أُؤَدّيهِ لَهُ بِوَفاءِ

عمر بن أبي ربيعة

عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة، شاعر مخزومي قرشي، شاعر مشهور لم يكن في قريش أشعر منه وهو كثير الغزل والنوادر والوقائع والمجون والخلاعة، أحد شعراء الدولة الأموية ويعد من زعماء فن التغزل في زمانه. وهو من طبقة جرير، والفرزدق والأخطل.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024