نظَراتٌ وعبَراتٌ بعينِ الفِكر 2

الحقيقةُ

o الحقيقةُ شمسٌ في عيونِ الشُّرفاءِ، وغشاوةُ ليلِ أعيُنِ السُّفهاءِ والغشّاشينَ والمنافقينَ واللُّصوصِ الّذين يَحسَبُون أنفُسَهم أذكياءَ.

o الحقيقةُ نورٌ لا يُبصِرُه إلّا مَن أُوتيَ نوراً من صفاءِ النَّفسِ والعقلِ والضَّميرِ والشَّرفِ.

o الحقيقةُ سُنْبلةُ خيرٍ وعطاءٍ يتفاءلُ بها الأنقياءُ، ويتشاءمُ بها الأنذالُ الأشقياءُ.

o الحقيقةُ معدنٌ ثمينٌ لا تتفاعلُ معه الضَّمائرُ الفاسدةُ، وتذوبُ فيها الضّمائرُ النَّقيَّةُ؛ فكأنّها والحقيقةَ شيءٌ واحدٌ.

o الحقيقةُ جبلٌ أشمُّ يتسلّقُه الشُّرفاءُ ولو زحفاً على البطونِ، ويتملّقُ ويتبرّمُ ويلفُّ ويدورُ حولَه المنافِقُون المخادِعُون الّذين حُرِمُوا من نعمةِ الضّميرِ.

o الحقيقةُ شَهْدٌ في ألسنةِ الأبرياءِ.. وسُمٌّ زعافٌ في أفواهِ الآثمينَ.

o الحقيقةُ بقرةٌ تدرُّ بخيراتِها على البشرِ جميعاً، لكنّها تتحوَّلُ إلى وحشٍ إذا ما ابتزَّها النّاسُ.

o الحقيقةُ عطرٌ لا يَشمُّ رائحتَه مَن أُصِيبَ بزكامٍ في ضميرِه.

o الحقيقةُ كالصَّبَّارِ مُغطَّاةٌ بالأشواكِ.. لكنَّها طيِّبةٌ لذيذةُ الطَّعمِ بعدَ قَشْرِها.

o الحقيقةُ كالنُّجومِ تظهرُ وتَختفِي.. لكنّها لا تَموتُ.

o الحقيقةُ سماءٌ.. لا تستَطيعُ أنْ تلوِّثَها كلُّ سحُبِّ دخانِ أسلحةِ التّدميرِ الشّاملِ.

o مثَلُ الّذين يَبحثُون عنِ الحقيقةِ كمثَلِ مَن يَبحثُ عن دُرّةٍ في أعماقِ البحرِ؛ لأنّ معظمَ النّاسِ يعرفُونَها، لكنّهم يُخْفُونها ويُوارونَها.

o إنَّ الّذينَ يَخشَونَ الحقيقةَ كمَنْ يَخشَونَ أشعَّةَ الشّمسِ، يُسْدِلُون على وجوهِهم براقعَ وسدولاً.

o إنَّ الّذينَ يَعيشُونَ في قواقِعِ الجهلِ، لا يُمكِنُهم أنْ يُدركُوا قيمةَ النُّورِ المقدَّسِ.

o إنَّ الّذينَ ألِفُوا غسَقَ اللّيلِ الدَّامسِ، لا يُمكِنُ لأبصارِهِم أنْ تَعْشقَ خُيوطَ الشَّمسِ الذَّهبيَّةِ في وضحِ النَّهارِ.

o عندَما تَظهرُ قِططُ الحقيقةِ، تَتَوارى فئرانُ الظَّلامِ.

المالُ

o عجِبْتُ لقِسمةِ هذهِ الحياةِ الظّالمةِ، كيف تجودُ على مَن يُشوِّهُون جمالَها، فيَسرقُون خيراتِها؛ ليَكنِزُوها في أحشائِهم!! ولا تَجُودُ على مَن يَحرثُونَها؛ ليغرسُوها بكلِّ أفانينِ الخُضْرةِ والنَّضارةِ والجمالِ؟!

o عجِبْتُ لمنْ يَكفرُ بالسَّماءِ؛ لأنّها تَجُودُ على الأغنياءِ، ولا تَجُودُ على الفُقراءِ! إنَّ السَّماءَ تُمطِرُ أرزاقَها على جميعِ البشرِ، ولكنَّ النُّفوسَ الجائعةَ الجشِعةَ تمتدُّ؛ لتقطفَ كلَّ ما يتدلّى من خيراتِها، وتُقِيمُ الحدودَ والسُّدودَ لمنعِ الأرزاقِ من الوصولِ إلى السَّوادِ الأعظمِ من النّاسِ.

o ما خلقَ اللهُ آدميّاً في تعاسةٍ أو شقاءٍ.. ولكنَّ النُّفوسَ البشريّةَ المفترِسةَ المتكالِبةَ حتّى على رميمِ العظامِ هي الّتي صنعَتِ البُؤسَ والفقرَ؛ لتبنِيَ على أرواحِ المساكينِ وأجسادِهم قصُوراً تَهِيمُ في الفضاءِ، وتَتركُ مِن جرّاءِ ذلكَ الملايينَ منَ الجَوْعى والموْتى في العَراءِ دونَ شفقةٍ أو رحمةٍ!

o عجِبتُ لمنْ استَعْبدَتْهمُ الحياةُ، فركعُوا لأطمَاعِهم وشهَواتِهم وملَذَّاتِهم، كيفَ أصبحُوا أسياداً أثرياءَ!! وعجِبْتُ لمن سخَّرُوا الحياةَ بإرادتِهم وفكرِهم لخدمةِ البشرِ، كيفَ ولّتْ بوجْهِها عنهم، لتَبْتسِمَ لمن خدعُوها بعبادتِهم لها؟!

o عبادةُ الفقراءِ طاعةٌ؛ لأنّهم عبدُوا اللهَ وحمدُوهُ على نِعمِه ولو كانتْ كِسْرةَ خبرٍ أو حبَّةَ زيتونٍ.. وعبادةُ الأغنياءِ شِرْكٌ؛ لأنَّهم عبدُوا المالَ أكثرَ من عبادتِهم لخالِقِهم.

o الفرقُ بينَ الغَنيِّ والفقيرِ في شيئينِ:

 الأوّلُ: معنَويٌّ يتمثَّلُ في أنَّ الفقيرَ يملِكُ سلاحَ القناعةِ لسعادتِه في الحياةِ.. والغنيُّ يملكُ سلاحَ الجشعِ الّذي يَجْني له الرَّفاهيَةَ والثّراءَ ولغيرِه التَّعاسةَ والشّقاءَ.

 والثّاني: مادّيٌّ يَتجلّى في وسائلِ التَّعاملِ مع النّاسِ والحياةِ، فالفقيرُ وسائِلُهُ في العيشِ: عرقُ جبينِه، وقطراتُ دمِه، وفَناءُ جسدِه.. وقلبُه مليءٌ بالإيمانِ والمحبّةِ والسَّلامِ. أمّا الغنيُّ، فوسائلُه: الكذِبُ والخداعُ والغِشُّ والخُبثُ والدَّهاءُ.. وقلبُه مليءٌ بالكُفْرِ والفُجورِ واستِحقارِ البشريّةِ.

o الإنسانُ المثاليُّ: هوَ مَن يَجمعُ، معَ العقلِ، المالَ والأدبَ والذَّوقَ الرّفيعَ.

o ما أقبحَ المرْءَ الّذي يُسخِّرُ كلَّ تفكيرِه وعقلِه ووقتِه للمالِ! فمِثْلُ ذلكَ جديرٌ بنبْذِه من عالمِ الإنسانيَّةِ.

o ثلاثةٌ لا أستطيعُ مُحَاباتَهم:

 غنيٌّ ينظرُ إلى النّاسِ بعينِ الدَّراهمِ.

 وعالِمٌ يستعبِدُ النّاسَ بآرائِه.

 وذو سُلطانٍ مُتكبِّرٌ مُتجبِّرٌ لا يَرى مِن الدُّنيا إلّا قوائمَ كرسِيِّه.

o المالُ نِعمةٌ عظيمةٌ إنْ سخَّرهُ صاحبُه لنفعِه ونفعِ البشريّةِ، ومُصِيبةٌ إذا امتلكَه غنيٌّ بعدَ غِناهُ، وكارثةٌ إذا امتلأَ بهِ بطنُ جائعٍ دونَ تعَبٍ وشقاءٍ.

o المالُ سلاحٌ ذو حدَّينِ:

 أحدُهما نافعٌ، إنْ سُخِّرَ لخدمةِ الحياةِ.

 وثانيهِما ضارٌّ، إنْ سُخِّرتِ الحياةُ كلُّها لخدمتِه.

o الحياةُ في نَظري يدٌ ملطَّخةٌ بالدِّماءِ والمآسِي.. وصفْحةٌ سوداءُ عفَّنَتْها دموعُ الأشقياءِ، فالحياةُ جريمةٌ أداتُها المالُ، وفاعِلُها الأغنياءُ، وساحةُ ارتكابِها نفوسُ الفقراءِ والمساكينِ.

o ما أجملَ الحياةَ لو أنّها مسرحيَّةٌ تُمثِّلُ فيها جميعُ شخصيَّاتِ البشرِ أدوارَها بحُرّيّةٍ، دون أنْ يُصبحَ فيها أصحابُ المالِ والنُّفوذِ والسُّلطانِ ممثِّلينَ بارعينَ، يُمثِّلُون أدوارَهم على رقابِ البُسطاءِ والمساكينِ من سوادِ الخَلْقِ.

o يستطيعُ المالُ أنْ يخلُقَ أسبابَ الرّفاهيةِ والسَّعادةِ في الحياةِ، لكنَّه يَعجزُ عن إيصالِها إلى ذواتِ البشرِ.

o المالُ فرَسٌ ماهِرةٌ في سباقِ الحضاراتِ والتّقدُّمِ العلميِّ، وفارسُها العقلُ المفكِّرُ المدبِّرُ، فما فائدةُ الفرسِ إذا غابَ الفارسُ؟!

o المالُ طعامٌ تَشبَعُ من رائحتِه النُّفوسُ العظيمةُ، وتَموتُ جُوعاً في التهامِه النُّفوسُ الدَّنيئةُ، فأصحابُ القناعاتِ الإنسانيَّةِ الرّائعةِ تعيشُ على دراهمَ معدوداتٍ مُحقِّقةً أعلى درجاتِ السَّعادةِ، وأصحابُ النُّفوسِ الشَّرِهةِ الجائعةِ تبْتلِعُ كلَّ ثرواتِ العالَمِ، لكنَّها لا تَعرِفُ طعْماً للسَّعادةِ الحقيقيّةِ.

o ما أروعَ أنْ يكونَ المالُ مَطيَّةَ العِلْمِ، وما أقبحَ أن يُصبِحَ العِلمُ مَطيّةَ المالِ!

o المالُ سيفٌ في معركةِ الحياةِ، والإرادةُ يدٌ بطلَةٌ تُصارعُ بهِ.. فما فائدةُ السَّيفِ إذا لم تَحمِلْهُ تلكَ اليدُ؟! فهو قطعةٌ منَ الحديدِ ليسَ أكثرَ! أمّا تلكَ اليدُ، فيُمْكِنُ أن تكونَ بذاتِها سيفاً، وبأظافرِها نِصالاً.

أممٌ وأقْوامٌ ومعتقَداتٌ

o إنَّ الإلهَ الّذي يمنحُ المجرمينَ عطاياهُ ليَخْتبِرهم، ويوزِّعُ شقاواتِه على البائسينَ ليمتَحِنَهم، ليسَ إلهاً سماويّاً.

o النُّصوصُ المقدَّسةُ الّتي تُسيِّرُ نواميسَ الطَّبيعةِ والحياةِ، ولا تَقبلُ التَّأويلَ، ولا تخضعُ لعواملِ النَّحتِ والتَّعريةِ والانجرافِ، تفقِدُ قداستَها مع تطوُّرِ الطَّبيعةِ وتقدُّمِ الحياةِ.

o الأمَّةُ الّتي تَدَّعي فضلَها على سائرِ الأممِ، لا تَملكُ من خصائصِ البشريّةِ سوى الضَّلالَ.

o شتّانَ ما بينَ نصٍّ تُحْشَى به الأذهانُ، ولا يُؤتي أُكُلَه في النُّفوسِ، وما بينَ فكرةٍ تُحوِّلُ سلوكَ النّاسِ إلى نظامٍ مقدَّسٍ.

o ما أشبهَ الحِشْمةَ المتَّشِحةَ بسوادِ اللّيلِ، بالقنافذِ المكلَّلةِ بالأشواكِ!

o إنَّ الّذينَ يُنصِّبُون أنفسَهم مناصِبَ الملائكةِ في الأرضِ، ويُوزِّعُون على الأغبياءِ صُكوكَ الغُفرانِ أو مفاتيحَ الجنَّةِ، هُم ألدُّ أعداءِ اللهِ.

o ما أقبحَ الّذين يرتدُونَ عباءةَ الأديانِ، ولا يَمتلِكُون مِصباحاً مُنيراً من مصابيحِ السَّماءِ!

o إنَّ الّذين يدَّعُون ولايةَ اللهِ على الأرضِ أشدُّ غباءً منَ النَّعامةِ الّتي تَدفُنُ رأسَها في رمالِ الصَّحراءِ.

o ما أشبهَ قواقعَ معظمِ سكَّانِ الأرضِ الأحياءِ بقُبورِ الموتَى:

 الأُولى تسكنُها كائناتٌ حيَّةٌ ما زالتْ تتنفَّسُ الهواءَ وتُبصِرُ النُّورَ.

 والأخْرى يَرقُدُ فيها رميمُ أجسادٍ أفنَى الرَّدى أرواحَها، فغيَّبَها عن مسرحِ الحركةِ والحياةِ.

o ثمّةَ أممٌ وأقوامٌ ترقُدُ في قواقعَ موروثةٍ من قديمِ الزّمانِ أو مصْنوعةٍ بحُكمِ الأعرافِ والتَّقاليدِ، أو مُشيَّدةٍ بذواتِ أفكارِها، لا تَقبلُ الحوارَ في شكلِها ولا مضمونِها، ولا تخلعُ حذاءَها إلّا بيمينِها، وتَستهجِنُ مَن يخلِّدُ حضارةً بيسارِه!

o ثمّةَ أقوامٌ تلعنُ الظَّلامَ في لباسِها، وتَنبطحُ خانعةً أمامَ مَن يَخدعُها بألوانِ قوسِ القُزحِ!

o ثمّةَ أقوامٌ تمتدُّ شهواتُهم إلى جميعِ ثمارِ العالمِ، ويَحرِمُون نزلاءَهم رائِحةَ فاكهتِهم العفِنةِ.

o ثمّةَ أقوامٌ منَحتْهمُ الطّبيعةُ ثرواتِها، فاستَعبدُوا النّاسَ في مزارعِهم أبشعَ أشكالِ الاستِعبادِ!

o ثمّةَ أقوامٌ حبَتْهم الطّبيعةُ ينابيعَها، فماتُوا غُصّةً ببشاعةِ شراهتِهم وأنانيّتِهم واستِئْثارِهم!

o ثمّةَ أقوامٌ جادتْ عليهم يدُ الطّبيعةِ بالدَّنانيرِ، فأعْمى أبصارَهم بريقُها، فصارُوا عبيداً لها.

o ثمّةَ أقوامٌ امتدّت إليهم حضارةُ الآلةِ، فأحالَتْهم إلى آلاتٍ لا تفكِّرُ، ولا تعرفُ للعواطفِ البشريّة شُعوراً.

o ثمّةَ أقوامٌ بنَوا حضارةً من سرابٍ، فأصبحُوا همُ السَّرابُ!

o ثمّةَ أقوامٌ ابتسمَتْ لهمُ الحياةُ، فأحالُوا ابتسامتَها إلى شقاءٍ وسعادتَها إلى تعاسةٍ؛ لأنّهم اهتمُّوا بأهراماتِهم، وسحَقُوا مَن شيّدَها بفكرِه وعرقِ جبينِه!

o ثمّةَ أقوامٌ أُسودٌ ضاريةٌ على أبناءِ جلدتِهم، لكنّهم صراصيرُ يسحقُهم الغرباءُ أمامَ حاوياتِهم!

o ثمّةَ أقوامٌ يرتدُون عباءةَ الورعِ والتّقْوى، لكنّهم يُدنِّسون الإيمانَ بقذارةِ نفوسِهم، ووساخةِ أفكارِهم، وبشاعةِ أرواحِهم!

o ثمّةَ أقوامٌ يَنصِبون دلّةَ الضّيافةِ تماثيلَ مُزركشةً في ساحاتِهم، لكنّهم شخصيّاتٌ حقيقيّة لم تُدركْها رواياتُ الجاحظِ في بخلائِه!

o العالَمُ تحكمُه دكتاتوريّاتٌ مُختلِفةُ الأشكالِ والألوانِ:

 فمِنها دكتاتوريَّةٌ همجيَّةٌ سلاحُها القُوّةُ والنّارُ والحديدُ.

 ومنها دكتاتوريّةٌ تُمسِكُ العَصا مِن وسطِها، فتَضرِبُ بعصَاها حينَما يَطيبُ لها الضَّربُ.

 ومنها دكتاتوريّةٌ صامِتةٌ لا تُلوِّحُ بالعَصا، لكنّها تمتصُّ الدّماءَ عنْ بعدٍ.. وتُظهِرَ نفسَها أمامَ العالمِ حَمامةَ سلامٍ بيضاءَ تَنشُدُ السّعادةَ، وتَغرِسُ المحبّةَ، وتُوزّعُ موازينَ العدالةِ في الأسواقِ!

 الدِّكتاتوريّةُ الهمجيَّةُ ليس في جبِلِّتِها رادعٌ عن استخدامِ ما حرَّمتْ قوانينُ الحربِ من أسحلةِ دمارٍ شاملةٍ تَحرقُ شعباً برُمَّتِه!

 أمّا دكتاتوريّةُ المدِّ والجَزْرِ فسلاحُها الجواسيسُ والمرتَزقةُ، تهُشُّ بالعَصا نهاراً أمامَ الخِرافِ ولها مآربُ أُخرى في غياهِبِ اللَّيلِ!

 وأمّا دكتاتوريّةُ الصَّمتِ فسلاحُها المالُ وغسيلُ الدِّماغِ والبهرجةُ الرّاقصةُ الّتي تُخْفي وراءَها ظلاماً حاقِداً على كلِّ مَن يَفوقُها حضارةً، وتحملُ في تلافيفِها عنصريّةً بغيضةً تُفرّقُ بين المرءِ وأخيهِ وصاحبتِه وبنيهِ، وتُصارعُ طواحينَ الهواءِ من أجلِ زيادةِ نفوذِها المادّيّ القائمِ بفعلِ مراسيمَ عنصريّةٍ يُصدرُها القوّادُون الّذين يَملكُون الأرضَ وما تحتَها من ثرواتِ والسَّماءَ بمَا فيها من كواكبَ ومجرّاتٍ!

o كلّما ادلهمَّتْ ظلماتُ الحياةِ، وكشَّرتِ الذّئابُ عَن أنيابِها، أدركْتُ أنّ نورَ الصّباحِ مدَّ خيوطَه ليُدغدِغَ أحلامَ الخِرافِ الجائعةِ.

o سألَ كلْبٌ حكيمٌ كلْباً أبلهَ: لماذا تُصارعُ الثّيرانَ خارجَ حدودِ مزرعتِك، والسِّباعُ تتربّعُ على فرائسِكَ غيرَ مُباليةٍ بوجودِك؟! فأجابَ: لأُثبتَ أنّني موجودٌ.

o سألَ ثورٌ حكيمٌ بقرةً: لماذا يَستبِيحُ تُجّارُ الحليبِ أثداءَك، وتتألمَّينَ حينَما يجوعُ عجلُكِ الّذي وُلدَ من أحشائِكِ؟! فخارَتْ ولم تُبالِ بالسُّؤالِ!

o أليسَتْ مزرعةٌ صغيرةٌ نغرسُها بأفكارِنا، ونَرويْها بعرقِ جبينِنا، ونعيشُ فيها بكلِّ كيانِنا.. أجملَ من غابةٍ خياليّةٍ نتوقُ إليها بأرواحِنا؟!

o حينَما أُطاردُ الأفكارَ كي أصطادَها، تهرُبُ منّي، لكنّها تُلاحقُني حينَما آوِي إلى فِراشِي!

o جميعُ الحقائقِ الّتي نهربُ من مواجهتِها نهاراً، تنهالُ علَينا بسياطِها حينَما يُسدِلُ اللّيلُ أستارَه أمامَ أبصارِنا!

o كثيرٌ من أحلامِ الطُّفولةِ الّتي قطفْنَا ثمارَها، نَشْتهي أن تعُودَ أزهاراً؛ كي نشتَمَّ رائحتَها بأنفاسِ الطُّفولةِ!

o المفكِّرُ الّذي يَهيمُ في غرامِ الخيالِ وسكونِ اللّيلِ يقتلُه نقيقُ الضَّفادعِ ونعيبُ الغربانِ.

o هل فكَّر الّذينَ يحملُونَ صكوكَ الغُفرانَ أو الشَّفاعةِ منَ الأرضِ.. أنَّ السَّماءَ ليسَ فيها مَصارفُ ولا وُسطاءُ ولا عُملاءُ؟!

o هل تخيّلَ الّذينَ يُعلِّقُون مفاتيحَ الجنَّةِ على أَجْيادِهم: كمْ حجمُ الأبوابِ الّتي سيفْتحُونَها بمفاتيحِهم؟

o إذا أردْتَ معرفةَ حجمِكَ الحقيقيِّ، فتأمَّلْ ذاتَكَ بعيداً عنِ الموازينِ والمرايَا وأبصارِ الآخرينَ.

o الوحوشُ المفترِسةُ لها أولياءُ، وليسَ لها أصدقاءُ.

o الحكيمُ مَن يُصلِحُ ذاتَه ويمُدُّ يدَ الخيرِ للآخرينَ، أمّا السَّفيهُ فيتمَادَى في ضلالِه، وينشرُ بصماتِ الشَّرِّ في كلِّ مكانٍ.

o الثّيرانُ المسمَّنَةُ ربّما تنجحُ في ممارسةِ النِّطاحِ داخلَ مزرعتِها، لكنَّها ستبوءُ بالفشلِ إذا أَقحَمَتْ ذاتَها في حلَبةِ المصارعةِ.

o كثرةُ التَّأويلاتِ تُشوِّه الحقائقَ الفلسفيَّةَ الكُبرى، كما تُعكِّرُ كثرةُ الدِّلاءِ صفاءَ أمواهِ الينابيعِ العذبةِ!

o الذَّكاءُ والغباءُ ثلاثةُ أنواعٍ:

 ذكاءٌ أو غباءٌ بالطَّبْعِ.

 وذكاءٌ أو غباءٌ بالتَّطبُّعِ.

 وذكاءٌ أو غباءٌ بالتَّطبيْعِ!

o الحذاءُ الّذي يُؤلِمُ أصابعَ قدمَيكَ، قدْ يُصيبُ عمودَك الفِقريَّ بعللٍ دائمةٍ!

o البطاريقُ الّتي ألِفَتْ سواحلَ المحيطاتِ، لا يُمكِن أن تتحوَّل إلى نُوقٍ تُكابدُ قساوةَ الفَيافي!

o يتسابقُ العالمُ إلى إرسالِ سفراءِ النَّوايَا الحسَنةِ بين أشلائِه المتصارعةِ، وليسَ في وجدانِه أيَّةُ نيَّةٍ حسنةٍ!

o أسوأُ أنواعِ اللُّصوصِ: ذلك اللصُّ الّذي يسلبُك جميعَ ما تملكُ، ثمَّ يمُنُّ عليكَ ببقائِكَ حيّاً على قيدِ الحياةِ! 

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في مشاركات الأعضاء

قد يعجبك أيضاً

السّعادةُ والشّقاءُ

يختلفُ مفهومُ السّعادةِ والشّقاءِ باختلافِ المجالِ الفكريِّ والآراءِ والتَّوجُّهاتِ، فنجدُ مفاهيمَ عديدةً تختلفُ بينَ اللُّغةِ والفلسفةِ وعلمِ النَّفسِ والاجتماعِ والدّينِ وغيرِها من مجالاتِ الفكرِ والمعرفةِ…

تعليقات