Skip to main content
search

في الصباح الباكر، و بعد استيقاظها سألتها عن ساعة فراغها اليوم؛ فقد شبّ بي شوق لسماعِ صوتها العذب والهادئ.

  قد مضى لآخر مكالمة هاتفية لنا ستة أيام على التوالي، وأصابني الحنين وهذا كلّ عزائي لأطلب منها هذه المكالمة ؛ وجرى الحديث كالآتي :

 – حبيبتي! 

 – عيونها! 

 – متى سيكون وقت فراغك اليوم؟! 

 – ما الأمر!؟ 

 – لا شيء، فقد اشتقت لحديثك، قد مضى علينا البعض من الوقت لم نتحدث به. 

 – وأنا اشتقت لك كثيرا! حسنا في التمام عندما اتفرغ اليوم سأراسلك. 

 بعدها أنهينا حديثنا كالمعتاد، و تمنيت لها يوما جيدا، و كان الإتفاق على ما بعد الظهيرة، ورحلت ولكن أخذتني معها منذ الصباح، فها أنا وقد بدأت العمل بدأت أفكر في مكالمتنا، ولم أشعر يوما بشعور على هذا القبيل، راودني الكثير من الأفكار التي عصفت في رأسي: كيف سأبدأ الحديث معها، و كيف سيكون حديثنا، ومتى سأجهز نفسي لمكالمتنا! هل ستكون بمجاز سيء أم جيد اليوم، و ماذا سأفعل ان كان مزاجها غير مناسب لمكالمتنا! 

  وتنازلت علي الأفكار والتساؤلات بلا هوادة أو رحمة. 

   تارة أستأنف عملي و تارة يسرقني شرودي تجاهها. 

    وها قد أصبحت الساعة بالتمام 12.34 ظهرا، لماذا انشغل تفكيري اليوم نحو هذه المكالمة على غير نحوه المعتاد!..

    والآن قبل قليل وقبيل صعودي إلى سطح المبنى الذي أعمل فيه؛ شرعت أجهز نفسي لمكالمتنا، بدأت أصفف شعري ووضعت القليل من العطر، ومن ثم غسلت وجهي! ثم توجهت إلى سطح المبنى وقلت في نفسي : علّها تأتي قبل موعدها سأنتظرها .

   وأنا أسير صعودا على الدرج، أصابني ذهول حول ما فعلته: لماذا صففت شعري؟ و لما وضعت العطر، ومن ثم غسلت وجهي!. 

    ليس بيننا لقاء أو ما شابه، أنها مكالمة فقط! 

    ما إن أنهيت تساؤلي حتى ابتسمت وكأن الإبتاسمة تشي عن شيء ما؛ والحقّ أنها تشي عن جواب لتساؤلي! 

أنا سأكون في حضرة الحب، أنا سأكون في حضرتها؛ كما كان موسى في حضرة الربّ، و الأمران سيان. 

و ما فعلته كان لحضرة الحب؛ بل لحضرة حبنا! 

و ها أنا قد جمعت نفسي وذهبت بعيدا لوحدي مستعدا أنتظر منها جوابا.. أنتظر منها حضورا.. أنتظر منها حبّا سرمديّاً، وأتمنى أن لا يتأخر عنّي موعدها أو أن تأتِ قبل موعدها؛ مشتاقاً كما اشتاق موسى لحديث الربّ… 

أرسلت لها رسالة أنتظر منها جوابا فقد حان الموعد، واعتذرت مني لإنشغالها فقلت متهكّما:

هي لم تأتِ ، و قد غابَ عنّي موعدها؛ هذه حال الأقدار دوماً. أيتها الأقدار رضينا بك.. فكوني لنا كما نشتهي .


– مصطفى شحادة 

#من الأرشيف القديم. 

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024