يا صاح قم فاسقني بالكأس إعرابا

ديوان بشار بن برد

يا صاحِ قُم فَاِسقِني بِالكَأسِ إِعرابا

وَلا تُطِع عاقِباً فينا وَعَقّابا

إِنَّ الهَوى حَسَنٌ حَتّى تُدَنِّسَهُ

فَاِطلُب هَواكَ سَتيراً وَاِرعَ أَحبابا

وَاِحفَظ لِسانَكَ في الواشينَ إِنَّ لَهُم

عَيناً تَرودُ وَتَنفيراً وَإِلهابا

لا تُفشِ سِرَّ فَتاةٍ كُنتَ تَألَفُها

إِنَّ الكَريمَ لَها راعٍ وَإِن تابا

وَاِسعَد بِما قالَ في الحِلمِ اِبنُ ذي يَزَنٍ

يَلهو الكِرامُ وَلا يَنسَونَ أَحسابا

جَدُّ اِمرِئٍ جارَهُ مِن كُلِّ فاضِحَةٍ

فَاِنهَض بِجَدٍّ تَنَل جاهاً وَإِكسابا

قَد شَفَّني حَزَنٌ ضاقَ الفُؤادُ بِهِ

وَسَرَّني زائِرٌ في النَومِ مُنتابا

باتَت عَروساً وَبِتنا مُعرِسينَ بِها

حَتّى رَأَينا بَياضَ الصُبحِ مُنجابا

وَقائِلٍ نامَ عَن أَسماءَ شاكِيَةً

لا نَوَّمَت عَينَهُ إِن كانَ كَذّابا

ما زِلتُ في الغَمِّ مِن وِردٍ يُقَلِّبُها

كَأَنَّني فيهِ لا أَلقى لَهُ بابا

بَل كَيفَ أُسقى عَلى الرَيحانِ مُتَّكِئاً

وَقَد تَعَلَّقتُ مِن أَسماءَ أَسبابا

عادَ الهَوى بِلِقاءِ الغُرِّ مِن جُشَمٍ

يَمشينَ تَحتَ الغَمامِ الغُرِّ أَترابا

عُلِّقتُ مِنهُنَّ شَمسَ الدَجنِ أَو قَمَراً

غَدا لَنا لابِساً دِرعاً وَجِلبابا

لا أَشتَهي بِهَواهُ جَنَّةً أُنُفاً

وَلَو تَدَلَّت لَنا تيناً وَأَعنابا

لِلَّهِ دَرُّ فَتاةٍ مِن بَني جُشَمٍ

ما أَحسَنَ العَينَ وَالخَدَّينِ وَالنابا

تُريكَ في القَولِ جَشّاباً وَإِن ضَحِكَت

أَرَتكَ مِن ثَغرِها المَثلوجِ جَشّابا

بَدا لَنا مَنظَرٌ مِنها اِعتَبَرتُ بِهِ

وَشاهِدُ المِسكَ يَلقي الأَنفَ ما غَابا

قَد زُيِّنَت بِالمُحَيّا صورَةً عَجَباً

وَزانَها كَفَلٌ رابٍ وَما عابا

إِذا رَآها نِساءُ الحَيِّ قُلنَ لَها

سُبحانَ مَن صاغَها يُغرِقنَ إِطنابا

كَأَنَّما خُلِقَت مِن جِلدِ لُؤلُؤَةٍ

نَفساً مِنَ العِطرِ إِن حَرَّكتَها ثابا

يَطيبُ مِسواكُها مِن طيبِ ريقَتِها

وَإِن أَلَمَّ بِجِلدٍ جِلدُها طابا

تِلكَ الَّتي أَرجَلَتني بِالهَوى سَنَةً

وَكُنتُ لِلمُهرَةِ الحَسناءِ رَكابا

لَم أَنسَها طالَعَت مِن تَحتِ كِلَّتِها

فَأَعلَقَت عامِرِيّاً بَعدَ ما شابا

يا أَسمُ جودي بِمَعروفٍ نَعيشُ بِهِ

وَلا تَكوني لَنا حَرباً وَأَوصابا

وَاللَهِ أَنساكِ يا أَسماءُ ما طَرَفَت

عَيني وَما قَرقَرَ القُمرِيُّ إِطرابا

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان بشار بن برد، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

جدارية لمحمود درويش

هذا هُوَ اسمُكَ / قالتِ امرأةٌ ، وغابتْ في المَمَرِّ اللولبيِّ… أرى السماءَ هُنَاكَ في مُتَناوَلِ الأَيدي . ويحملُني جناحُ حمامةٍ بيضاءَ صَوْبَ طُفُولَةٍ أَخرى…

تعليقات