Skip to main content
search

وَأَمَرُّ مِن عِلَلي تَخَلّى ناظِري

عَن حُسنِ وَجهِ خَليفَةِ الرَحمَنِ

البَرحُ مِن رَجَبٍ وَمِن تَمّوزِهِ

وَالعَيشُ في آبٍ وَفي شَعبانِ

في حَيثُ أَطلَقَتِ الشِمالُ عِقالَها

وَدَنا الخَريفُ بِقَطرِهِ المُتَداني

ما لِلمُدامَةِ بَعدَ طولِ وِصالِها

صَدَّت صُدودَ مُجانِبٍ غَضبانِ

لاذَت بِحَرِّ القَيظِ فَامتَنَعَت بِهِ

وَتَعَوَّذَت بِالقُربِ مِن رَمَضانِ

فَلَئِن سَلِمتُ لِأَروِيَنَّ صَحابَتي

مِن كُلِّ بِكرٍ في الدِنانِ حِصانِ

حَتّى أَراني كُلَّ مُظلِمِ لَيلَةٍ

بَينَ الصَحيحِ العَزمِ وَالنَشوانِ

لِلشَهرِ أَن تَدَعَ المَلاهي كُلَّها

فيهِ وَإِن كَرُمَت عَلى النَدمانِ

اللَهُ لِلمُعتَزِّ جارٌ إِنَّهُ

جارٌ لَنا مِن رَيبِ كُلِّ زَمانِ

المُصطَفى لِلمُؤمِنينِ خَليفَةً

وَالمُرتَضى لِحِياطَةِ الإيمانِ

مَلِكٌ نَعُدُّ العَفوَ مِنهُ خَليقَةً

وَالعَفوُ خَيرُ خَلائِقَ الإِنسانِ

أَعطى الرَعِيَّةَ سُؤلَها مِن عَدلِهِ

في السِرِّ مُجتَهِداً وَفي الإِعلانِ

وَأَنالَها مِن سَيبِهِ وَنَوالِهِ

أَفضالَ لامُكدٍ وَلا مَنّانِ

جُمِعَت قُلوبُهُمُ إِلَيهِ بِبَيعَةٍ

كانَت شَبيهَةَ بَيعَةِ الرِضوانِ

أُثني بِأَنعُمِهِ الَّتي هُوَ أَهلُها

وَدِراكِ جَدواهُ الَّذي أَولاني

مَن شاكِرٌ عَنّي الخَليفَةَ في الَّذي

أَولى مِنَ الإِفضالِ وَالإِحسانِ

حَتّى لَقَد أَفضَلتُ مِن أَفضالِهِ

وَرَأَيتُ نَهجَ الجودِ حينَ أَراني

مَلَأَت يَداهُ يَدي وَشَرَّدَ جودُهُ

بُخلي فَأَفقَرَني كَما أَغناني

وَوَثَقتُ بِالخَلَفِ الجَميلِ مُعَجَّلاً

مِنهُ فَأَعطَيتُ الَّذي أَعطاني

البحتري

البحتري (205 هجري - 284 هجري): هو أبو عبادة الوليد بن عبيد بن يحيى التنوخي الطائي، أحد أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي. البحتري بدوي النزعة في شعره، ولم يتأثر إلا بالصبغة الخارجية من الحضارة الجديدة. وقد أكثر من تقليد المعاني القديمة لفظيا مع التجديد في المعاني والدلالات، وعرف عنه التزامه الشديد بعمود الشعر وبنهج القصيدة العربية الأصيلة ويتميز شعره بجمالية اللفظ وحسن اختياره والتصرف الحسن في اختيار بحوره وقوافيه وشدة سبكه ولطافته وخياله المبدع.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024