Skip to main content
search

ما لي أُوَدِّعُ كلَّ يومٍ صباحاً

إذ لا تلاقيَ بعدَ طول فراقِ

وأُصارمُ الأَحباب لا عن جفوةٍ

منِّي ولا متعرِّضاً لشقاق

فارقتُهُم ومدامعي منهلَّةٌ

وجوانحي للبين في إحراق

وتركتهم ورجعت عنهم صابراً

حنى كأنِّي لستُ بالمشتاق

أغمَدْتُهم في بطن منخفض الثرى

بيضاً كأمثال السُّيوف رقاق

ولقد سئمتُ العيش بعد وفاتهم

وقطَعت من طمعي بهم أعلاقي

أنَّى تطيب لي الحياة ولا أرى

صحبي لديَّ وأُسرتي ورفاقي

وأرى أحبَّائي يساقطها الرَّدى

من بيننا كتساقط الأَوراق

فارقتُ أذكى العالمين قريحةً

وأجلّها فضلاً على الإِطلاق

وفَقَدْتُ مستند الرجال إذا روت

عنه الثقات مكارم الأَخلاق

قد كانَ منتجعي وشرعة منهلي

ومناط فخري وارتياد نياقي

كانت له الأَيدي يطوِّقني بها

منناً هي الأَطواق في الأَعناق

ولقد أقولُ له وقد شيَّعته

يوم الرَّحيل بمدمعٍ مهراق

أين الذهاب وعمَّ تؤخذ بعده

غرر الكلام وحكمةُ الإِشراق

قد طبتَ حيًّا في الرِّجال وميِّتاً

يا أطيب الأَفراع والأَعراق

فسقاك صوب المزن كلّ عشيَّة

متتابع الإِرعاد والإِبراق

أفنَيت في هذا المصاب تصبُّري

حزناً وما أنا إذ مضيت بباق

لا بدَّ من شربي كؤوس منيَّة

طافت عليك بها أكفُّ السَّاقي

رزءٌ أصيبَ به العراق فأرِّخوا

رُزِءَ العراقُ بموتِ عبد الباقي

عبد الغفار الأخرس

عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب الأخرس، هو شاعر عراقي معروف في أوساط بغداد الأدبية، وأصله من مدينة الموصل، وولد في عام 1218هـ /1804م، كان شعره يتميز بالسمو والرقة، وارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.

Close Menu

جميع الحقوق محفوظة © عالم الأدب 2024