لمن طلل أسائله

ديوان أبو العتاهية

لِمَن طَلَلٌ أُسائِلُهُ

مُعَطَّلَةٌ مَنازِلُهُ

غَداةَ رَأَيتُهُ تَنعى

أَعاليهُ أَسافِلُهُ

وَكُنتُ أَراهُ مَأهولاً

وَلَكِن بادَ آهِلُهُ

وَكُلٌّ لِاعتِسافِ الدَه

رِ مُعرِضَةٌ مَقاتِلُهُ

وَما مِن مَسلَكٍ إِلّا

وَرَيبُ الدَهرِ شامِلُهُ

فَيَصرَعُ مَن يُصارِعُهُ

وَيَنضُلُ مَن يُناضِلُهُ

يُنازِلُ مَن يَهُمُّ بِهِ

وَأَحياناً يُخاتِلُهُ

وَأَحياناً يُؤَخِّرُهُ

وَتاراتٍ يُعاجِلُهُ

كَفاكَ بِهِ إِذا نَزَلَت

عَلى قَومٍ كَلاكِلُهُ

وَكَم قَد عَزَّ مِن مَلِكٍ

يَحُفُّ بِهِ قَنابِلُهُ

يَخافُ الناسُ صَولَتَهُ

وَيُرجى مِنهُ نائِلُهُ

وَيَثني عِطفَهُ مَرَحاً

وَتُعجِبُهُ شَمائِلُهُ

فَلَمّا أَن أَتاهُ الحَق

قُ وَلّى عَنهُ باطِلُهُ

فَغَمَّضَ عَينَهُ لِلمَو

تِ وَاستَرخَت مَفاصِلُهُ

فَما لَبِثَ السِياقُ بِهِ

إِلى أَن جاءَ غاسِلُهُ

فَجَهَّزَهُ إِلى جَدَثٍ

سَيَكثُرُ فيهِ خاذِلُهُ

وَيُصبِحُ شاحِطَ المَثوى

مُفَجَّعَةً ثَواكِلُهُ

مُخَمَّشَةً نَوادِبُهُ

مُسَلَّبَةً غَلائِلُهُ

وَكَم قَد طالَ مِن أَمَلٍ

فَلَم يُدرِكهُ آمِلُهُ

رَأَيتُ الحَقَّ لا يَخفى

وَلا تَخفى شَواكِلُهُ

أَلا فَانظُر لِنَفسِكَ أَي

يَ زادٍ أَنتَ حامِلُهُ

لِمَنزِلِ وَحدَةٍ بَينَ ال

مَقابِرِ أَنتَ نازِلُهُ

قَصيرِ السَمكِ قَد رُصَّت

عَلَيكَ بِهِ جَنادِلُهُ

بَعيدِ تَزاوُرِ الجيرا

نِ ضَيِّقَةٍ مَداخِلُهُ

أَأَيَّتُها المَقابِرُ في

كِ مَن كُنّا نُنازِلُهُ

وَمَن كُنّا نُتاجِرُهُ

وَمَن كُنّا نُعامِلُهُ

وَمَن كُنّا نُعاشِرُهُ

وَمَن كُنّا نُداخِلُهُ

وَمَن كُنّا نُفاخِرُهُ

وَمَن كُنّا نُطاوِلُهُ

وَمَن كُنّا نُشارِبُهُ

وَمَن كُنّا نُؤاكِلُهُ

وَمَن كُنّا نُرافِقُهُ

وَمَن كُنّا نُنازِلُهُ

وَمَن كُنّا نُكارِمُهُ

وَمَن كُنّا نُجامِلُهُ

وَمَن كُنّا لَهُ إِلفاً

قَليلاً ما نُزايِلُهُ

وَمَن كُنّا بِلا مَينٍ

أَحايِيناً نُواصِلُهُ

فَحَلَّ مَحَلَّةً مَن حَلَّ

ها صُرِمَت حَبائِلُهُ

أَلا إِنَّ المَنِيَّةَ مَن

هَلٌ وَالخَلقُ ناهِلُهُ

أَواخِرُ مَن تَرى تَفنى

كَما فَنِيَت أَوائِلُهُ

لَعَمرُكَ ما استَوى في الأَم

رِ عالِمُهُ وَجاهِلُهُ

لِيَعلَم كُلُّ ذي عَمَلٍ

بِأَنَّ اللَهَ سائِلُهُ

فَأَسرَعُ فائِزٍ بِالخَي

رِ قائِلُهُ وَفاعِلُهُ

Recommend0 هل أعجبك؟نشرت في ديوان أبو العتاهية، شعراء العصر العباسي، قصائد

قد يعجبك أيضاً

ألم تر أن الجهل أقصر باطله

أَلَم تَرَ أَنَّ الجَهلَ أَقصَرَ باطِلُه وَأَمسى عَماءً قَد تَجَلَّت مَخايِلُه أَجِنُّ الهَوى أَم طائِرُ البَينِ شَفَّني بِجُمدِ الصَفا تَنعابُهُ وَمَحاجِلُه لَعَلَّكَ مَحزونٌ لِعِرفانِ مَنزِلٍ…

تعليقات